التناص مع عنوان الديوان مع تأكيد النفي: «الأحياء لا يحبون الشعر»، هو ما ينطبع في نفسك وأنت وسط حضور باهت و معدود على رؤوس الأصابع في حفل توقيع ديوان « الموتى (لا) يحبون السكر» للشاعر بوجمعة أشفري بالمسرح الوطني محمد الخامس مساء الإثنين 23 يناير الجاري بتزامن مع مباراة المغرب و تونس. استهل الحفل بإلقاء كل من القاص والناقد الأدبي أحمد لطف الله والفنان التشكيلي والناقد الفني بنيونس عميروش قراءتين في آخر إصدار شعري لأشفري عن منشورات أمنية في يناير 2011. وقارب أحمد لطف الله ديوان أشفري بقراءة تحت عنوان «ما الذي يحبه الموت؟»، حاول فيها الإمساك بالرؤى التي يحملها الديوان، وهي رؤى شعرية حداثية تستند إلى رؤى فلسفية عميقة ترسم توليفة جديدة وصورة متطورة عن الإيروتيكا التي تنتصر على الموت بواسطة لغة الشاعر التي تستنطق المرأة عن شهوتها وتحيي إيروتيكا الجسد بعيدا عن أية ذكورية و بالتملص من أية هوية. إن الإيروتيكا، حسب لطف الله، تدخل مع الموت في علاقة حميمية ندية تتسم بالمحبة والصراع والمقاومة، ليتفاعل الجنس والموت ويتآلمان ويتحابان ويتعاركان و يتلاسنان. ويتم هذا كله من خلال ومن داخل لغة شعرية عذبة توظف معاجم الفن والصورة وذات نفس حكائي ينفخ لذة الاسترسال في قراءة النص. ومن جهته، اعتبر بنيونس عميروش أن الشاعر بوجمعة أشفري الذي كتب قصائد المجموعة بين الدارالبيضاء وباريس، قد تضاعفت لديه الجرأة على قول ما لا يقال، وهدم جدران المؤسسة الأخلاقية، فالشاعر، حسب عميروش، مارس أقصى درجات الكشف، وعاد بنا برغبته الشهوية إلى ثقافة الإنسان البدائي حيث الانطلاق الجسدي. إنه شاعر يقيم بين الرعشات واللمسات والمداعبات، ينسج توليفة التواشج بين الحب والموت في ثنائية المجون، بما هو غواية وشبق، والسكينة التي تعني الجسد الساكن المنذور للتحلل. وفي كلمته التي ختمها بقراءة شعرية من ديوانه، قال بوجمعة أشفري إن «الموت والجنس وجهان لجسد واحد. الجنس والموت هذه التوليفة ليست غريبة عنا، هي التناقض وهي الائتلاف، هي الاختلاف والائتلاف، هي الجسد أنثويا وذكوريا، هي الفضاءات سواء كانت هنا أو هناك». واختتمت الأمسية بحفل توقيع أهدى فيه الشاعر ديوانه للحضور بالمجان. وإذا كان المنتخب الوطني قد خيب أمل جمهوره وهو غفير، فإن القصيدة كانت كريمة معطاء مع عشاقها وهم قليل.