قرية عمّالية ، اسمها بولنوار ، على أطراف مدينة خريبكة التي تبعد ، جنوبا ، عن الدارالبيضاء بحوالي مئة كلم . لم تعد كما كانت، حيوية ثائرة بعد ذهاب أبطالها الأسطوريين إلى نومتهم الأبدية يستريحون من عطش الزمن البولنواري .فقد خُلقوا ليدخلوا باطن الأرض وكلما خرجوا عاشوا الحياة ثم صاروا بعد ذلك جزءً من رواية اسمها بولنوار للكاتب المغربي عثمان أشقرا . يوم السبت سابع يناير 2012 وابتداءً من الساعة الثالثة ، ستعود قرية بولنوار إلى موعد تاريخي ، فرّت عنه السلطات وحضره جمهور بولنواري ومتتبعين من خريبكة وابن أحمد والدارالبيضاء..حيث تنعقد ندوة «الرواية: التاريخ والذاكرة والمجتمع «، والتي هيأ لها مختبر السرديات بالتنسيق مع جمعية محلية فتية « الاتحاد للثقافة والتنمية بقرية بولنوار». وبعد كلمة ترحيبية ألقاها ياسين قرشاوي، أعطى عبد الرحمان غانمي ، رئيس الجلسة ، الكلمة للمتدخلين بأوراق حول الرواية . ورقة شعيب حليفي تحدث فيها أن الرواية هي احتفاء متعدد بالمكان وشخصياته وبالزمن وتدابيره.كما تطرق إلى عناصر الجدة في هذه الرواية وطرافة موضوعها، قبل الانتقال إلى عناصر ذات وظائف جمالية ورمزية :منها الحكايات والأحلام والرسائل والورقات، مختتما بأن رواية بولنوار هي « ملحمة البروليتاريا» التي تُسجل ،بتخييل رائق، سِيَر المغربي الذي عاش في باطن الأرض . الورقة الموالية قدمها سالم الفائدة متحدثا عن أنواع المرجعيات المؤسسة لمخيال الرواية ، فتطرق للمرجعية التاريخية ، ثم الصوفية والدينية والتراثية وأخيرا المرجعية النقابية والسياسية .ممثلا لكل واحدة بأمثلة محللة من الرواية ،ليختتم ورقته بقراءة نص من الرواية . إبراهيم أزوغ انتقل للحديث عن أشكال توظيف الحلم في رواية بولنوار، مقدما تحليلات نصية للتآويل الممكنة ، في ربط بين هذه الأحلام وأحداث الرواية وتطور معانيها ودلالتها . وفي نفس الموضوع قارب الشريشي لمعاشي الأحلام في الرواية انطلاقا من زاوية ربطها بالعناوين الداخلية في النص للوصول إلى تلك التأويلات المتصلة بالدلالات الصغرى والكبرى للرواية . أما السيناريست بلعيد بنصالح أكريديس فتحدث عن تجربته في تحويل الرواية إلى سيناريو ، كما أشار إلى الفيلم ( من إخراج حميد الزوغي ) والذي سيكون جاهزا لهذا الموسم . في نهاية هذه الجلسة أخذ الكلمة الكاتب عثمان أشقرا متطرقا إلى بعض الجوانب الخفية في إنجازه للرواية ، مشيرا أن الفكرة من بين محفزاتها الظاهرة لقاء عابر مع شخصية با صالح الأعمى ، ثم عمل بحثي وتسجيلي طويل مع شخصيات حقيقية أخرى ، كانت تروي ما جرى في بولنوار ، قبل أن يحمل كل ذلك إلى ورشته التخييلية لصوغ كل تلك المعطيات في نص روائي . وختم كلامه متحسرا على قرية بولنوار الجميلة والتي ماتت وولدت أخرى غارقة في الوحل . انتهى اللقاء في جو حميمي بعد حوار مستفيض بين الكاتب وأبناء بولنوار ..مع وعد بتجدد اللقاء أثناء عرض الفيلم السينمائي المقتبس عن رواية بولنوار .