بات من الجلي و الواضح أن مدينة سطات صارت من الناحية العمرانية، في مصاف المدن المتوسطة ذات الأهمية البالغة على غرار عدة مدن مغربية أخرى. هذا التوسع العمراني الذي تعرفه المدينة يرجع ، بالدرجة الأولى ، إلى الموقع المتميز الذي تحظى به كموقع استراتيجي، جعلها في قلب وسط المغرب ونقطة تقاطع لعدة مدن كبيرة وجهات وأقاليم. وفضلا عن تميز الموقع ، صارت أيضا نواة صلبة لمدينة جامعية استقطبت ، ولا تزال، فئات اجتماعية مختلفة من الأهمية بمكان.وهذا يستلزم ، بالضرورة، من القابضين على ناصية التسيير فيها إيجاد بنيات استقبال تليق بها وبالوافدين عليها من نخبة و أطر وأساتذة وموظفين وطلبة وبعض رجال الأعمال وغيرهم. لكن واقع الحال بالمدينة ينطق بغير ذلك تماما. لننظر إلى مشكل النقل الحضري بها. في الوقت الذي يتوسع فيه قطر المدينة، وبالتحديد قطرها الشرقي الغربي و الشمالي الجنوبي، بكيلومترات عديدة، وتتواجد فيه مصالح ومرافق إدارية حيوية ذات صلة بمصالح السكان والمواطنين وأغراضهم في نقط بعيدة ومتفرقة بالمدينة و بغية الحفاظ على اللحمة الاجتماعية للساكنة ، غدا ملحا وضروريا توفير وسائل نقل عصرية تليق بالمواطنين وسلامتهم وكرامتهم وتوفير أسطول نقل حضري من قبل شركات تحترم تعهداتها والتزاماتها المنصوص عليها في دفتر التحملات ، كاحترام معايير الجودة والسلامة والصيانة والفعالية..وغيرها.لا كما هوالحال عليه الآن، حيث حافلات النقل الحضري متلاشية ومهترئة ومتآكلة،تنعدم فيها أبسط شروط الصيانة و السلامة والأمان ، ركابها يقدمون على مغامرة حقيقية غير محسوبة العواقب والنتائج، كما سبق وأن حدث في أحد أيام السنة المنصرمة عندما اندلعت النيران وبدأت ألسنة اللهب تتطاير من إحدى الحافلات في قارعة الطريق،إلى أن أتت عليها بالكامل وأحالتها رمادا، - لكن لحسن الحظ لم يكن هناك ضحايا - في الجهة المقابلة لقصر بلدية سطات حيث يتربع الماسكون بزمام التسيير الذي ابتليت به المدينة ! واقع النقل الحضري المزري تترجمه الشكاوى العديدة لفئات من المواطنين، وخاصة الطلبة والطالبات الذين يعانون الأمرين مع هذه المعضلة. الازدحام والاكتظاظ الذي يتجاوز كل حد، حتى إذا صادف بصرك حافلة مارة خلتها «علبة سردين في حجم كبير» ! الانحراف عن المواعيد والمواقيت وما ينجم عنه من تأخير ينعكس بالسلب على نفسية الطلبة و تحصيلهم الدراسي والعلمي، 5الحالة الميكانيكية المتردية للحافلات التي تجول بالمدينة وأحيائها، تغني عن كل تعليق! فكم من مرة تهاوت « الأحشاء» الميكانيكية لهذه الحافلات دون سابق إنذار، وفي أوضاع مرور وجولان ،حبلى بالمخاطر والمفاجآت و يصعب التحكم فيها، كالأحشاء التي تنسحب إلى الخارج عند طعنة سكين!! ويزداد الطين بلة في المنحدرات والمرتفعات اللتين تطبعان جغرافية المدينة ، وإذا أضيفت إليها عوامل انعدام الصيانة ورداءة الحالة الميكانيكية للحافلات كالفرامل وغيرها... فالخطر يداهم الجميع ،ركابا ومارة،- لاقدر الله- مع وقف التنفيذ ! أما النقل الحضري ذو الصلة بالمركبات من الصنف الثاني (الطاكسيات الصغار)، فتلك حكاية أخرى.تناسل هذه المركبات وتوالدها بشكل جاوز الحد يطرح أكثر من سؤال ؟ أولها يخص مصدر هذه الممارسة الريعية التي تتمثل في منح الرخص والمأذونيات، كيفما اتفق، دون حسيب أو رقيب في غياب الشفافية والوضوح وبدون ضوابط ، بحيث تظهر مركبات جديدة ذات أرقام مميزة، في كل وقت وحين بكيفية فجائية، ما يطرح علامات استفهام عن عينة المستفيدين من هذه الرخص وعن كيفية حصولهم عليها ومن يقف وراءها ؟ و هو الأمر الذي بات يشكل مصدر قلق لشريحة عريضة من سائقي هذه العربات التي استشعرت ضررا كبيرا جراء منح هذه الامتيازات، الذي يجري في جنح الظلام، بحيث انعكس ذلك ، سلبا، على أرزاقها ومدخولها بالنظر للمصاريف والتكاليف الباهظة والمتنوعة التي تتطلبها الصيانة ولوازمها وكذا الواجبات الضريبية والفحوصات التقنية الدورية، إلى غير ذلك من المصاريف .وهو ما شكل موضوع ملفات مطلبية مرفوعة للمسؤولين في مناسبات عدة ودافع لتعبيرات ووقفات احتجاجية مرات ومرات... أضف إلى ذلك الانعكاسات السلبية للمنافسة غير الشريفة التي يقوم بها أصحاب النقل السري في نقط عدة من المدينة، والتي تؤثر على قطاع النقل الحضري بالمدينة، فهل من متدخل لإصلاح هذه الاختلالات وتقويمها والحد من انعكاساتها وتداعياتها ؟ ألاتشكل منظومة النقل الحضري،بكل أبعادها وعناصرها، مجالا حيويا يستدعي تدخل جميع المسؤولين و الفاعلين بدل إدارة الظهر لها؟ لماذا يحصل كل ذلك ، ولا مراقبة أو اهتمام أو التفاتة من قبل من وجدوا أنفسهم بقدرة قادر، ماسكين بزمام الشأن المحلي بهذه لمدينة؟!