ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي : هناك من يطلب مني المستحيل، والناقد السينمائي لا يحتاج إلى جمعية

قبل سنتين ، كان ل«الاتحاد الاشتراكي» حوار مع نور الدين الصايل، المدير العام للمركز السينمائي المغربي، تحدث خلاله عن مشروع السينما المغربية، عن الأسئلة المطروحة على هذا القطاع، وعن الانتظارات لإعادة الاعتبار الذاتي للسينمائي المغربي، والاعتراف بأن كل المنتوجات السينمائية المغربية لها كيان وتحترم كمجهود واستثمار.. ، وأن من المستحيل أن هذه الصناعة السينمائية المغربية الناشئة، التي يعمل الجميع على بلورتها على أرض الواقع، أن لا يكون للمغرب كيانه السينمائي..
ومن المستحيل، كذلك، في ظل الاستثمارات التي تمت والطموح الذي يميز المغرب على أعلى مستوى، بأن لا ينجح في التنمية السينمائية.
في هذا الحوار كما نشرته «الاتحاد الاشتراكي» ، لامس فيه الصايل العديد من المخططات التي تشغل تفكيره، حقق جزءاً منها خلال السنوات التي قضاها على رأس إدارة المركز السينمائي المغربي..
واليوم، نعود للقاء والمحاورة معه من جديد، حيث نجده مصرا على أن يكون حديثه معنا مؤسسا على تفكير طموح يبقي على تفاؤله تجاه السينما المغربية، يرفع الكلفة في حديثه مع التاريخ، يتجه إلى أصحاب القاعات السينمائية بعتاب صريح، يبدي رأيه في واقع النقد السينمائي، ويجادل من يجادله.. وكما وجهناه بأسئلة مباشرة ، تلقينا منه أجوبة مباشرة وواضحة.
وبشفافية متوزانة، جاء الحوار حول سؤال الكم والكيف الذي يحيط بالانتاج السينمائي، مكانة المهرجانات، التحولات السياسية والمجتمعية التي يعرفها راهن المغرب..
وليس من قبيل تضخيم الشأن، القول إن لا شيء يحصل في سينما المغرب من دون أن يكون للصايل علاقة به سواء من قريب أو من بعيد.
ففي مفكرة الصايل، ثمة مخططات أخرى، تحقق جزءا منذ سنة 2003 التي ترأس خلالها المركز السينمائي المغربي، إذ جعل السينما المغربية تهب هبة كبيرة ومثيرة تضايقت منها بلدان عربية كثيرة لديناميتها المفاجئة غير المسبوقة. أنتجت له خصومات، كما جعلت كل تحركاته مرصودة من طرف المتتبعين والسينمائيين والمهنيين..، بما فيها منتقديه..
ونعتقد أنه لا يزال هناك مشوار سينمائي طويل أمام المغاربة، لكن على الأقل هناك نموذج إنتاجي رصين ، يمكن البناء عليه من الآن وصاعداً وبلورته. باختصار، التجربة المغربية جديرة بالاعتراف، كما هي جديرة بالمناقشة والحوار الجاد الذي يخدم السينما في المغرب.
فمع استراتيجية الصايل، باتت سينما المغرب تمر في مرحلة تاريخية ، لذا يجب ضبط أصولها حتى لا يكون بناؤها مشوها.
نور الدين الصايل، مجموعة رجال في رجل واحد: ناقد سينمائي وأستاذ فلسفة ومدير تلفزيون سابقاً، ها نحن نراه اليوم يهتم بمهرجانين، الأول بطنجة حيث يساير السينما الوطنية، والثاني بمراكش حيث يرافق المشاهير. الأول نقيض للثاني. وبين هاتين المهمتين، يدير مركزاً سينمائياً بات مرجعاً، وإليه يعود الفضل الأكبر في رفع عدد الأفلام المغربية المنتجة مابين 15 و 20 فيلما سنويا، ووعد بالأكثر في السنوات اللاحقة..
هذا نص الحوار الذي أجراه مع «الاتحاد الاشتراكي»:
المعروف على الأستاذ نور الدين الصايل، أنه لا يتكلم بدون مناسبة ولا يصرح كثيرا، من خلال هذا الحوار أدعوه الى أن يعطينا إجابات صريحة حول العديد من المواضيع التي أثيرت وظلت بدون جواب، منها الفيلم الذي رشح لتمثيل المغرب في مهرجان «كان»، أفلام فرنسية حصلت على الدعم.. ، ما تصريحكم بخصوص كل هذا؟
الانسان إذا كان له رد أو بلاغ صحفي، يكون على أمور وقضايا كبيرة. أما إذا من الضروري البحث عن الجواب، الفيلم الذي مثل المغرب بمهرجان «كان»، صور بأكمله بالمغرب وإنتاجه بالكامل تم بالمغرب بإنتاج مشترك ما بين فرنسا والمغرب، رغم أن المساهمة المغربية كانت ضئيلة لمؤسسة «أكورا فيلم» ، والفضل يعود بالأساس لسيدتين موجودتين على رأس إدارة «أكورا فيلم»، اللتين ساهمتا في جلب أفلام جميلة للمغرب و ساهمتا فيها. إذن، هناك مساهمة للمغرب، من خلال شركة «أكورا فيلم»، وهي مساهمة خاصة بالشركة وليس بالدولة، وبالتالي لن تستفيد من التسبيق.
المخرج رادو، الذي أخرج الفيلم، بعدما صور الفيلم بالمغرب لبضعة أشهر، تعامل خلالها مع الممثلين والتقنيين المغاربة، ومع فضاء مغربي، ولما طلب بأن يسجل الفيلم باسم المغرب في المهرجان، اعتبر طلبه بكونه طلبا جميلا، ويشرفه بأن يسجل هذا الفيلم باسم المغرب كهدية له، لأن الفيلم، وكما يعتبره، صنعه معه مغاربة، وبالتالي من حقه، بما أن هناك قسطا صغيرا من الانتاج المغربي، أن يسجله بمهرجان «كان» على أنه فيلم مغربي، حيث اتصل بي شخصيا، وتم قبول هذا الفيلم بالمهرجان ومثل المغربا حيث لم يكن عندنا أي فيلم مسجل في المسابقة، وهذا في اعتقادي تصرف جميل من طرف شخص يردّ الاعتراف للمغرب، فقط هذا ما في الموضوع من تفاصيل.. وبالتالي لا يمكن القول إلى هذا الشخص، الذي تقدم بكيفية مهذبة، لقول «شكرا للمغرب» أي شيء. وهنا أتذكر المخرج أورسون ويلز، سنة 1952 الذي قال بدوره «شكرا للمغرب» لما صور فيلمه بالصويرة. وهذا، كل ما في الحكاية. كما كان عندنا فيلم مغربي آخر، وهو فيلم «على الحافة» لليلى الكيلاني ولم يتحدث عنه كثيرا، الذي هو فيلم مغربي بإنتاج مشترك مع فرنسا، ولكن الأغلبية للمغرب على مستوى الانتاج، الذي تم اختيارهم ضمن فقرة «نصف شهرية المخرجين» التي تعد من الأركان الممتازة ضمن فقرات مهرجان «كان».
المغرب، بدأ ينجح في أمور أفلامه، ولكن نظل وكأننا كتلك البلدان التي توجد في القارة الافريقية أو العربية التي تنتج فيلما واحدا كل أربع سنوات. وأنا هنا لا أطلب كل مرة أن تكون هناك تصفيقات، بل أن تكون هناك موضوعية، لأن هذا نحققه سنويا، وبأن المغرب يساهم في أكثر من 70 مهرجانا دوليا، لأن له هذه الطاقة المتدفقة لانتاج الأفلام.
وبالمقارنة مع الدول المجاورة لنا مثل: الجزائر، سوريا.. أين هي مساهمتهم، حيث تجد فيلما واحدا يجول كل العالم لمدة أربع سنوات، وهذا ليس انتقادا مني، بل انتقد كون هذه الدول لم تع ، بأن الدولة لابد لها أن تساعد السينمائيين. ونحن وعينا بهذه القضية منذ بضعة سنوات، والفضل يعود للدولة المغربية وصاحب الجلالة الذي يعطي أهمية، ولا أعني هنا السينما، وإنما صورة وإشعاع المغرب. والمقصود بهذه الفكرة الأساسية الاشعاع الثقافي، وبالتالي كل مغربي لابد له أن يكون واعيا بها.
أعطني سينما واحدة على مستوى العالم التي تنتج كمية من الأفلام والتي تعادل كمية الروائع «يا لله أسيدي بسم الله»، فأنا أشاهد الأفلام سنويا، سواء على مستوى مهرجان مراكش أو غير ذلك.. إذن، أعطوني دولة واحدة جميع أفلامها تعد من الروائع. فإذا ما أخذنا فرنسا التي تنتج 220 فيلما، اسبانيا 150 فيلما، الارجنتين 120 فيلما ، ألمانيا 200 فيلم، الولايات المتحدة 550 فيلما، الهند 2000 فيلم، كوريا الجنوبية 120 فيلما ، والتي أعتز بمنتوجها السينمائي.. هل كل هذه الأفلام التي تنتجها هذه الدول، تعد كلها من الروائع؟ .. هذه قضية، غير واردة على الاطلاق، هذا كلام يسمى في الفكر العربي القديم ب «الكلام التعجيزي».
إذن، المغرب ينتج ما بين 20 و25 فيلما سنويا، هل هذا واقع أم لا؟ إنه واقع.. وإذا ما حاولنا رؤية هذه «الاشكالية» من الزاوية الحسابية نجد أن هذه العلاقة ما بين العدد الاجمالي والعدد الفرعي الذي يعد مهم جدا، في نظر البعض، أن النسبة قد تكلف 5 في المائة على أحسن تعبير، سواء على مستوى الكتابة أو من الناحية التجارية. هذه السنة، شاركت في المسابقة الرسمية للمهرجان 23 فيلما، منهم 3 من المغرب الواسع لمخرجين من كندا، فرنسا و20 من داخل المغرب..إذن سيكون الانسان مكفوفا تماما، إذا لم يشاهد أنه في هذه الأفلام العشرين، هناك على الأقل خمسة أو ستة أفلام التي بدون نقاش أفلام في مستوى أكثر من مقبول.
بحيث إذا استطاعت هذه الأفلام ل 20 بأن تقدم لك 6 أفلام جيدة، وهنا دون احتساب 6 أفلام أخرى التي هي في مستوى التطور، و5 أفلام أخرى لمخرجين مبتدئين، تظهر أن لهم طاقة فنية جيدة، والباقي يمكن اعتبارها أفلام ضعيفة.. هذا كله، لا يمكن للإنسان أن يخفي وجهه ويختبئ وراء أمور واهية، لابد من النظر الى الأمور بواقعها، وبتحليل وتشخيص منطقي.
ولماذا نقدم جميع الأفلام بدون التستر عن بعضها، لأننا نريد من كل المعنيين من مهنيين وممثلين وتقنيين ونقاد وأعلام أن يشاهدوا منتوج هذه الأفلام، والوقوف على الإمكانيات الإبداعية والفنية والسينمائية التي قدمتها، حتى نناقشها بكل صراحة..
كما أنه كان من الممكن، أن نخبئ بعضها، لكن استراتيجية المركز السينمائي المغربي، التي هي كونها قرارات المركز ، وهي «ما تْخَب تَاحَجة» ، والكل يجب أن يقال في الساحة بكل وضوح وشفافية، لهذا لاداعي للكلام غير المجدي، والنقاش مفتوح وهَادْ شِي لِي كَينْ. وروح كُونْه القرار المغربي، الذي أعرفه، منذ 2000 - 1999 إلى الآن، كفى من المرواغات و«لِي عندُو ما يكولْ يكولُو» . ونحن نقول هذا، لكن هناك أناس يصرون على القول بأن هناك تبذيرا للأموال العمومية، لماذا كل هذا الكلام ، وأن هناك لجنة للدعم التي تشرف على دعم الأفلام بكل شفافية ووضوح، وهنا أتساءل هل اللجنة التي كان يرأسها عبد اللطيف اللعبي أو أحمد بوكوس أو محمد العربي المساري.. كانوا يساهمون في تبذير المال العام. هذا كلام صبيَانِي. ويمكن للجنة أن تخطئ ككل اللجن المتواجدة بالعالم ، ولكن من غير الممكن أن تُحرَّم جميع مواقفها وتضعها في زاوية الحرام. هذا كلام بِدائي، كلام صبياني، كلام لامسؤول ، لأنه إذا أردنا أن نخوض في نقاشات لابد أن تكون هناك نقاشات حقيقية، وليست وهمية، التي تعطي مقاصد وشهوات ورغبات التي لا وجود لها.
لنتحدث بكيفية موضوعية، وكفانا من الأوهام التي تعطي لبعض الناس شبه مواقف مفكرين، وهي في الحقيقة ليس هناك مفكرون «ولاَ هُمْ يَحْزنون»، هذا كلام فارغ.
في هذا السياق، أسألك، ألا تعتقد أن هناك نقدا ظاهرا وآخر باطنا، وبأن السينما المغربية مستهدفة.. وبعبارة أخرى أن الاستراتيجية التي يشتغل وفقها المركز السينمائي المغربي مستهدفة؟
أنا لا أظن بأن السينما مستهدفة، لأنني أصلاً بكيفية قطعية، أنا لا أعيش حالة «الباناروية» ، بحيث عندما أنظر بأن هناك انتقادات، آخذ بعين الاعتبار الانتقاد الذي يبدو لي جديا، ولا أعطي أية قيمة للكلام الفارغ و«تْبَرْكِيك» وباقي الكلام الفارغ. ولكن عندما أقرأ شيئا جديا وتحليلا منطقيا، و هذا موجود بالمغرب، فهناك أقلام مغربية جدية، التي لا تستهدف الأشخاص وتتطرق إلى القضايا الذاتية، وبالتالي كيف يمكنني أن أتبنى تحاليل وكُتّابها لا يفهمون أي شيء في السينما. ولكن هناك أسماء تسمع وتقرأ تحليلاتها، ويبقى لك الاختيار إما أن أتفق أو لا أفق معها. وهذا يعني، على الأقل، كوني أنصت لأي شخص، معناه أن هناك قيمة لكلامه. ولهذا فأنا لا أحس بهذه «الباناروية»، وبأن السينما مستهدفة. أنا أحس بأن هناك، إما فئات، أو أفرادا يعيشون أزمات أو إحباطات أو أهدافا وهمية بالمطلق، يتصورون أشياء لعدم قدرتهم على التحكم في الواقع. وأنا أفهم أن هناك من يطلب منك المستحيل ولكن لا يمكنني القيام بالمستحيل.
ولكن معالجة الاشياء الواقعية، في واقع معيش، أنا أدركه وأعرفه، وهذا يتطلب الوسائل والوقت، وبالتالي هذا التراكم الذي وصلنا إليه على مستوى الأفلام، لم نحققه في أول وهلة، بل تطلب ذلك الوقت سنوات، وبالتالي هذا الواقع والتعامل معه صعب، ولكن إذا كانت هناك استمرارية ومواظبة وإيمان وأهداف، وننسى الاهداف الهامشية لكي نحقق الاساسية، يعني هذا أنه «ليسَ ذلك بِعزيزْ». والأشياء الذاتية لا أعطيها قيمة، والتي هي في الأصل أكبر وأضخم من ماهي، لأنها في الأصل تُنفس وتُعبر عن نوع من الإحباط إما شخصي أو جماعي لفئة معينة.. ولما تنظر إلى نفس هؤلاء الناس يحققون نجاحا نسبيا في فيلم ما أو غيره تتغير مواقفهم. إذن، فهذا لا يستدعي التوقف عند مثل هذه الأمور.
هل أنت راض عن منجز السينما المغربي؟
هذا السؤال فيه بعدان، هناك بعد شخصي وآخر يتعلق بمسؤول عن القطاع السينمائي بالمغرب. ففي الشق المتعلق بي كمسؤول عن المركز والطاقم الذي يشتغل معي بالمؤسسة، ولي الشرف أن أشتغل مع طاقم يعمل بإخلاص متناهي، حيث وضعت أهدافا واقترحت على المجلس الاداري، هذا المجلس الذي يناقش ويصادق وفق منهجية عمل واضحة وقانونية، حيث نتمكن من الوصول الى أهدافنا.
أما عن كوني مسؤول عن المؤسسة رفقة الطاقم الذي يشتغل معي، فأنا راض عن الأمور التي حققناها، والأخرى التي ستحقق، والأمور التي هي في طور الانجاز.. إذن، هذا المنجز لا نقاش فيه.
أما فيما يخص الشق الثاني، المتعلق بي شخصيا، كإنسان له تاريخ وتكوين واهتمامات وقراءات وإبداعات، هل أنا راض؟، أقول، غير راض الى الدرجة التي أريد أن أصل إليها، ولكن كوني أعيش حالة من السرعة التي هي يمكن أقول عنها أقوى بكثير من الواقع الذي يصاحبني. فأنا لا أجعل من الواقع هو المسؤول عن عدم اتباع السرعة التي أريدها، أقول ان هذا هو الواقع. لهذا، من الأفضل، النظر الى ذلك الواقع والعمل على جعله يتماشى بأقل بطء إذن بأكثر سرعة، وبأقل تبذير وأكثر نجاعة. وهذا عمل يومي لإنسان يسعى لأن يتساوى مع الواقع. وإذا كانت الأمور بيدي من خلال امتلاكي ل «عصا موسى» ستكون كل هذه المشاريع قد تحققت.
ومن وجهة نظري، ليست كل الأمور التي حققناها كافية، ولكن أحاول أن تكون هذه الإرادة الشخصية، سبّاقة عن المستوى الذي يسمح به الواقع وإلا سأكون لا أتقدم ، ورائد لحركة، على أن أصبح أنا وراء القاعدة. وأعتبر نفسي، بعد موافقة الطاقم الذي يرافقني، بأنني اتجه نحو الأمام وأصطحب معي الناس. وأنا لست من النوع الذي يتوقف إحصائيا وراء ما تريده العامة، وأنا في الوراء أظل ذلك الانسان التابع. وأعتقد، بعدما نتفق بكيفية واضحة مع كل الطاقم المنكب معي في الموضوع، وبعد أن أتوصل بالثقة لتطبيق ما اتفقنا عليه آنذاك انطلق واتخذ الأمور بالجدية المطلوبة، والأهداف التي نطرحها لنصل الى مستوى تحقيقها.
في هذا السياق، ومن وجهة نظرك، هل حان الوقت للقول لبعض الأشخاص أن يبتعدوا عن السينما ؟
من الممكن، وأنا أفهم تساؤلك، والممكن أن الوقت حان، وليس أنا من سيقولها لهم، لأنني أحترم ذكاء الآخر، وأعتبر أنه من الذكاء أن على الانسان أن يفهم، بأنه من الأحسن له أن يبتعد عن الميدان. لأنني لدي الثقة في ذكاء البشر، وفي بعض الاحيان أتساءل لماذا هذا الذكاء لا يسمح لهؤلاء الناس، بأن يقولوا لأنفسهم من الأحسن، «نمْشِيوا نْديرُو شِي حاجَة أخْرى» . وهذه من المستحيلات التي لا يمكنني أن أقول.
في نفس السياق ، ألم يحن الوقت، كذلك لتوقيف بعض المهرجانات؟
لا، هذه قضية أخرى، فالمهرجانات المتواجدة حاليا، أعطيت لها الوسائل والمساعدات، حيث هناك مهرجانات برهنت على كيان حقيقي لها، والذي سيتوطد، وفي المقابل هناك مهرجانات أظهرت أنه مازال هناك العديد من الاختلالات، تستدعي منها أن تعيد تشكيل نفسها، وكيف يمكن لها أن تفكر من جديد، بدون أن يكون هناك ثلوت شبه ثقافي لايصلح لأي شيء. ويظهر لي، أنه خلال هذه السنة الحالية، وبعد آخر اجتماع للمجلس الإداري للمركز، اتفقنا على خطة عامة لتنظيم المهرجانات، تنبني على خططات عامة وتصور للمهرجانات، والتي تعني أنه عدم التطابق مع هذه الخطاطة العامة، سيجعل من بعض المهرجانات في موقع حرج، لهذا يجب عليها أن تبرهن على أنها كيان حقيقي.
وبالفعل ملاحظتك في محلها، ولكن أقول مساءلة أخرى، وهي أن ظاهرة المهرجانات، ظاهرة صحية جدا، لأن هي التي توصل ليس فقط الخطاب الفرجوي، بل توصل كذلك خطاب حب السينما والمعرفة من داخل السينما على شكل ما كانت تقوم به الأندية السينمائية في السعبنييات. إلا أن البعد الصحي لهذه الظاهرة، يجب أن يرتفع ويتوطد إلى البعد الاحترافي للتنظيم، وهذا هو المطلوب في الخطاطة العامة التي سطرها المركز السينمائي المغربي.
تشكل الجمعيات ذات الطابع السينمائي النقدي ، في نظركم هل نحن أمام «بلقنة» أو تنظيم من نوع آخر للمشهد النقدي السينمائي المغربي؟
يظهر لي بكيفية عامة، بأن الناقد السينمائي الجدي والمبدع لا يحتاج إلى جمعية. فالنقد عملية فردية كالكتابة، كونك تكون كاتبا مقتدرا، كنت أو لم تكن في جمعية للكُتٌاب، لا يضفي عليك أية صفة زائدة، أي هذا لا يعطيك قيمة مضافة. لهذا، يجب أن نميز بين مجموعة من الأمور، فإن كان هناك ناقد، في أغلبية الأحيان يعبر عن تواجده بقلمه وفكره وقيمة تواجده في الساحة الثقافية، لأنه يكتفي بذاته وذكائه ونظرته الى الفيلم وبتحليله وبانتاجه.
والناقد بطبيعته منتج، أما إذا أردنا بكيفية أخوية، عاطفية، يطبعها النقاش والحوار، أن يؤسس إطار جمعويا من أجل الدفاع عن بعض المصالح الاجتماعية وتنظيم مهرجانات أو توجيه دعوات.. ، في المقابل هناك أفراد، غير محتاجين للجمعيات.
ومن جهة ثانية، كون مجموعة من الناس ينتمون إلى نفس المهنة ويقررون تأسيس إطار، يؤسسون مكتبا، ويبحثون عن انخراطات.. كل هذه العملية صحية، لأنها ستعمل على الدفاع عن بعض المصالح الجماعية التنظيمية المحضة.
أما إذا كانت لنا جمعية أو جمعيتان أو ثلاث، هذا الشيء لا يزيد، ولا ينقص في ذكاء الانتاج النقدي في المغرب. وأنا أتوقف عند الحد .. وبالتالي، كانت هذه الجمعيات بالكثرة أو واحدة، أو وحيدة وموحدة، بالنسبة لي ليست لها أية علاقة على المستوى النقدي في المغرب. والمشكل ليس في عدد الجمعيات أو النقاد، بل المشكل الحقيقي هو كم عدد النقاد الذين هم في المستوى بالمغرب، والذي يمكن أن تثق فيهم، وهذا مشكل آخر..
فيما يخص آداء لجنة الدعم ألم يحن الوقت التفكير في وجهة نظر أو استراتيجية أخرى للعمل، لأنه بقدر ما تتقدم السينما المغربية بقدر ما الأمور تتضح أكثر؟
هذا أكيد، لأنه لا يمكن أن تكون هناك طريقة وحيدة في التعامل مع الانتاج والتسبيق، وتظل أزلية إلى الأبد ، لأنه بتطور الواقع المعيشي للسينما، تتطور كذلك الميكانيزمات الخاصة بالمساعدة من أجل استيعاب كل الانتاجات. حيث، قد نستنتج، مثلا، بعد سنة أو ثلاث سنوات، بأن هذه اللجنة يمكنها أن تتفرع، على الأقل، إلى لجنتين، وهنا يحضرني النموذج الفرنسي، حيث هناك مجمع لا يهتم إلا بالأفلام الأولى والثانية، ومجمع آخر يهتم بأفلام السينمائيين الذي لهم كيان سينمائي. وهذا الاقتراح سيكون واردا بعد سنة أو سنتين، فالتطور مفروض من داخل البنية الخاصة بلجنة التسبيق، ولكن تطور هذه اللجنة، إذا أردنا له أن يكون إلى الأحسن، لا يجب أن يكون قرارا إداريا، بل الواقع المعيشي للتطور السينمائي هو الذي سيلزم تصورات هذه اللجنة المستقبلية، ويظهر لي أننا نسير في اتجاه هذا المنحى، فلا يجب أن تكون لدينا أفكار مسبقة عن الكيفية التي يجب أن تكون عليها اللجنة ليكون هناك انتاج، بل ما هي نوعية اللجن التي يتطلبها الانتاج على ما هو عليه اليوم.
وهنا أقول، أنه في مدى أقصاه سنتان، سيكون من الضروري، إعادة بناء هذه اللجنة، لكي تكون أكثر نجاعة في معايشة المنتوج السينمائي.
أخيرا، الأستاذ الصايل، بعد الدستور الجديد وتعيين الحكومة الجديدة، كثر الحديث عن الحرية والإبداع عموما .. في مقاربة لكل هذه القضايا والمواقف.. وخاصة أن هذه المرحلة لا تحتاج إلى شعارات سياسية ، بماذا ترد؟
مقاربتي لهذا الواقع، هي مقاربة بسيطة جدا، لأنه الأخطر ما يمكن أن يكون عندنا في المغرب، هو العيش بواسطة الشعارات، والديماغوجية والشعبوية، هذه أخطار مطروحة على المغرب، وكانت دائما مطروحة. بحيث أن أكثر شيء يهدم منطق التطور ورغبات الناس، وأحلامهم، هو أنك تواجه الواقع الحقيقي، بالشعار والشعبوية والديماغوجية، لأنها غير ناجحة وغير ناجعة على الاطلاق، حيث حتى إذا نجحت في تجربتك عن طريق هذا المنطق لمدة سنة أو سنتين، الواقع يثبت، طال الزمن أم قصر، كل الثقة التي حققت تكون بدون جدوى.
وإذا كانت الفئة السياسية تعيش بمثل هذه الميكانيزمات، سنفهم بأنه في مرحلة معينة لن تعود هناك ثقة في الطبقة السياسية ككل، وهذا خطر. لهذا، يظهر لي، أنه كيفما كان تتابع المسؤولين والحكومات فالواقع هو قائم ويتحرك. أما فيما يخص التطور، الذي يهم القطاع السينمائي، الذي أشرف عليه، فهو قائم وحقيقي.
الآن، هذه التناولات المتواجدة في البنية العُلْوِيَة، إما أن يُنسجم مع هذا الواقع المتطور، حتى يتحكم فيه إلى ما هو أحسن، ففي هذه الحالة سيكون هذا الحاكم له ذكاء تاريخي يتماشى مع الواقع كما هو ويدفعه في اتجاه الأحسن، وإما سنظل نحارب ذلك الواقع، أو نقترح عليه حلولا، ستبقى عبارة عن شعارات، وبالتالي ستضيع الفرصة عنك من خلال فترة الحكم التي تعيشها.
لهذا، يظهر لي، بأن الإنسان أولا، لابد له أن يظل مفتوحا على الأمل والتفاؤل والإيمان بمواطنتك، والأهداف التي هي أعلى من الذات الفردية أو الجماعية، هي المصالح الحقيقية للدولة على المدى الطويل، التي هي مطروحة وبكيفية واضحة. بالفعل هناك مشاكل كالهوية وغيرها، ولكن ليس هناك مفهوم أُحادِي المعنى والاتجاه، وحتى لا نظل نخادع بعضنا البعض، لابد من النقاش والحوار الذي قد لا نتفق حوله، ولكن سنكون على الأقل قد فهمت اتجاهك وفهمت اتجاهي. ولكن لابد أن نفهم، أنه لايجب أن نستعمل ألفاظا هي نبيلة جدا كالهوية والثقافة، كأنها بمثابة الشتم، بل هي وصف لحالة وتحليل. والمطلوب منا، الدخول في مرحلة المناقشة بالتحليلات عوض أن نواجه بعضنا البعض بالشعارات الرنانة، التي في الحقيقة لا تنطوي على أي شيء حقيقي.
أنا مع النقاش، مع التناقض. مع النقاش إذا كان حادا، ويصلنا على الأقل إلى أمور واضحة تظهر مواقف كل واحد والأهداف والوسائل التي يجب استعمالها قصد توظيفها، لنصل بها إلى الأهداف. وهنا سنكون قد دخلنا إلى مرحلة وضعية للنقاش، وليس مرحلة وهمية للنقاش، والتي مع الأسف تأخذ لنا وقتا طويلا، ولا تفضي إلى أية نتيجة حقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.