في محاولة لتجنّب وفاة ومعاناة الملايين من الأشخاص كل سنة نتيجة لسوء التغذية، أطلقت منظمة الصحة العالمية منتصف سنة 2011 مبادرة جديدة «عنكبوتية» على الإنترنت، توضّح الإرشادات المتعلقة بالتدخلات الغذائية المنقذة للأرواح، وتساعد الحكومات ومقدمي خدمات الرعاية الصحية على تحسين الأساليب المنتهجة في تعزيز الإجراءات الرامية إلى مكافحة جميع أشكال سوء التغذية. والغرض من مكتبة منظمة الصحة العالمية الإلكترونية للبيانات الخاصة بالإجراءات في مجال التغذية (Elena)، التي أُطلقت بالتزامن مع افتتاح أعمال اجتماع إقليمي في «سريلانكا» امتدت أشغاله على مدى ثلاثة أيام وتم خلاله تناول مسألة التغذية، هو مساعدة الحكومات على التغلّب على إحدى المشكلات الرئيسية المطروحة في مكافحة سوء التغذية ألا وهي المجموعة الكبيرة، والمتضاربة غالباً، من البيّنات والنصائح الموجودة بشأن التدخلات العلاجية والوقائية الفعالة في مجال التغذية. ويقوم مشروع المكتبة الإلكترونية Elena بذلك من خلال انتقاء وعرض أحدث النصائح الخاصة بالتصدي لأشكال سوء التغذية الرئيسية الثلاث، وهي نقص التغذية، وعوز الفيتامينات والمعادن، وفرط الوزن والسمنة. وقال الدكتور علاء العلوان، المدير العام المساعد المسؤول عن دائرة الأمراض غير السارية والصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية، «إنّ هناك عدة ملايين من الأشخاص الذين يعانون من شكل واحد أو أكثر من أشكال سوء التغذية. ويجب أن تُتاح للبلدان فرص الحصول على العلوم والإرشادات المسندة بالبيّنات من أجل الحد من الوفيات والمعاناة التي تحدث بدون داع نتيجة سوء التغذية. ويمكن أن تسهم المكتبة الإلكترونية Elena، بقدر وافر، في تحسين كيفية تعامل البلدان مع الأخطار الصحية الفظيعة التي ينطوي عليها سوء التغذية.» ويمكن أن يتخذ سوء التغذية أشكالاً عدة. ?نقص الوزن هو عامل الخطر الرئيسي المرتبط بكثير من الأمراض في البلدان المنخفضة الدخل، وهو يمثل ستة في المائة تقريباً من عبء المرض العالمي. ?يتسبب كل من نقص الوزن الذي يحدث في مرحلة الطفولة، وحالات عوز المغذيات الزهيدة المقدار (الحديد والفيتامين A والزنك) ونقص الرضاعة الطبيعية، إجمالاً، في وقوع 7 في المائة من الوفيات (أي ما يعادل 3.9 مليون حالة وفاة) وفي عشرة في المائة من عبء المرض العالمي. ?تشمل حالات عوز المغذيات الزهيدة ما يلي: ?عوز اليود، الذي يُعد أكثر أشكال العوز انتشاراً في العالم، على الرغم من إمكانية توقيه بسهولة، يتسبّب في إحداث ضرر في الدماغ. ?فقر الدم، الذي يصيب 1.6 مليار نسمة، نتيجة عوز الحديد في غالب الأحيان، ويزيد من مخاطر إنجاب أطفال ناقصي الوزن والإصابة بفقر الدم خلال فترة الحمل، يقف وراء حدوث 18في المائة من وفيات الأمومة. ?عوز الفيتامين A، الذي يعاني منه 190 مليوناً من الأطفال دون سن الدراسة. ?عوز الزنك، الذي يمكن أن يؤثّر في الجهاز المناعي ويودي بحياة 430000 طفل كل سنة. ?فرط الوزن والسمنة: يعاني نحو 1.5 مليار من البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 20 سنة من فرط الوزن أو السمنة. وتشير التقديرات العالمية إلى أنّ أكثر من 40 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون، فعلاً، من فرط الوزن أو السمنة. وتشرح المكتبة الإلكترونية Elena التدخلات الصحية الفعالة التي يجب اتخاذها لمواجهة سوء التغذية. ومن تلك التدخلات توفير العلاج المناسب للمصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، وتعزيز الرضاعة الطبيعية، وإغناء الأغذية الأساسية بالفيتامينات والمعادن، مثل إضافة الحديد وحمض الفوليك إلى طحين القمح والذرة. وتوصي أيضاً باستخدام مساحيق متعدّدة من مساحيق المغذيات الزهيدة المقدار من أجل إغناء الأغذية التي تُعطى للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و23 شهراً. كما توصي بإعطاء الحوامل مكمّلات الحديد وحمض الفوليك يومياً لتوقي فقر الدم، وبإعطائها على نحو متقطّع للحائضات والأطفال دون سن الدراسة وأطفال المدارس. وقال الدكتور فرانتشيسكو برانكا، مدير التغذية من أجل الصحة والتنمية بمنظمة الصحة العالمية، «لقد محّصنا آلاف الصفحات من البيّنات والنصائح العلمية من أجل انتقاء وتبرير وتحسين عرض الإجراءات التي يجب اتخاذها في مجال التغذية من أجل الحيلولة دون وفاة الناس بسبب الأشكال العديدة لسوء التغذية.» وتمثّل المكتبة الإلكترونية الجديدة Elena عنصراً مهماً من الجهد الذي تبذله منظمة الصحة العالمية على الصعيد العالمي لمساعدة البلدان على الوقاية من سوء التغذية ومكافحتها. والمنظمة من أهم الجهات التي تسهم في تفعيل حركة «تعزيز التغذية»، التي تشمل وكالات متعدّدة من وكالات الأممالمتحدة وسائر أصحاب المصلحة الرئيسيين المعنيين بمسألة التغذية. والهدف المنشود من هذه الحركة هو مساعدة البلدان على تحسين عملية التصدي لسوء التغذية وضمان شمول تلك العملية لقطاعات الزراعة والصحة والحماية الاجتماعية والأمن الغذائي. ويتولى دعم المكتبة الإلكترونية الجديدة Elena كل من مؤسسة «بيل وميليندا غيتس»، ومراكز الولاياتالمتحدةالأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ومبادرة المغذيات الزهيدة المقدار الكائنة في كندا، وحكومة لكسومبرغ.