لم يشهد قطاع من القطاعات الحكومية خلال الخمس سنوات الماضية، ارتجالا وعشوائية مثل الذي عرفه قطاع الشباب. ولم يعرف قطاع تيها في سياسته مثلما عاشه هذا القطاع الذي قاده وزير بدون بوصلة ولا استراتيجية ولا أهداف، كما رسمها البرنامج الحكومي للحكومة المنتهية ولايتها. هناك استنتاجات أولية يمكن لأي متتبع أن يرصدها بسهولة بشأن حصيلة وزارة أسندت لشخصية تم استيرادها من القطاع الخاص، وصبغها بلون حزب هو التجمع الوطني للأحرار: أول هذه الاستنتاجات أن الوزير الذي جاء يحمل معه شعارات ضخمة لم تكن في الحقيقة سوى شجرة خطاب يخفي وراءه غابة من العجز والجهل بشؤون تدبير قطاع حيوي هو قطاع الشباب. فعندما تم تعيين منصف بلخياط في 29 يوليوز 2008 أوهم الرأي العام، بل حتى الفريق الحكومي، بأنه يحمل في حقيبته مشروعا «حداثيا» ومنهجية عمل «متطورة»، لكن مع مرور الأيام برزت حقائق صادمة، أبرزها أن الوزير غرق في كرسيه أمام جهاز الحاسوب يدير القطاع من خلال صفحة فايسبوك ، والوزارة انطلاقا من نافذة سيارة«أودي» استطاب كراءها من المال العام. ثاني الاستنتاجات أن الوزير أراد فصل قطاع الشباب عن عمقه التاريخي، وعن المكتسبات التي حققها في فترات سابقة. هكذا شن حملة شعواء ضد الجمعيات الوطنية ونعتها بأبشع النعوت ،بل مد لسانه ليهين أحزابا ومؤسسات إعلامية . وعمل على إغلاق كل البرامج التي خلقت ديناميكية ثقافية وفكرية وتنشيطية بالقطاع دون أن يأتي بالبديل. ثالث الاستنتاجات أن الوزير، نظر إلى الوعاء العقاري للقطاع، من أراضي ومراكز استقبال وغيرها، نظر إليها بعين «الوزيعة»، وكأن تعيينه على رأس الوزارة شمل بندا وحيدا وهو تتريك قطاع الشباب وتصفية مرافقه وتجهيزاته. رابعا، أغرق الوزارة بديون في صفقات لمنتوجات، العديد منها أبدعها الموظفون ،لكن تمت قرصنتها لتدرج في أسماء وكالات تجارية دون مراعاة للحقوق الفكرية لأصحابها الأصليين. لقد اعتمد الوزير على ««الزواق»» في عدد من خرجاته الاستهلاكية التي لم تكن لها أي قيمة مضافة، بل كانت تذهب جفاء كالزبد. خامس الاستنتاجات، اعتماده على سياسة «فرق تسد» داخل الجسم الإداري للوزارة . وتهميشه لكفاءات كلف بناؤها سنوات عديدة واستثمرت فيها إمكانيات باهظة. هكذا زج بالرأسمال البشري في فراغ قاتل رغما عنه، وضدا على حيويته وحماسه. اليوم، الوزارة بحاجة الى افتحاص في إطار الشفافية، وإلى أن تستعيد برامجها التي شكلت مكتسبات للشباب، وطنيا ومحليا، وأن تستعيد مسارها الطبيعي، وإلى إعادة الاعتبار الى الموظفين الذين حالت شطحات الوزير وعشوائية تدبيره دون أن يقدموا للقطاع مايتوفرون عليه من قوة اقتراح وإبداع وتنفيذ.