وفاء وعرفانا لما قدمته على المستوى المهني في سلك القضاء، ومجهوداتها الجبارة في مجال حقوق الانسان، فضلا عن بصماتها الخالدة في المجتمع المدني، ونظرا لمسارها النضالي والاستثنائي بامتياز، أبت مجموعة نساء منظمة العفو الدولية فرع المغرب ضمن برنامجها الطويل الأمد «نساء من أجل حقوق الانسان»، إلا أن تنظم حفلا تكريميا للقاضية والمناضلة الجمعوية زهور الحر يوم السبت الماضي بالرباط. لقد أجمعت عدد من الشهادات المقدمة في حق ذ زهور الحر على أنها امرأة استثنائية، بالنظر لمسار المهني في سلك القضاء ونضالاتها الجمعوية في وقت مبكر كان فيه العمل الجمعوي شبه محرم على المشتغلين في سلك القضاء، بالنظر لطبيعة العمل الذي يباشرونه في المحاكم المغربية، وبصماتها التي تركتها في الاعداد لمدونة الأسرة ،حيث كانت من بين ثلاث نساء تم تعيينهن باللجنة الاستشارية من أجل إعداد مشروع المدونة الى جانب المناضل امحمد بوستة، وذ. ادريس الضحاك. إنها لحظة وفاء وتكريم لامرأة استثنائية ناضلت منذ أن تخرجت من المعهد العالي للقضاء سنة 1979، حيث قامت ببحثين مهمين لم يسبق أن اتخذ هذين الموضوعين أي أحد كمواضيع للبحث، فالأول يتعلق ب»الأحوال الشخصية عند العبريين المغاربة» والبحث الثاني حول « محاكمة مجرم مختص في قتل الأطفال بالدار البيضاء»، بالإضافة الى مسيرتها المهنية كقاضية بالجديد، حيث كانت المرأة القاضية في بداية التجربة بالمغرب تقتصر فقط على مدينتي الرباط والدار البيضاء فقط، فكانت بذلك زهور الحر كأول قاضية تم تعيينها بمدينة الجديدة سنة 1979 في مجال القضاء الاجتماعي، حيث عرفت هذه المرأة القاضية في المجتمع الجديدي بالقاضية الديمقراطية في مدينتهم، نظرا لقراراتها الحكيمة داخل المحكمة وفي القضايا الاجتماعية التي تتطلب الإنصاف والعدل.كما أكدت الشهادات على أن زهور الحر كان لها دور محوري في عدد من الاقتراحات العملية والميدانية في إعداد مدونة الأسرة التي هي بين أيدينا الآن، والتي جعلت عددا من الدول العربية وفي مقدمتها مصر الشقيقية تقول إن المغرب بلد عربي رائد في هذا المجال، لما راكمه من تجربة نموذجية في مجال مدونة الأحوال الشخصية وقضاء الأسرة على المستوى التشريعي والقانوني.، وهذا لن يكون واقعا ملموسا في المغرب بدون وجود نساء ورجال من طينة ذ زهور الحر، التي شكلت قوة اقتراحية ونظرية وميدانية لعدد من القضايا التي تخص مدونة الأسرة التي دخلت حيز التطبيق ببلادنا لما يفوق سبع سنوات. وفي كلمة خلال هذا لحفل التكريمي لمحمد السكتاوي رئيس منظمة العفو الدولية بالمغرب، أكد خلالها على أن المنظمة تهدف من خلال تكريم أحد الأصوات النسائية المدافعة عن حقوق الإنسان الذي يصادف شهر دجنبر من كل سنة، لتسليط الضوء على الإسهام الكبير لهؤلاء النساء اللائي يشاركن في تنظيم الفعاليات الجماهيرية، ويفضحن جرائم حقوق الانسان ويساعدن في الضغط على السلطات دعما للرجال والنساء والأطفال، والمعرضين لخطر الانتهاكات، وضمان أمن المجتمع بصفة عامة. وفي السياق ذاته قال السكتاوي «واليوم ، والمغرب يمر بمنعطف تاريخي حاسم وتشكيل حكومة جديدة في ظل دستور جديد يرسخ الحقوق والحريات العامة، تختار منظمة العفو الدولية تكريم ذ زهور الحر التي ارتبطت حياتها المهنية والاجتماعية، كمدرسة، ومحامية، وقاضية، بساحات متعددة لنضال الشعب المغربي من أجل الكرامة، وهو النضال الذي أوصل المغرب الى هذه اللحظة التاريخية في معركة التغيير الديمقراطي. ووجه السكتاوي رسالة واضحة الى الذين يتبوؤون السلطة بالمغرب، في هذا الحفل التكريمي لإحدى القاضيات في البلاد، أن أمامهم فرصة غير مسبوقة لإجراء إصلاحات مؤسساتية وقانونية دائمة، وللقطيعة مع إرث الماضي، مضيفا في هذا الصدد أن المغاربة يستحقون تغييرا حقيقيا وليس تجميليا، داعيا الحكومة الى خلق الأجواء المناسبة لبعث الثقة لدى المواطنين بأن نظام العدالة يعاملهم بشكل منصف ونزيه، ومنح الاستقلالية والأمن الوظيفي للقضاة لكي يتمكنوا من توفير الحماية لكل المغاربة ولضمان احترام سيادة القانون. ومن جهتها شددت فاطمة الزهراء بلقايد في كلمة لها بمناسبة هذا التكريم باسم مجموعة نساء منظمة العفو الدولية فرع المغرب، على أن زهور الحر في ساحة العدالة، انظمت كقاضية الى صفوة القضاة المدافعين عن سلطة القضاء المستقل، كما تميزت باجتهاداتها في القضاء الاجتماعي وبإنصافها لضحايا انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في قطاع الشغل، بل امتدت أنشطتها الى محاربة تشغيل الأطفال. وفي ساحة المجتمع المدني ، وقفت زهور الحر الى جانب إقرار حقوق المرأة، حيث كان لها دور حاسم وشجاع في مواجهة التيارات المحافظة أثناء احتدام النقاشات التي عرفها المجتمع المغربي سنة 2004، وانتقل صداها الساخن الى اللجنة الملكية الاستشارية لتعديل مدونة الأسرة. وفي آخر هذا هذا الحفل التكريمي الذي استقطب عددا كبيرا من الحضور والفعاليات الحقوقية والمدنية والجمعوية والفنية، والذي تخللته وصلات موسيقية فنية رائعة، قدم للأستاذة زهور الحر نصب تذكاري لمجموعة نساء منظمة العفو الدولية، من قبل محمد السكتاوي وباقة ورد من الفنانتين حسناء وكريمة البدوي.