تحدثت الأخبار يوم أمس عن عدول الحكومة الحالية عن تقديم البرنامج الحكومي على أنظار المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك. وإذا كان ذلك هو عين العقل، فإن المثير للملاحظة هو كون الرئيس عبد الإله بنكيران يكون قد تقدم بتصريح عابر في نقطة ليست بالعابرة. فهو كان قد أعلن بأنه سيعرض البرنامج الحكومي على أنظار المجلس الوزاري، في قراءة دستورية غير مسبوقة، حتى في ضوء دستور 1996، الذي يعد دستورا متخلفا عن دستور 2011. لقد نبهت المعارضة، حرصا منها على روح المرحلة الجديدة، إلى ما في هذا التوجه من تأويل غير ديمومقراطي للنص الجديد. ولكن قبل ذلك على الرئيس عبد الإله بنكيران أن يتحفظ في التسرع، كلما ظهر له أنه سيقدم تصريحا. فقد رأيناه كيف أنه وعد المغاربة بأنه سيشكل حكومة مصغرة، حكومة لا يتجاوز أعضاؤها 15 وزيرا، ثم أصبحت حكومة من ضعف العدد، كما وعد المغاربة بحكومة لا يدخلها المستهلَكون في الأرض الحكومية، فإذا بنا نجد أسماء عمرت طويلا ومازالت ستعمر معه، ما شاء الله، المرحلة الحالية. بنكيران هو ذاته الذي قال بأنه «لا وسيط بيني وبين الملك» في اختيارات التشكيلة والهيكلة الحكوميتين. وإذا بنا نقرأ في الصحافة القريبة، والصحافة التي لها آذان الوزراء الجدد، أنه تلقى الاعتراضات، وأنه كان عليه في كل مرة أن يجلس مع المستشارين الملكيين، ولا سيما منهم فؤاد عالي الهمة. وقد اعتذر عبد الإله بنكيران للعاطلين في تازة بعد أن قد وعدهم بجلسة معهم حول الأشياء التي طرحوها بعد الحرائق والاشتعالات التي ألمت بالمدينة. وفي النهاية صدر بلاغ عن مدير ديوانه السيد معتصم جامع، يقول فيه بأنه لا يمكنه أن يلتقيهم، وهو لم يصبح بعد رئيسا لحكومة معينة بشكل يسمح لها باتخاذ القرارات. وطلب من المعطلين أن يتفهموا ذلك. سيتفهم المعطلون، لا شك ذلك، فليس لهم ما يخسرونه سوى بطالتهم!، لكن ألم يكن من الأجدر أن يتريث الرئيس بنكيران قبل أن يطلق كل هذه البالونات السياسية في سماء ملبدة بالمطالب وباحتمالات عديدة؟ إن أي تصريح لابد له من وظيفة فعلية، لا سميا في الظروف التي تكون فيها البلاد على أحر من الجمر لالتقاط مسار المرحلة. ولا يمكن أن تتراكم التصريحات التي يتم العدول عنها في أقل من أسبوع، في أقل من شهر على تعيين الرئيس بنكيران، لأن ذلك يقتل السياسة رويدا رويدا، وهي الآن مازالت في لحظة قلق ، إذا ما استحضرنا أن أزيد من 55 % من الناخبين مازالوا حذرين ومتوجسين من ممارسة الفعل الانتخابي، الذي يقود إلى الحكومة.قد يكون بنكيران يفعل ذلك لأنه ،حسب رفيق الدرب عبدالله باها« تلقائي وشفاف,» لكن التلقائية والشفافية ليستا بالضرورة عتبة للسهولة والتبسيطية.