«أين البرنامج؟؟»، هكذا تساءل عبد الاله بنكيران رئىس الحكومة يوم أمس وهو يخرج عن النص أمام البرلمان . وبدون شك نفس السؤال يطرحه المغاربة بعد إستماعهم ل«خطبة» بنكيران لأكثر من ساعة . أين البرنامج؟؟؟ ماأورده رئيس الحكومة الامين العام لحزب العدالة والتنمية الذي عينه جلالة الملك عقب إنتخابات 25 نونبر الماضي ، لاتتوفر فيه مقومات برنامج حكومي كما جرت العادة عند تشكيل الحكومة ومجيئها أمام المؤسسة التشريعية لمناقشته والتصويت عليه. فالكم من الاوراق التي أرهق بنكيران نفسه وهو يقلبها ويرتبها هي مجرد خطاب عام فيه الكثير من الشعارات والكلمات المترادفة و...القليل القليل من وضوح الاهداف التي من المفترض أن تتوج بها الحكومة الخمس سنوات المقبلة. مايسمى بالبرنامج الذي وصل إلى جريدة يومية ونشرت مضامينه قبل يومين من تقديمه أمام البرلمان، لم يصل إلى البرلمانيين وإضطروا إلى متابعته دون التوفر على النص. بالرغم من أن بنكيران توجه إليهم بقوله«....الموجود بين أيديكم». هناك بعض الملاحظات الاولية لابد من الاشارة إليها في إنتظار أن تكشق مناقشات «البرنامج» يوم الاثنين القادم من طرف البرلمانيين وقبلهم ماسترصده وسائل الاعلام والمتتبعون للشأن العام الوطني من جوانب سلبية كانت أو إيجابية في خطاب رئيس الحكومة. هناك فقر في الارقام ، إذ لم يورد بنكيران سوى أربعة أرقام جد عادية بعضها لا يحتاج تحقيقه سوى للتنفيذ العادي لما تم فتحه من أوراش منذ أكثر من عقد من الزمن. إذ كيف لحكومة في هذا الزمن وأمام أوضاع القطاعات الاقتصادية ولاجتماعية أم لا يقدم للمغاربة أرقاما تتم من خلالها محاسبة الجهاز التنفيذي والاحزاب المشكلة له في نهاية الولاية التشريعية الحالية؟؟ هناك بون شاسع بين ماورد في «البرنامج » الحكومي وما جاء في البرامج الانتخابية لأحزاب الاغلبية. في البرامج الانتخابية كانت هناك الكثير من الارقام والاليات المقترح إحداثها . كانت هناك صور «جميلة» وعدت بها الاحزاب الناخبين ، لكن المفاجأة هيأن «خطبة»بنكيران محت جمالية الصور ووضعت بديلا لها «نصا» يميل إلى القتامة .هل كان هناك إغراء للناخب وإستدراج له للتصويت أم أن لكل وزير برنامجه الوزاري الذي لم يزود منه خطبة رئيس الحكومة الا بالنزر القلل؟؟؟ هناك إعادة عرض لمضامين الدستور، ولاندري لماذا أخبرنا بنكيران أن حكومته ستؤسس مجلسا للشباب والعمل الجمعوي ومجلسا للطفولة والاسرة؟وإستجدى تصفيق النساء الذين إحتجوا على ضعف تمثيلية المرأة بالحكومة ،عند حديثه عن آلية المناصفة. إن هذه الهيآت أقرها الدستور وليست من إنتاج بنكيران ومن معه. بل إن العديد من المبادئ والالتزامات الدستورية أوردتها الخطبة وتم ترديدها أكثر من مرة. الغريب أن رئيس الحكومة مارس رقابة على تصدير الدستور عند حديثه عن مكونات الهوية الوطنية .ولاندري لماذا أشار إلى نصف الجملة التي تقول أن مكونات هذه الهويه هي العربية ولاسلامية والامازيغية والصحراوية الحسانية ، دون أن يضيف الجزء الثاني منها« ...والاندلسية والعبرية والمتوسطية». لم يبع لنا بنكيران الكلام كما قال عند خروجه عن النص خمس مرات ، لكنه لم يقدم لنا البرنامج الحكومي الذي إنتظرناه . هي مجرد عموميات أتعبته وهو يلقيها أمام البرلمان، ولم تسعفه في إتمامها سوى العشرة كؤوس من الماء التي شربها خلال أكثر من ساعة وهو يقلب أوراقه قبل أن يتساءل:«أين البرنامج»؟؟؟