في أول وآخر ندوة كانت عقدتها اللجنة الابتدائية للاحتراف، تم الإعلان من طرف رئيسها البكاوي، بأن كل أندية القسم الوطني الأول قد استجابت لدفتر التحملات المتعلق بالبطولة الاحترافية، ومنها الشرط المتعلق بتوفير مبلغ 900 مليون سنتيم. قلنا حينها، هذه خطوة هامة نحو ضمان جانب من التسيير المالي المتعلق بأجور اللاعبين وتحفيزاتهم، خاصة وأن رواتب اللاعبين في معظم الأندية لاتتجاوز 6000 درهم. كان هذا انطباع موضوعي لتلك الصورة الجميلة التي رسمتها اللجنة الإبتدائية للاحتراف لنفسها، وزاد من تأكيد جمالية الصورة أن المسؤولين في اللجنة كانوا يتكلمون بصرامة الواثق من تنفيذ كل القرارات، وكل بنود دفتر التحملات. الآن، وبعد مرور الشطر الأول من البطولة، بدأت تنكشف العورات، وسقط القناع عن اللجنة الابتدائية للاحتراف. القناع سقط بظهور العديد من المشاكل المالية على سطح بعض الأندية، وتضرر من ذلك في الدرجة الأولى اللاعبون. ففريق النادي القنيطري لم يتوصل لاعبوه بمستحقاتهم لما يقارب الثلاثة أشهر، نعم هناك مشاكل متداخلة وتصفية حسابات، ولكن كان قبلهما التزام بوضع 900 مليون سنتيم. فأين اختفت مادامت اللجنة الابتدائية للاحتراف كانت أعلنت عن توفر فريق النادي القنيطري على هذا الشرط. غياب المال في خزينة النادي دفع باللاعبين إلى الاحتجاج والتوقف عن التداريب، وكانوا على وشك الإعلان عن اعتذار أمام فريق الجيش الملكي، وكان معهم كامل الحق، لأن لهم التزاماتهم تجاه عائلاتهم وأسرهم، والتزامات تجاه أشخاص آخرين، وربما يمكن أن يتعرض بعض هؤلاء اللاعبين إلى الإكراه البدني، إذ كانت في ذمتهم ديون لأبناك أو مؤسسات للقروض. نفس المشاكل يعاني منها فريق اتحاد الزموري للخميسات الذي صرح رئيسه الكرتيلي في أحد اللقاءات الإذاعية بأن له شراكة مع «الزلط». وبعيدا عن الفرق التي يمكن أن نقول أنها فقيرة، فقد أصبحت المشاكل المادية تطفو، أيضا، في سماء فريق المغرب الفاسي الفائز بكأس الاتحاد الأفريقي وكأس العرش، وهذا يجعلنا نشفق، بأسف شديد، على حال الأندية المغربية، ونضع علامة استفهام كبيرة على مدى صرامة اللجنة الابتدائية للاحتراف، في تتبع ملف الاحتراف بالجدية المطلوبة، كما عليها أن تعترف بأنها ذهبت ضحية «فهلوة» بعض المسيرين الذين التزموا بوضع ضمانة 900 مليون سنتيم، أو أنها تساهلت معهم. وبعد أن تم قبول الملف تم سحب الأموال من حساب الفريق. هذا العبث وهذا الأسلوب في التعامل مع ملف الاحتراف يعطينا الحق في الجزم بأن احتراف بطولتنا في كرة القدم هو احتراف لم يتجاوز النصوص، وبعض «الاكليشيات» وبعض الصور المنمقة التي تم وضعها في د فتر التحملات الذي لم يحترم في أهم شق منه، وهو الشق المالي، الذي يعتبر عصب الحياة في الأندية، ومن دونه لن يكون هناك أي أفق للاحتراف أو شبه احتراف ولا حتى الهواية.