تسعى هذه المحاولة إلى مساءلة نمط الاقتراع في المغرب من جهة، ووظيفة الانتخابات فيه من جهة ثانية، لكن حتى تكون هذه المساءلة موضوعية وجب الانطلاق بداية من أسئلة تشكل في عمقها فرضيات مرتبطة فيما بينها و هي كالآتي : - هل يمكن إجراء أية قراءة للانتخابات أو أي تحليل لها دون استحضار النظام السياسي التي تجري في ظله ؟ - ألا يجازف الباحث في موضوع الانتخابات بإغفاله طبيعة هذا النظام السياسي و مكوناته ، والمنطق المتحكم في اشتغاله، والدستور المؤطر لهذا الاشتغال و لحدود عمل الفاعلين داخله و كذا ثقافتهم السياسية؟ - هل يمكن لنمط اقتراع معين أن يجيب عن سؤال شفافية أو نزاهة أو تنافسية الانتخابات مع إمكانية التسليم أنه قد يشكل عاملا مساعدا لكنه مرتبط بالعوامل التي ذكرناها سالفا؟ - ألا يمكن القول بأن الباحث الموضوعي أو الذي يسعى ان يكون كذلك، مهما كانت مصداقية العمل الذي يقوم به ، ستظل الصورة التي سيكونها عن الانتخابات باهتة و بعيدة عن الواقع ما لم يربطها بعلاقة الفاعلين الحزبيين بسؤال السلطة و التمثيلية في النظام السياسي الذي يعملون بداخله؟ - هل يمكن الجزم بأن نمط الاقتراع باللائحة و بالتمثيل النسبي المعتمد في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 و بالتعديلات التي أدخلت عليه قبيل 7 شتنبر 2007 قد حقق لنا صفة التنافسية للانتخابات في المغرب؟ هذه المحاولة إذن ستحاول تعميق التفكير في هذه الأسئلة، حتى لا نقول الإجابة عنها بشكل مطلق، و ذلك من خلال الوقوف، بالتحليل، على نمط الاقتراع باللائحة و بالتمثيل النسبي المعتمد في المغرب 2002، و بالتعديلات المدخلة عليه في 2007 في محطة أولى. مفهوم الاقتراع اللائحي المعتمد في المغرب منذ انتخابات 2002 ليس النقاش حول نمط الاقتراع بالمغرب جديدا، فقد طرح منذ الاستقلال خلال وضع الإطار القانوني للانتخابات سنة 1960 . و قد حسم الأمر حينها لصالح نظام الاقتراع الأحادي الإسمي في الدورة الواحدة، و ظل العمل جاريا بهذا النمط من الاقتراع في جميع المحطات الانتخابية التي عرفها المغرب إلى غاية انتخابات 2002 التشريعية، حيث تم استبداله بالاقتراع بالتمثيل النسبي أي الاقتراع اللائحي حسب التعبير المتداول. والسبب في إعادة طرح نمط الاقتراع على طاولة النقاش من جديد قبيل الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر 2007، هو أنه كانت هناك محاولات للارتداد على نمط الاقتراع اللائحي من قبل بعض الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية آنذاك ( منها تحالف الحركة الشعبية، و التجمع الوطني للأحرار ... ) و ذلك قبل الاتفاق فيما بينها و وزارة الداخلية على الإبقاء على نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي باللائحة، لكن مع إدخال تعديلات عليه أهمها رفع العتبة المطلوبة من الأصوات لكي يسمح بتمثيل اللائحة إلى 7 بالمائة ، مما يعني إقصاء الأحزاب الصغرى، و فرض شرط الحصول على نسبة 3 بالمائة في الاقتراع من الأصوات المعبر عنها خلال انتخابات 2002 ، مما يعني حرمان الأحزاب التي أحدثت بعد هذا التاريخ و الأحزاب التي تشارك في هذه الانتخابات من المشاركة في انتخابات 2007 التشريعية. من الاقتراع الأغلبي إلى الاقتراع بالتمثيل النسبي إلى غاية أواخر القرن 19، كان أسلوب الاقتراع السائد هو الانتخاب بالأغلبية. و لم تكن الأنظمة الانتخابية تختلف إلا في الأخذ بالأغلبية المطلقة أو النسبية ، أو في اعتماد التصويت الفردي الإسمي أو اللائحي . لكن هذا النوع من الاقتراع (الأغلبي) و بصيغه المختلفة، كشف مع الممارسة عن توزيعه غير العادل للمقاعد الانتخابية، مما يتناسب مع الأصوات المعبر عنها من قبل الناخبين. لتجاوز هذا الخلل ، و من أجل انتخاب برلمان يعكس كل التيارات السياسية المتمثلة فيه حسب الأصوات التي حصلت عليها، لا بناء على أسلوب الأغلبية الذي يمنح كل المقاعد للهيأة أو المرشح الذي حصل على أغلببية الأصوات ، فقد سجلت نهاية القرن 19 و بداية القرن 20 تخلي العديد من الدول الأوروبية عن الاقتراع بالأغلبية و تبنيها للتمثيل النسبي (الاقتراع اللائحي ) كأسلوب لانتخاب النواب . و يبدو نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي بسيطا من حيث المبدأ ، إذ يقوم على تقسيم إقليم الدولة إلى دوائر انتخابية ، و على أسلوب اللائحة لأنه يتطلب التصويت على مجموعة مرشحين تضمهم مجموعة لوائح متنافسة. و تكمن عدالة هذا النمط من الاقتراع من الناحية المبدئية في كونه يقوم على توزيع المقاعد بين اللوائح التي حصلت على أغلبية الأصوات و تلك التي حصلت على أقل الأصوات بناء على نسبة الأصوات التي حصلت عليها، ضمانا لتمثيل الهيئات الصغرى و الكبرى على حد سواء في البرلمان، و للحيلولة دون هيمنة الأحزاب الكبرى على التمثيل البرلماني كما هو الشأن في الاقتراع الأغلبي. لكن على الرغم من هذه البساطة التي يبديها التمثيل النسبي، فإنه لا يخلو من تعقيدات في تطبيقه ، إذ يستوجب اتباع مجموعة من العمليات و الإجراءات . فهو يستدعي في البداية أن نحدد عدد الأصوات التي يجب على كل لائحة الحصول عليها لمنحها مقعدا انتخابيا ، أي تحديد ما يسمى بالخارج أو الحاصل الانتخابي الذي قد يكون وطنيا او محليا ، و ذلك قبل المرور إلى مرحلة توزيع البقايا الذي قد يكون بدوره وطنيا أو محليا ، و توزيع البقايا على الصعيد المحلي قد يعمل إما بأسلوب أكبر البقايا أو بأسلوب أقوى المعدلات. هذا النمط من الاقتراع أي بالتمثيل النسبي، لم يعتمده المغرب منذ الاستقلال إلا في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 ، وهي الانتخابات التي اختلفت عن سابقاتها من حيث الظروف المحيطة بها حيث تمت في عهد ملك جديد ، و في ظل حكومة ما سمي بالتناوب التوافقي، و تمت في الموعد المحدد لها. و فور صدوره، كان الملاحظون و المتخصصون قد عابوا على القانون الانتخابي الجديد حينها، و الذي أقر نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي ، تضمنه مجموعة من الاختلالات التقنية و القانونية ، حيث نبهوا إلى ضرورة تداركها في المستقبل. و قد همت انتقادات الملاحظين أيضا الصيغة التي عولج بها هذا القانون و التي تميزت بالسرعة، معتبرين أن تحضيره كان يستحق مناظرة وطنية نظرا لأهميته بالنسبة لمستقبل المغرب . كما انتقدوا احتفاظ القانون بنفس عدد أعضاء مجلس النواب (325 ) ، و هو عدد ضخم في رأيهم مقارنة مع الدول الديمقراطية ، خصوصا إذا أضيف إليه عدد أعضاء مجلس المستنشارين (270) . كما عابوا على القانون عدم تخفيضه سن الرشد القانوني إلى 18 سنة كما هو معمول به في دول قريبة من المغرب مثل موريتانيا و الجزائر، هذا الانتقاد تم تجاوزه في القانون الحالي، و لاحظوا أيضا كثرة صلاحيات وزارة الداخلية في العملية الانتخابية و التي قاربت 40 صلاحية ، كما اعتبروا حصر مراقبة الانتخابات على المجلس الدستوري غير كافية، مقترحين في هذا الصدد تشكيل لجنة وطنية من الهيئات السياسية المشاركة في الانتخابات للقيام بهذا الدور ضمانا لنزاهة العملية الانتخابية. تذكير بالنقاش حول تعديل نمط الاقتراع لانتخابات 2007 بداية تجدر الإشارة مرة أخرى إلى مزايا الاقتراع بالتمثيل النسبي التي لا يجادل فيها أحد من حيث المبدأ ( بما في ذلك الأحزاب التي كانت تعارض قبل الانتخابات الأخيرة مشروع الحكومة القاضي بتعديل بعض مقتضيات القانون الانتخابي). فعلى خلاف أسلوب الاقتراع بالأغلبية الذي يقصي الأقلية من التمثيل السياسي، فإن أسلوب التمثيل النسبي، و كما تتفق على ذلك أدبيات القانون الدستوري و علم السياسة ، يسمح بتمثيل أفضل لمختلف التيارات السياسية، و ذلك بتوزيع المقاعد البرلمانية على جميع الأحزاب صغيرها و كبيرها، بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات. و من مزايا هذا النمط من الاقتراع أيضا كونه يسعى لاقامة نوع من العدالة و التناسب بين عدد المقاعد البرلمانية و عدد الأصوات المحصل عليها من قبل كل حزب ، و بالتالي فهو يحول دون هيمنة الأحزاب الكبرى على التمثيل البرلماني. و فضلا عن ذلك، فإن الاقتراع بالتمثيل النسبي يجعل المنافسة الانتخابية تتم بين الأحزاب و برامجها لا بين الأشخاص، لأن الناخب لا يصوت على مرشح فرد، و إنما على لائحة تضم مجموعة من المرشحين و تدافع عن برنامج سياسي معين، مما يساهم من حيث المبدأ في القضاء على أشكال الارتشاء و الزبونية الانتخابية بقطعه لكل علاقة شخصية بين الناخب و المرشح. لكن، و على الرغم من إيجابيات نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي، فانه لا يخلو من عيوب منها صعوبة تطبيقه و تعقد إجراءاته، و هو ما قد يشجع على التلاعب بنتائج الانتخابات و تزويرها، كما عيب على هذا النمط عدم مساهمته في إفراز أغلبية واضحة نتيجة التمثيل الواسع للأحزاب صغيرها و كبيرها، زد على ذلك أن الحكومة وفق هذا النمط لا يمكن تشكيلها إلا في إطار ائتلاف كبير من الاحزاب، مما قد يشل عملها بالنظر لتناقضات الاحزاب المكونة لأغلبيتها. و مع ذلك، فإن أسلوب الاقتراع بالتمثيل النسبي يفضل غالبا على أسلوب الاقتراع بالأغلبية، لأنه يؤدي إلى تقوية دور الأحزاب و برامجها عوض أن تكون بين الأشخاص و هو ما يعطي للانتخابات معنى سياسيا. السؤال الذي يطرح نفسه هو إنه إذا كانت لنمط الاقتراع بالتمثيل النسبي كل هذه المزايا، ما الذي جعل العديد من الأحزاب، و منها بالخصوص الأحزاب الصغرى و الأحزاب المشكلة حديثا ، تعارض الاتفاق المنعقد قبيل انتخابات 7 شتنبر 2007 بين أحزاب الأغلبية الحكومية و وزارة الداخلية على تعديل نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي؟ سبب معارضة هذه الأحزاب ليس هو نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي ( اللائحي) في حد ذاته، و لكن الصيغة التي وضعت بها التعديلات التي ألحقت به ، و بالخصوص ضرورة حصول الحزب على نسبة 3 بالمائة من الأصوات المعبر عنها خلال انتخابات 2002 للمشاركة في انتخابات 2007، مما يعني حرمان الأحزاب التي أحدثت بعد 2002 ، أو التي لم تشارك في هذه الانتخابات من حقها في المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، و اعتماد نسبة 7 بالمائة من الأصوات كحد أدنى للمشاركة في عملية توزيع الدوائر المحلية أو الوطنية، الأمر الذي سيؤدي لا محالة إلى إقصاء الأحزاب الصغرى التي لم تستطع الحصول على هذه النسبة. فإذا كان مبرر احزاب الأغلبية الحكومية آنذاك ( و هي نفس الأحزاب المشكلة للأغلبية الحالية بعد انتخابات 2007 ) في اعتمادها هذه الشروط هو المساهمة في الحد من تشتت الخريطة الحزبية، و تشجيع التحالفات الحزبية و خلق أقطاب قوية في أفق إعادة هيكلة المشهد الحزبي المغربي على أسس واضحة و عقلانية، و هي اعتبارات لا يمكن أن يجادل فيها أحد من الناحية المبدئية ، فإن المبررات المسكوت عنها كانت تكمن في رغبة بعض الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية في احتكار التمثيل البرلماني، و إقصاء القوى السياسية الأخرى غير الممثلة في البرلمان أو الحديثة النشأة. لقد كان من شأن اعتماد التعديلات المقترحة من قبل أحزاب الأغلبية السابقة و خصوصا شرط 3 بالمائة كما نبهنا إلى ذلك و كما نبه إليه عدد من الباحثين و المختصين، أن يمس مبدأ حق تمثيل الأحزاب السياسية في تمثيل المواطنين كما نص عليه الدستور في فصله الثالث، و كما نص عليه قانون الأحزاب السياسية في مادته الثانية. و هي المبررات ذاتها التي استند إليها المجلس الدستوري فيما بعد في رفضه لهذا الشرط كما سيتبين لاحقا. ثم إن اقتراح الأغلبية السابقة شرط الحصول على 3 بالمائة من الأصوات المعبر عنها في انتخابات 2002 ، يعطي صورة مثلى لانتخابات 2002 و يأخذ بها كمقياس، و هذه مسألة قابلة للنقاش. فإذا كان لا أحد يجادل بأن هذه الانتخابات تبقى أفضل من سابقاتها ، فإنه بالمقابل لا يجب أن ننسى أنها سجلت أضعف نسبة للمشاركة 52 بالمائة عرفتها الانتخابات التشريعية المغربية منذ 1963 قبل أن تسجل انتخابات 2007 نسبة أضعف بكثير منها و هي 37 بالمائة لازالت لحد الآن محط نقاش و تحليل من قبل المختصين و المهتمين. زيادة على الخروقات التي سجلها النسيج الجمعوي من أجل رصد انتخابات 2002 التشريعية فيما يخص الحملات الانتخابية و عمليات التصويت، و كذا ما وصف آنذاك ب « الحياد السلبي» للدولة إزاء بعض عمليات الإفساد التي شابت هذه الاستحقاقات. و بالإضافة إلى ذلك فإن انتخابات 2002 و مع اعتمادها نمط الاقتراع بالتمثيل النسبي اللائحي، فإنها لم تعكس أي تطور في طبيعة العلاقة بين السلطة المركزية من جهة و الاحزاب السياسية من أخرى . كما لم يؤد هذا النمط من الاقتراع إلى تطوير البرامج الانتخابية التي كان التشابه و عدم الوضوح سمتها الأساسية، بل ساهم هذا النمط في ظهور أشكال جديدة من الإفساد الانتخابي كتلك المرتبطة مثلا بوكيل اللائحة و ما صاحب ذلك من تجاوزات. كما لم يساهم في تجديد النخب السياسية حيث كرس استمرار نفس الوجوه السياسية الشائخة و نفس الخريطة السياسية المبلقنة، مما تعثر معه تكوين ائتلاف حكومي متوازن ، بل سمح للسلطة المركزية بتوجيه صفعة موجعة للأحزاب السياسية بتعيين وزير أول تكنوقراطي غير منتم لأي حزب سياسي. خلاصة القول، فإنه لم يكن بالإمكان الجزم بأننا مع استحقاقات 2002 أصبحنا إزاء انتخابات تنافسية، حيث لا زالت الا نتخابات في المغرب لا تشكل رهانا حقيقيا للتغيير السياسي و للتنافس على السلطة . لذلك قلنا حينها إن منطق التدرج يفرض نفسه للوصول إلى الانتخابات بهذه المقاييس أو قريبة منها، و هو المنطق ذاته الذي يجب اعتماده كمنهج في أسلوب الاقتراع ضمانا لمشاركة جميع القوى السياسية، لأن عقلنة المشهد الحزبي لا يمكن أن تتم قسرا بالقانون أو على حساب مبدأ المشاركة السياسية . المجلس الدستوري يحسم في النقاش حول التعديلات المقترحة بعد إحالة القانون التنظيمي 06/22 بتغيير و تتميم القانون التنظيمي رقم 79/13 المتعلق بمجلس النواب الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه على المجلس الدستوري بقصد المصادقة عليه، أعلن هذا الأخير أن أحكام الفقرات الخامسة و الثامنة من المادة 20 و التي تشترط لمشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة و قبول مرشحيها، الحصول على 3 في المائة من الأصوات المعبر عنها على الأقل خلال الانتخابات الأخيرة غير مطابقة للدستور. لكن المجلس الدستوري أكد في القرار نفسه مطابقة باقي أحكام القانون التنظيمي للدستور، و خاصة المواد 78 و 79 و 84 المكررة المتعلقة بعتبة 6 في المائة المطلوبة من الأحزاب السياسية لدخول البرلمان. و كما أشرنا إلى ذلك سابقا فقد استند المجلس الدستوري على مقتضيات المادة 3 من الدستور التي تنص في فقرتها الأولى على أن الأحزاب السياسية تساهم في تنظيم و تمثيل المواطنين، و في فقرتها الثانية على أن نظام الحزب الوحيد ممنوع. و بذلك يكون المجلس قد أقام صلة بين الفقرتين . و ذكر المجلس بالمهمة الطبيعية التي أوكلها الدستور إلى الأحزاب السياسية، و المتمثلة في تأطير و تمثيل المواطنين، علما بأنه للاضطلاع بهذه المهمة ، ينبغي أن يكون بإمكان جميع الأحزاب السياسية المشكلة قانونا المشاركة في الانتخابات و أن تكون متساوية أمام القانون . و زاد المجلس في تعليله لقراره، أن مهمة التأطير و التمثيل هذه، لا يمكن الاضطلاع بها إلا في إطار التعددية الحزبية، و التنافس الحر بين الأحزاب السياسية، على قاعدة مبدأ الاستقلالية لكل حزب في مجال تدبير شؤونه الداخلية ، و كذا على أساس المساواة أمام القانون لجميع التشكيلات السياسية. و مع إقرار المجلس الدستوري للسلطات العمومية المختصة بمقتضى الدستور بتقنين ممارسة الوظائف التمثيلية و الترشح لها و ذلك في اتجاه تسهيل قيام أقطاب سياسية ، فإنه يؤكد أن هذا لا يمكن أن يتم إلا في إطار معايير مضبوطة و دالة و دائمة الوجود التي يجب في جميع الحالات أن تضمن التعددية و التنافسية السياسيتين . و ارتكازا على هذه المبادئ، فان المجلس الدستوري اعتبر أن الأخذ بعين الاعتبار، من أجل تطبيق شروط جديدة للترشيح، النسبة المئوية للأصوات المعبر عنها على مستوى الدائرة الانتخابية الوطنية مع استثناء الدوائر الأخرى، غير مطابق للإطار الدستوري المنظم لعمل الأحزاب السياسية، على اعتبار أن انتخابات مجلس النواب تجري بالتزامن في كل من الدائرة الوطنية و الدوائر المحلية، و بالتالي فإنه ليس هناك ما يلزم حزبا سياسيا من تقديم مرشحين على مستوى الدائرة الوطنية من جهة. و من جهة اخرى، فان النسبة المئوية للأصوات لا تعكس بالضرورة عدد المقاعد التي يمكن الحصول عليها. أستاذ علم السياسة بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي