لم تسلم الطبقة المتوسطة في الاتحاد الأوروبي من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تركت العديد منهم دون عمل، وحرمتهم من تأمين أبسط متطلبات الحياة لعائلاتهم. فالكثير منهم أصبح دون مأوى لعجزه عن تسديد ديونه وأصبحوا يعيشون على ما تجود به الجمعيات غير الحكومة من مأكل ومشرب وملبس. وحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين، فالأزمة الحالية ولدت نوعا جديدا من الفقراء المنحدرين من الطبقة المتوسطة والذين أصبحوا مهددين بالعيش تحت خط الفقر. هم أناس فقدوا مورد عيشهم وصاروا بين ليلة وضحاها من الفقراء بعد أن كانوا ينعمون بمسكن، ويتوفرون على سيارة تقلهم إلى مقر عملهم ويخططون في بداية كل عطلة للسفر إلى أحد المنتجعات السياحية للترويح عن أنفسهم. فدوام الحال من المحال ولا أحد منا بمنأى عن تقلبات الدهر .وأعرب الكاتب العام لمنظمة كاريتاس أوروبا، خورخي نونيو، التي تنشط في مجال محاربة الفقر و الإقصاء الاجتماعي عن أسفه على الوضعية المزرية التي يعيشها عدد غير هين من سكان الاتحاد الأوروبي، وأضاف أن " الذين كانوا يتبرعون بالأمس للجمعية ،أصبحوا اليوم من المستفيدين الرئيسيين من خدماتها" . فحسب إحصاءات صادرة عن الاتحاد الأوروبي، فقد بلغ في عام 2007 عدد الأشخاص المهددين بالفقر إلى 85 مليون أي 17 في المائة من عدد السكان، ليتضاعف في 2009 إلى 115 مليون شخص بفعل الأزمة الاقتصادية. وحسب خورخي نيونيو " فاليونان، بالإضافة إلى اسبانيا وإيرلاندا تتصدر قائمة الدول المتضررة من الأزمة، لكنه أكد كذلك على أن هناك دولا أخرى مثل فرنسا و ألمانيا وأستراليا لم تسلم بدورها من تداعيات الأزمة." ولا تبدو الأمور بالجيدة في المملكة المتحدة حيث تحدثت منظمة جون رونتري عن تزايد عدد الأطفال الفقراء فيها، في حين تبدو الحكومة عاجزة عن أداء واجبها تجاه تلك الفئة المستضعفة من المجتمع. وأوضح الباحث في علم الاجتماع بول ماري كلوز" أن نسبة فقر الأطفال تضاعفت بشكل كبير فواحد من بين أربعة أطفال يعاني من الفقر في إسبانيا". عجز عن تسديد الديون، فقر وعوز وعدم القدرة على توفير أبسط متطلبات الحياة.. هي السمات البارزة للمجتمع الأوروبي للقرن 21 . (*) صحافية متدربة