ساهم الرباعي الفاسي، المكون من الحارس الدولي الكبير حميد الهزاز، الجناح السريع عبد الله التازي، واللاعب الهادئ رضوان الكزار، بالإضافة إلى المهاجم عبد العالي الزهراوي، في إهداء المغرب الكأس الإفريقية الوحيدة حتى الآن. وللوقوف على تفاصيل هذا التتويج، استضفنا الهزاز والتازي والكزار، وكان لنا معهم اللقاء التالي. يستعيد هذا الثلاثي الفاسي شريط الذكريات، ليؤكد أن بداية السبعينيات شهدت تغيير الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خلال فترة رئاسة الكولونيل بلمجدوب، لاستراتجية تعاملها مع المنتخب الوطني، خاصة بعد مجيء المدرب الروماني ماردريسكو، حيث أصبح التنقيب عن أجود العناصر بالبطولة الوطنية سواء بالقسم الأول أو الثاني، ويتم تجميعهم أسبوعيا لبرمجة عدة مقابلات إعدادية. «ننخرط في التداريب طيلة الأسبوع بالمحمدية، ويتم تسريحنا يوم المقابلة مع فرقنا، لنعود من جديد للتربص حيث كنا نقضي جل الوقت في ما بيننا مما خلق جوا من الانسجام، حيث شاركنا في دورتي 1972 بالكاميرون 1974 بالزايير، ليصبح المنتخب جاهزا سنة 1976». وأضاف اللاعبون الدوليون الثلاثة، الذين عشنا معهم في هذا الحوار لحظة نوستالجيا، أن مدة أربع سنوات كانت كافية لانتزاع كأس إفريقيا. خلال التصفيات - يقول الهزاز والتازي والكزار - كانت أول مقابلة أمام غامبيا، التي انتصرنا (3 - 0) و«أتبعناها بانتصار كبير أمام السنيغال بفاس، لتعزز فرصنا في التأهل، الذي كان صعبا أمام غانا، بطل افريقيا. يتذكر الكزار أنه كان مصابا حينها، غير أن غياب فرس والعديد من اللاعبين الآخرين جعل المدرب يعتمد عليه، وكان وراء ضربة الجزاء، «التي أعطتنا التعادل 2 - 2، ليتم اللجوء للضربات الترجيحية، التي أهدتنا التأهل». مع اقتراب موعد النهائيات، توجه المنتخب الوطني المغربي إلى إثيوبيا، عبر رحلة طويلة، دامت أكثر من 40 ساعة من الطيران، تخللتها العديد من التوقفات بالعاصمة أديس أبابا، «التي وجدنها تعيش حالة الطوارئ - عبارة عن حزام عسكري - تم نقلنا إلى مدينة ديرداوا، التي تبعد عن العاصمة ب 700 كلم بطائرة عسكرية جد مخيفة، من الطراز القديم - وجدنا المدينة تفتقد لأبسط وسائل العيش. كنا في المجموعة الثانية التي تضم الزايير، السودان ونجيريا بالإضافة إلى المغرب، وهناك أقمنا في فندق غير مصنف وفي ظروف جد قاسية». حقق المنتخب الوطني في مبارياته الثلاث، انتصارين وتعادلا، سجل 6 أهداف و دخلت مرماه ثلاثة، وتأهلنا كأول مجموعته. بعد التأهل كان الانتقال إلى العاصمة أديس أبابا. وهنا يتذكر عبد التازي بكثير من الدعابة ظروف الرحلة، التي كادت أن تودي بحياة المنتخب الوطني. «عند الاقلاع أصيبت الطائرة بعطب، حيث اندلعت النيران في محركها الأيمن. كنت أنظر من النافذة وبدأت أصيح «العافية و العافية». تملكنا خوف شديد وخيم الصمت داخل الطائرة، ولم يعد أحد منا يقوى على الكلام، إلى تمكن الربان من الهبوط في الخلاء. وهنا انطلقت الاحتجاجات وعدم الرضا من الجميع، حيث قررنا مقاطعة البطولة الإفريقية والعودة الى المغرب. قضينا يوما بكامله داخل المطار وبتنا في العراء، منا من نام ومنا من قضى ليلته يستعرض كابوس الحادثة. بكل صراحة لم تعد لدينا الرغبة في اللعب». وفي الصباح تم إصلاح الطائرة، التي أقلتنا إلى العاصمة الإثيوبية وكلنا خوف من سقوطها. وجدنا في انتظارنا سفير المغرب، الذي أبلغنا أسفه على ما وقع، وفي نفس الوقت أبلغنا أن المغفور له الحسن الثاني، يعتبر عناصر المنتخب الوطني جنودا في خدمة الوطن، وليسوا لاعبين ويجب أن نجعل من هذه البطولة ملحمة، نظرا لما تعرفه القضية الوطنية من تكالب العديد من الدول الافريقية». في المقابلة الأولى كان الانتصار أمام مصر (2 - 1) ثم انتصار ثاني ضد نجيريا (2 - 1) وأمام غينا حققنا التعادل (1 - 1) ومن هنا كان مفتاح المقابلة النهائية التي جمعتنا بمنتخب غينيا،الذي سجل الهدف في الدقائق الأولى من المقابلة من طرف شريف سليمان، و«كانت لنا عزيمة قوية لانتزاع الكأس، حيث تدربنا على ذلك خلال الإقصائيات، فقد نكون منهزمين، لكننا سرعان ما نحول تأخرنا إلى انتصار أو تعادل. استمر القتال حتى الدقيقة 85، حيث لم ندر كيف تواجد المدافع الأيسر بابا على مشارف المعترك، وبتمريرة ذكية من فرس، الذي لم يكن أنانيا، فكان بابا على موعد مع التاريخ، وسجل اسمه بمداد الفخر في تاريخ كرة القدم المغربية. بقذيفة مركزة وقوية أسكنها شباك الحارس الغيني». وفي الختام تمنى نجوم المغرب الفاسي، وأبطال إفريقيا، حظا سعيدا للمنتخب الوطني في دورة الغابون وغينيا الاستوائية.