رغم الجوع والعراء، رغم طعم الانتظار القاتل، رغم الإحساس بالظلم و الإقصاء، برهنت مجموعة الأطر العليا المقصية من محضر 20 يوليوز، التي تواصل اعتصامها المفتوح بمقر ملحقة وزارة التربية الوطنية بحي الليمون بالرباط، أنها تعتز بوطنيتها وبانتمائها لهذا الوطن الحبيب، وأنه رغم الأشكال الاحتجاجية والنضالية، التي تخوضها من أجل انتزاع حقها في الإدماج المباشر بأسلاك الوظيفة العمومية، تبقى هذه الفئة من شباب المغرب، الذي استطاع أن يظفر بشهادة عليا في دولة ترتفع فيها نسبة الأمية والهدر المدرسي، الفئة الأكثر قدرة على تجسيد قيم المواطنة الحقة وترسيخ ثقافة الاعتزاز بالانتماء للوطن. لقد شكل يوم 11 يناير 2012، يوما احتفاليا خاصا بالنسبة للأطر المقصية والمرابطة داخل المعتصم غابت عنه آليات الاحتفال، لكنه خلد بكل روحية وطنية، فقد تجمع أفراد المجموعة المنتمين لكل المدن والجهات عربا وأمازيغ منذ الصباح الباكر فوق سطح ملحقة وزارة التربية الوطنية، حاملين راية الوطن التي توحد كل أبناء الشعب المغربي، مرددين النشيد الوطني بحناجر أنهكتها المطالبة بالحق في الشغل والكرامة، لكنها قوية في التعبير عن حب هذا الوطن. يقول أحد الأطر المعتصمة «رغم أن البعض ينعتنا بالفوضويين ويخندق احتجاجاتنا في معارضة النظام السياسي، فإننا نؤكد، بأننا شباب مواطن نطالب فقط بالحقوق المشروعة وبنزع الحيف والإقصاء، الذي طالنا من طرف بعض الوزارات من الحكومة السابقة، ونناشد المسؤولين بتسوية ملفنا والتعجيل بإدماجنا في سلك الوظيفة العمومية وإلحاقنا بالمحضر الذي تم إقصاؤنا منه». ومن خارج المعتصم، تضيف أحد أعضاء لجنة التواصل الخارجي المنتمية لنفس المجموعة، «خلال مسيرتنا النضالية كنا نتعرض لبعض أشكال الاستفزاز من طرف بعض المسؤولين عن ملفنا، وكنا نتعرض أيضا لتدخلات عنيفة من قبل قوات الأمن، وهم مواطنون كثيرا ما يؤكدون أنهم مقيدين بالواجب المهني وبتنفيذ الأوامر، لكننا كنا نتحلى دائما بالروح الوطنية ونتجنب الدخول في صراعات معهم، كما كنا نحرص على عدم تسييس مطالبنا أو الانضمام إلى باقي الحركات الاحتجاجية الأخرى رغم أننا نحترم كل هذه الأشكال ونتمنى أن تستطيع حكومة «بنكيران» التواصل معها و استيعاب مطالبها المشروعة». ومن جهة أخرى شكل يوم الخميس 12 يناير «يوم التضامن» مع المقصيين من محضر 20 يوليوز، حيث لوحظ زحف أزيد من 1500 إطارا عاليا نحو مقر وزارة التربية الوطنية، التي تشهد الاعتصام، وذلك من أجل التعبير عن التضامن والمطالبة بفك الحصار المفروض على محيط المقر، وهو موقف ينم بدوره عن الحس التعاطفي للمغاربة مع المظلومين من أبناء وطنهم. فقد ساندت أطر 2011 المنضوية في إطار مجموعة الإدماج الفوري، ومجموعة الشروق ومجموعة طريق النصر بالإضافة، إلى تنسيقية المرسوم الوزاري وتنسيقية الكفاح الأطر المعتصمة، وحرصت على تقديم الدعم المادي والمعنوي، كما حضر بعض أطر التنسيقيات الأربع المشمولة بالمحضر من أجل تعضيد صفوف التضامن. ومن جهتها، أبدت بعض تنسيقيات المعطلين المجازين، كالتنسيقية الوطنية للأطر الموجزة وجمعية تمودة للمجازين بتطوان دعمها لهذا الشكل النضالي، وسجلت موقفا اعتبرته مجموعة الأطر المقصية من محضر 20 يوليوز مساندة لمطالبها المشروعة. هذا، ولم تعد وضعية المقصيين محل تعاطف الأطر المرابطة بشوارع الرباط فقط وعائلاتهم، بل امتد إلى الجامعات، حيث شهد المعتصم تضامنا هو الأول من نوعه من طرف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنتمين لجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط في خطوة تم التنديد فيها بالحصار المفروض على مقر الاعتصام، وبتجاهل الملف من طرف المسؤولين. فهل ستتحرك الحكومة، وهي الأولى بنهج سياسة التضامن المجتمعي وتنفيذ بنود القانون، بوضع حد لمعاناة الأطر المقصية بعدما أرغمها الإعلام على إعادة مد المعتصم بالشبكة المائية، التي دام انقطاعها لمدة 7 أيام مباشرة بعد تصريحات الكاتب العام للمجموعة لمختلف منابر الإعلام ومناشدته المتتالية للهيئات الحقوقية بالتدخل.