بعد إبرام ميثاق حكومة الأغلبية أصبح المسؤولون الجدد يرددون هذه العبارة في مناسبات كثيرة، قصد إقناع المواطنين على أن الحكومة تتمتع بالفعل بأغلبية. فماهي الحقيقة بالضبط؟ إن دراسة موضوعية للنتائج الانتخابية تؤكد حقيقة أخرى وهي أن الحكومة تجسد حكومة الأقلية، وذلك حسب الأصوات المحصل عليها من طرف الأحزاب المكونة لها. ولكم النتائج التي استخرجناها بعد تصحيح وتدقيق للمعطيات التي نتوفر عليها. سنتطرق إلى النتائج والى بعض الملاحظات حولها. 1) نتائج الانتخابات: إلى حدود كتابة هذه السطور، فإن النتائج الرسمية للأصوات لم تنشر بعد، ماهي الأصوات المحصل عليها من طرف الأحزاب على الصعيد الوطني والجهوي ولكل دائرة انتخابية..؟ هذا طبعا أمر مخالف للدستور الجديد. إن الحق في الحصول على المعلومات عنصر أساسي لدمقرطة المؤسسات، لا ننسى ان الانتخابات تعني الاختيارات للوطن وللعباد من طرف المواطنين والمواطنات. رغم العراقيل فإني حاولت أن أنجز هذا العمل المتواضع. انظر ج1و2: 2) ملاحظات تقنية وجيزة أ- أن الحكومة المقترحة علينا تمثل حكومة أقلية ولا يمكن لأي كان أن يفند هذا الواقع الملموس إذ على صعيد الدائرة الوطنية، فإن أحزاب الحكومة تمثل 47,79% من الأصوات والفرق شاسع بينها وأحزاب المعارضة 210487 صوتا. أما على صعيد الدوائر المحلية، فالفرق في الأصوات بين المعارضة وأحزاب الحكومة المحتملة يمثل عددا كبيرا: 550,821 صوتا. ب- ملاحظة ثانية مهمة وهي أن الحكومة المقترحة تتمتع بأغلبية في المقاعد، وأن الانتخابات اختارت اليمين، وكان على رئيس الحكومة المعين بصفته أمينا عاما لحزب يميني أن يعمل في اتجاه أوسع للحصول على تحالفات مع أحزاب يمينية أخرى. ج- إن المفارقة (أقلية في الأصوات وأغلبية في المقاعد) تعود إلى طبيعة نمط الاقتراع المعمول به عندنا منذ 2002: مبدئيا، إن نمط الاقتراع النسبي يضمن العدالة الانتخابية ويهم دوائر واسعة النطاق ومتكاملة لمقاعد كثيرة إلا أن الأمر يختلف عندنا،فهو يقترب الى حد كبير من »نمط الاقتراع الإسمي الأحادي« الذي عاشه المغرب من 1963 الى 1997. هذا الأمر يدفعنا الى طرح السؤال الأساسي الآتي: هل يجب اعتبار المقاعد فقط لندعي بحكومة أغلبية؟أم هل يجب أولا اعتبار الأصوات كأساس للتمييز بين الأقلية والأغلبية؟ هل يجب اعتبار التقاعد والأصوات - معا لتأسيس حكومة. إن الدستور لا يبت في الموضوع وكذلك القانون الانتخابي، أما قانون الأحزاب السياسية فيشير الى اعتبار الأصوات والمقاعد لتحديد المساعدة المالية. على الصعيد الفقهي، فإن نمط الاقتراع الاسمي الأحادي يفضل المقاعد على الأصوات والأمثلة التاريخية سابقا وحاليا كثيرة عبر العالم. أما نمط الاقتراع النسبي الذي يعمل به المغرب فهو يعتبر بالدرجة الأولى الأصوات المحصل عليها ويحولها الى مقاعد. إن النسبية بتعريفها تعني توافق أو تقريب نسبة الأصوات ونسبة المقاعد: مثلا 15% من الأصوات تعطي حوالي 15% من المقاعد لا كما هو الشأن عندنا: على سبيل المثال، فإن حزب العدالة والتنمية احرزفقط على 20,86 في الدوائر المحلية ومع ذلك فقد نال 27,21% من المقاعد ولا غرابة ي ذلك لأن نمط الاقتراع المتتبع عندنا يخدم مصالح الأحزاب القوية. بالمقارنة مع نمط الاقتراع النسبي المطلق، فإن حزب العدالة والتنمية حصل على فائض قيمة بمقدار 23 مقعدا 19) عن طريق اللوائح المحليةو4 عن طريق الدائرة الوطنية. أما حزب التقدم والاشتراكية فقدربح مقعدا واحدا بواسطة الدائرة الوطنية وخسر 4مقاعد بواسطة اللوائح المحلية. ما العمل والحالة هذه؟ على مجلس النواب أن يختار بصدق ونزاهة طريق الصواب قبل البت في الموضوع.