في ملف نزع الملكية بدوار حروضات بعين حرودة .. «زناتة الجديدة» قوات الاحتلال تهدد دواوير عين حرودة بالزوال! عبر عدد من سكان دوار حروضات بعين حرودة بعمالة المحمدية عند زيارة جريدة الاتحاد الاشتراكي لهم يوم الأحد الماضي ، عن قلقهم الشديد إزاء الغموض الذي أصبحوا يواجهونه في الملف المتعلق بنزع ملكيتهم لمقرات سكنهم ولأراضيهم التي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد. واعتبروا أن الجهة المسؤولة عن وضعهم الحالي، وهي إدارة الأملاك المخزنية وشركة تهيئة زناتة التابعة لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، وهما الجهتان المسؤولتان عن مشروع إحداث المدينةالجديدة بزناتة ، باشرتا تدابير نزع الملكية ومساطر عملية الإحصاء والتسجيل دون أخذ رأي المعنيين بالأمر. كما استنكر السكان تهميشهم وعدم استحضار بعدهم الاجتماعي في برنامج المشروع، حيث أوضح عدد منهم للجريدة أن ترحيلهم من أراضيهم للشقق المخصصة لإعادة إسكانهم لم يلتفت ولم يستحضر طرح البديل عن ضياع شغلهم ووظائفهم، التي يعتمدون فيها على أراضيهم المنزوعة. في هذا الإطار سبق لمجموعة من السكان أن بعثوا برسائل يحتجون من خلالها على ما يعتبرونه تجاوزات وخروقات شابت العملية منذ انطلاقها ، حيث سجلت الرسائل مختلف تلك العناوين ، كالتماطل مثلا في الإجراءات على مستوى المساطر القضائية، التعويضات الهزيلة التي لا ترقى ، حسب السكان، إلى السعر المتداول حاليا في سوق العقار بالمنطقة. وحملت تلك الرسائل احتجاج السكان على تجاهل مطالبهم في الحصول على بقع أرضية سكنية عوض الشقق ضيقة المساحة المقترحة، خاصة أن أصحاب الأراضي المنزوعة ملكيتهم لها يعتمدون على تلك الأراضي كمصدر وحيد لعيشهم. ويطالب السكان بالزيادة في ثمن التعويضات وتخصيص بقع أرضية لبناء محلات تجارية لفائدة المتضررين والإسراع بتسوية الملفات وتبسيط المساطر الإدارية والقضائية ثم رفض استمرار تمثيلهم من طرف جمعية ملاكي الأراضي والجمعية الاجتماعية للسكن أولاد عزوز. للتذكير فمشروع إحداث المدينةالجديدة زناتة وضعت أسسه سنة 2006 ويهم إحداث قطب حضري جديد تمتد مساحته ل 2000 هكتار، كما يمتد العمل في عملية إنجازه للخمس وعشرين سنة القادمة. وكانت الجهة المكلفة بالمشروع وهي مؤسسة صندوق الإيداع و التدبير، قد خلقت شركة تهيئة زناتة كفرع لها لمباشرة تنفيذ المشروع، بشراكة مع إدارة الأملاك المخزنية. واعتمدت في ذلك على نزع الأراضي والمساكن لإحداث القطب الحضري الجديد، وفتحت حوارا في هذا الشأن مع السلطات المحلية والمنتخبة، خاصة باشا جماعة عين حرودة ورئيس مجلسها البلدي اللذين تكلفا، حسب مصادر متتبعة، باختيار مخاطبين يمثلون السكان للتفاوض حول ملف الأراضي والمساكن المنزوعة. ليتضح من بعد، حسب نفس المصادر، أن عملية اختيار ممثلين عن السكان، لم تكن صائبة، إذ بدل أن يتم فتح الحوار والتفاوض مع المعنيين من السكان، تم انتداب مجموعة من أعيان المنطقة تفاوضوا حول مصالحهم الشخصية، في تهميش واضح لمصالح السكان المعنيين. في هذا السياق، لوحظت عدة عيوب شابت انطلاق المشروع، حيث لم يتم استحضار البعد الاجتماعي والاقتصادي للسكان الذين وجدوا أنفسهم، محرومين من مساكنهم مقابل تعويضات هزيلة، ومحرومين في نفس الآن من أراضيهم الفلاحية وإسطبلاتهم التي تشكل لهم وسيلتهم لضمان عيشهم وعيش أسرهم. بل وخلافا لما تم التصريح به على مستوى خلق فضاءات جديدة للخدمات، لم تبادر الجهات المسؤولة إلى طرح البديل وضمان فضاء للتوظيف والشغل لأبناء منطقة يتم حاليا مسحها لبناء مدينة جديدة. في هذا الإطار، تحدث إدريس أعبدوالله، 30 سنة، أحد الشباب من قاطني دوار حروضات، متزوج وأب ، بامتعاض وبحسرة عن تفاصيل ما أضحت تواجهه الأسر الساكنة في هذا الدوار، حيث أشار إلى كون الأملاك المخزنية، ومعها شركة تهيئة زناتة، اقتحمت دوارهم دون سابق إعلان، وانطلقت في تسجيل وقياس مساحات الأراضي ومعها مقرات السكن، ثم حددت مبالغ التعويضات دون استشارة المعنيين بالموضوع. وتساءل إدريس حول المعايير التي اعتمدتها الجهة المسؤولة في تحديد التعويضات، والتي أوضح أنها غير عادلة وغير موضوعية، إذ استغرب في هذا السياق، كيف يتم تحديد مبلغ لا يتجاوز 16 مليون سنتيم كتعويض عن مسكن تتجاوز مساحته 300 متر مربع، دون الحديث عن المساحة الإجمالية باحتساب الأرض الفلاحية؟ ثم تحدث عن البديل الذي تقدمه تلك الجهة المسؤولة والذي يتحدد في شقة لا تتجاوز مساحتها 50 مترا مربعا! وأضاف أنه قُدم للسكان عقد للتوقيع محرر باللغة الفرنسية، في محاولة لنيل موافقتهم دون أن يتمكن معظمهم من استيعاب مضامين العقد المقترح؟ واستغرب محدثنا عن تغييب البعد الاجتماعي في المشروع، حيث أوضح أن السكان المعنيين يعتمدون في ضمان رزقهم ومعيشتهم على الفلاحة، وعلى أراضيهم التي يعاينونها اليوم وهي تسحب منهم لفائدة المشروع، إذ لم يتحمل واضعو المشروع عناء التفكير في مستقبل السكان الذين سوف تنتزع منهم أراضيهم، والذين سيصبحون عاطلين عن العمل ودون مصدر رزق لهم ولأفراد أسرهم. ولم يفت إدريس أعبدوالله أن يحمل مسؤولية ما ينتظر سكان دوار حروضات، لرئيس وأعضاء المجلس البلدي لجماعة عين حرودة، الذين لم يترددوا في أحد أيام 2006 و2010 في التوقيع على ما وصفه بالتصريح لإعدام فضاء معيشي ظل حاضرا لأزيد من أربعين سنة؟ في نفس السياق، سارت آراء مجموعة من السكان، حيث تساءلت امباركة القرطاوي 63 سنة، عن مصير أسرتها بعد ترحيلهم من مسكن تقطنه أربع أسر. وقالت في هذا الصدد: ولدنا هنا، وعشنا حياتنا في هذا البيت، أبناؤنا ولدوا هنا وتزوجوا وكونوا أسرا وأبناء، وجميعنا نتقاسم هذا البيت، فكيف لنا أن نشترك في شقة ب50 مترا، كما يقترحها أصحاب المشروع؟ يقولون إننا سنتسلم تعويضا بسيطا مقابل التخلي عن مسكننا وعن أرضنا، وسنكون ملزمين بدفع تسبيق حددوه في 10 ملايين سنتيم لاستلام الشقة، إلى جانب 400 درهم كقسط شهري، أين هو العدل في كل هذا؟ بدورها، تساءلت فطومة حجوب 64 سنة، عن هذا المصير المجهول الذي ينتظرها وأسرتها، وأضافت أن الأملاك المخزنية لم تحدد أي موعد للترحيل، ما يجعل كل الأسر القاطنة بحروضات، والمنزوعة أراضيها ، تعيش على الأعصاب في انتظار الآتي؟ نفسها أسئلة القلق طرحتها عائشة عسلوج التي يناهز عمرها 58 سنة، ولها سبعة أبناء وخمسة أحفاد، حيث تساءلت عن المعايير التي تم اعتمادها لطرح البديل، طارحة حالة أسرتها مثلا والتي ستضطر لمغادرة فضاء عاشت وسطه قرابة الخمسين سنة، لتجد نفسها اليوم أمام إجبارية قبول بديل قيل لها إنه عبارة عن شقة بخمسين مترا فحسب؟ مطالبة في نفس الوقت بتدخل جلالة الملك لرفع ما وصفته ظلما وجورا في حق أكثر من خمسة آلاف أسرة؟ وتحدثت لكبيرة قرواني بألم كان باديا على محياها، وهي الأرملة التي تعيش رفقة ابنتها الوحيدة وحفيدتها، حيث قالت إنها تقطن في سكنها منذ قرابة 40 سنة، توفي زوجها، وظلت رفقة ابنتها وحفيدتها يعشن وسط بيت مساحته 100 متر. ثم تساءلت حول مصير أسرتها حين ستضطر للانتقال لشقة ضيقة، وستجبر على دفع تسبيق حدده (الآخرون ) في سبعة ملايين سنتيم، وتسديد فواتير الكهرباء والماء وهي التي كانت معفية من تسديد كل هاته المبالغ، وأين لها وهي الأرملة التي تعيش على ما تجنيه من فتات ابنتها التي تشتغل في مهن مؤقتة وغير رسمية، لتحمل كل تلك المصاريف الجديدة التي ستثقل كاهلها دون أن يكون لها مورد قار ودون أن تكون لها القدرة على تحمل نفقات جديدة. وطالب الجيلالي عشاق من مواليد سنة 1964 يقطن بدوار اولاد عزوز، بأن يكون البديل مناسبا والتعويض ملائما، خاصة أنه وفي حالته الشخصية، سيضطر لمغادرة بيته الذي يأويه رفقة أسرته المتكونة من زوجته وأبنائه الأربعة، وكذا مغادرة إسطبل يعتمد عليه في تربية الغنم والدواجن كمصدر وحيد يضمن به لقمة العيش. ويرى أن البديل من المفروض أن يكون بقعة أرضية يمكن استغلالها للسكن ولتوفير محل للتجارة حتى لا يصبح عاطلا عن العمل. هي نفس وجهة النظر يتقاسمها معه مصطفى هيماك، الذي يستغل جزءا من بيت الأسرة كمحل للبقالة، حيث أشار إلى كون الانتقال للمشروع السكني البديل سيحرمه من مصدر رزقه وسيصبح بالتالي مشردا وبدون شغل. بدوره يشتكي أحمد الصغير 63 سنة، ومعيل أسرة بسبعة أفراد، من جور الحكم القضائي الذي حكم عليه وأسرته بالإفراغ من سكن عاش في وسطه منذ سنة 1967 وقال في هذا الصدد: كيف أرحل من بيت عشت فيه سنوات عمري كله؟ عشت فيه وآذاني لاتزال تحفظ ما تضمنه خطاب الملك الراحل الحسن الثاني في 1973 حين استحضر في خطابه الآراضي المسترجعة وأكد أن الأولوية يجب أن تمنح لسكانها ومالكيها؟ اليوم تأتي الأملاك المخزنية وتطالبني بالرحيل، إلى أين؟ لقد تقدمت بشكايتي للسلطات المحلية، لتتم إحالة ملفي على أنظار الشركة المسؤولة عن المشروع، هذه الأخيرة عرضت علي شقة بخمسين مترا مع إلزامي بدفع تسبيق 100 ألف درهم، والالتزام بتسديد أقساط شهرية. من أين لي بكل تلك المبالغ وأنا لا أتقاضى سوى 1500 درهم من عملي في إحدى شركات الحراسة الخاصة؟ وأكد أحمد الصغير على أنه تفاجأ بمطالبة الشركة المسؤولة وتحديدها لمبلغ 100 ألف درهم كتسبيق، في الوقت الذي صرح فيه الوزير السابق للسكنى والتعمير عبر شاشة التلفزة المغربية بمناسبة الزيارة الملكية للمنطقة خلال السنة الماضية، أن مبلغ التسبيق سيكون بالتقسيط؟ في نفس الإطار، وخلال زيارتها لدوار حروضات، التقت الجريدة بسكان يقطنون بمساكن بواسطة الكراء، حيث أوضح محمد الستاتي، من مواليد سنة 1971 وأب لطفلتين، أنه يعيش قلقا عارما، وينظر لمستقبل أسرته بألم وبتخوف، فهو يرى أن مصيره يظل مجهولا، إذ أن حالته ، شأنه شأن سكان يكترون ولا يتوفرون على ملكية لمساكنهم، تبقى غامضة في الوقت الذي لم تتم محاورتهم في الموضوع. على نفس المنوال سار تدخل رشيد تمرة 30 سنة، متزوج وأب لطفلين، إذ عاتب القيمين على المشروع تهميش السكان المكترين وعدم إشراكهم في الحوار وعدم استحضارهم كذلك في التحضير للمشروع. ولاحظت جريدة الاتحاد الاشتراكي وهي تزور دوار حروضات، أن القلق الذي يعتري الرجال والنساء جراء ما ينتظرهم من مصير غامض، انتقلت عدواه للصغار من الأطفال الذين أضحوا يعيشون يوميا على إيقاع التوجس والخوف والترقب الذي يسود حياة أسرهم يوميا وباستمرار.