بعد التوافد المكثف للمواطنين على حديقة الحيوانات، الأربعاء الماضي، والذي صادف عطلة ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال، اعتقادا منهم أن أبوابها قد فتحت للعموم بعد تدشينها، الاثنين الماضي، من قبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، أصدرت إدارة حديقة الحيوانات بالرباط بلاغا تخبر فيه المواطنين بأن الحديقة ستفتح أبوابها في وجه العموم ابتداء من يومه السبت، من الساعة العاشرة صباحا إلى الخامسة بعد الزوال. التوافد المكثف للمواطنين إلى الحديقة، الأربعاء الماضي، نجمت عنه مشاداة كلامية بين الزائرين المتلهفين لدخول الحديقة، والحراس الذي حاولوا إقناع الوافدين من المدن القريبة كالدار البيضاء والقنيطرة بأن الحديقة لم تفتح بعد أبوابها للعموم، فتطورت الأمور إلى مناوشات بين بعض الشباب من الزوار والحراس للدخول بالقوة، مما استدعى الاستعانة بعناصر أمنية أرغمت المحتجين على الانصراف. هذه الحادثة دفعت إدارة الحديقة للإسراع بإصدار إعلان يحدد تاريخ افتتاح الحديقة رسميا. حديقة الحيوانات هاته تضاهي من حيث الهندسة والتجهيزات، الحدائق العالمية، حيث شيدت وفق مواصفات عصرية تنسجم مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال للحفاظ على الثروة الحيوانية، وإعادة تنظيم الأنواع المهددة بالانقراض. كما تشكل مختلف فضاءات حديقة الحيوانات الجديدة أنظمة إيكولوجية على شكل محميات طبيعية، كالنظام الإيكولوجي الذي يجسد جبال الأطلس ويأوي حيوانات كالقردة والماعز، وكذا النظام البيئي الصحراوي، الذي يلائم حيوانات من صنف الغزال الإفريقي والفهود. كما تضم الحديقة فضاء النظام البيئي من نوع (سافانا) الذي تتأقلم معه عدة أصناف كالزرافة والفيل والنعامة، ثم البرك المائية التي تأوي حيوانات من قبيل التماسيح وفرس النهر، بالإضافة إلى النظام البيئي الذي يجسد الغابة الاستوائية ويأوي أنواعا مختلفة من القردة كالشامبانزي. وتأوي هذه الحديقة أزيد من 1200 حيوان، تشكل أزيد من 120 نوعا من الحيوانات. وتقع الحديقة الجديدة، التي تمتد على مساحة 50 هكتارا وتم إحداثها بكلفة تقدر بحوالي 460 مليون درهم، بالقرب من المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله. وقد شيدت وفق هندسة معمارية حديثة تتضمن تجهيزات ومرافق خدماتية عصرية، منها قرية للزوار ومرافق صحية وإدارية ومصحة بيطرية ومعرض للطوابع البريدية حول الحيوانات والنباتات والطبيعة وقاعات للمحاضرات ومتاجر ومطاعم، وموقف للسيارات وممرات للزوار وأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة. كما تضم بحيرة اصطناعية ومزرعة بيداغوجية ومركزا للاستقبال وفضاءات خضراء للعائلات. كما تتوفر هذه الحديقة على كل وسائل الترفيه والاستكشاف، سواء للطلبة أو الزوار من الكبار والصغار. وقد حددت إدارة الحديقة تسعيرة الدخول كالتالي: 50 درهما للكبار و30 درهما للصغار مابين ثلاث و12 سنة. بالإضافة إلى تخفيضات في الأثمنة بالنسبة للعائلات وأثمنة تفضيلية بالنسبة للتلاميذ الوافدين في إطار رحلات خاصة بالمؤسسات التعليمية. هذه الأثمنة أثارت الكثير من الجدل بين المواطنين من الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل، وهي الفئة العريضة من المواطنين، خصوصا أن الطبقات الشعبية المحدودة الدخل والمتعددة الأطفال لن تستطيع تحمل تكاليف التنقل إلى الحديقة ذهابا وإيابا، بالإضافة إلى تكلفة تذاكر الدخول ومصاريف الأكل. ويرى أغلب المواطنين من هذه الفئة أن هذه الحديقة قد أنشئت وافتتحت لفئة معينة لا علاقة لهم بها... فهل ستراعي إدارة الحديقة ظروف وطلبات هذه الفئة التي لا تعرف للإجازة طعما ولا لونا، وترى في زيارة هذه الحديقة وملامسة حيواناتها العالمية، متنفسا للإطلالة على عوالم لاتستطيع حتى الحلم بزيارتها.