-1 كانت تتوسّد زنده الأيسر كل العمر، وأنفاسها تدغدغ بشرته ويغفو على إيقاع زفيرها . أنفه المندسّ في شعرها المجعد المنثور يشم قاع رأسها، ودفء شهيٌّ ينبعث من ظهرها على جسده المتعب من شقاء النهار لكسب الرغيف المغمس بطعم عشقها الأبدي. -2 فتح عينيه.. لا ثقل على زنده .. وملحف الشعر قد زال عن وجهه.. ولم يشم رائحة قاع الرأس... وصليل يحتوي صدره .. تحسست كفّه اليمنى عن ذلك الجسد الزئبقي الملمس.. شعر ببرودة المكان... وكالبرق الصاعق تذكر أنها رحلت وما عادت له ولا لغيره .. -3 ثار في صدره بركان الحسرة والقهر واليأس والعجز و ... أيقن أنها رحلت الرحلة الأبدية ، تركته وحيدا بعد أن سلبته كل ما حوله من الناس بحبها... كأن في صدره موقدٌ اتقد... واصطكت أذناه... ذويٌّ هائل في رأسه...انتفاخ سريع غمر كل جمجمته.... شهق ولم يسمع لقلبه طبل... وومضة بيضاء طويلة أغشت ناظره وبدأت تتلاشى وما عادت رئتيه تشتهي الشهيق.. -4 لمسة يعرفها على جبينه تداعب شعره... وهمسة كونية اعتاد عليها تردّد : « حبيبي ما أوفاك» لم تقدر أن تطيل المكوث دونه... وضحكةٌ حورية تهتفُ : هذا هو حبيبي ما خذلني يومٌ قطّ.. ولم يطل انتظاره لها... أسرع في لحوقه بها. . وبدأت تقرأ له آيات من كتابها المقدس!