في السنوات القليلة الماضية ، سجلنا في البطولة الوطنية، ظاهرة توافد مجموعة من اللاعبين الذين ازدادوا بأوروبا، أو الذين مارسوا بالخليج، بعد تألق محلي، غير أن الغالبية العظمى منهم لم تقدم ما كان منتظرا منها، وشكلت عبئا ماليا على فرقها، وساهمت في إحباط مجموعة من المواهب، التي كانت ستطور مستواها، وتكون قيمة مضافة داخل فرقها، لو أنه حصلت على الفرصة المناسبة. كثيرة هي الأسماء التي جربت حظها بالدوري المغربي، ففشلت في مسعاها، ليس لمحدودية إمكانيتها، ولكن ربما تداخلت عدة عوامل، أبرزها طريقة التعامل داخل الأندية، التي كانت تتخبط في دوامة الهواية، أضف إلى ذلك إحساس اللاعبين، خاصة العائدين من الخليج، بأنهم ليسوا في حاجة إلى أموال فريقهم الجديد، وبالتالي يحق لهم التصرف على هواهم. ويجمع العديد من المتتبعين أن مثل هذه الصفقات محكومة بالفشل من بدايتها، نتيجة الطريقة التي تمت بها، وأيضا تدخل المسيرين بشكل كامل فيها، مع إقصاء المدربين من العملية، الأمر الذي يفرض ضرورة تشكيل لجن تقنية مكلفة بمسألة الانتدابات، ووضع الشروط والمعايير التي ينبغي توفرها في اللاعب المراد انتدابه، حتى يتقلص هامش الخطأ، وتفادي حدوث أي أزمة بين المدرب ولاعبيه، حيث يجد مجموعة منهم أنفسهم خارج منظومته التاكتيكية، وهو ما يفجر أزمة داخلية، قد تفضي إما إلى تسريح اللاعب أو الانفصال عن المدرب. يحمل إلينا واقع الممارسة العديد من السلبيات، التي كانت أحد أسباب تواضع المنتوج، فطغيان الهاجس المادي لدى بعض المسيرين، يؤدي إلى إغراق الفرق بلاعبين دون أن تستفيد منهم، كأن يتم جلب البعض قبل التعاقد مع المدرب في بداية الموسم، وأيضا التخلي عن هذا المدرب في فترة الانتقالات الشتوية، مع تسريح بعض هؤلاء اللاعبين، وجلب آخرين، وبعدها يتم التعاقد مع مدرب بديل يكون مجبرا على التعامل مع هذه « الخردة»، التي وجدها أمامه، والتي يخرج الكثير منها عن المنظومة التقنية التي يسطرها. كما أن بعض المسيرين يكونون مجبرين على الاستجابة لمطالب الجمهور، الذي ينادي بضرورة التعاقد مهع لاعبين جدد، غير أن ضعف ميزانيتهم المالية، يدفعهم إلى البحث عن لاعبين بأرخص الأثمان، وهنا نسوق حالة الرجاء البيضاوي خلال هذا الموسم، فبعد أن رفض المكتب المسير الاستجابة لطلب المدرب امحمد فاخر، الذي نادى بضرورة تعزيز الفريق بلاعبين يشغلون أماكن محددة، بهدف تقوية الفريق، رفض المكتب المسير، وبرر ذلك بقرار الاعتماد على أبناء الفريق، الأمر الذي فجر العلاقة بين المكتب و المدرب، أفضت في الختام إلى رحيل هذا الأخير، لكن سرعان ما غير المكتب المسير قراره ب 180 درجة، وانتدب مجموعة من اللاعبين، قبل أن يتم التعاقد مع المدرب الروماني بلاتشي، الذي وجد نفسه مجبرا على التعامل مع مخزون بشري لا يستقيم والنهج الذي أراد الاعتماد عليه، فكان الانفصال عنه، والتعاقد مع المدرب الفرنسي بيرتران مارشان، الذي تتحدث الكواليس الرجاوية عن عدم رضاه على مجموعة من اللاعبين، وأنه وضع قائمة طويلة من اللاعبين الذين يريد أن يتخلى عنهم في فترة الانتقالات الشتوية، وقد تشمل عشرة لاعبين. وحتى دوكاستل داخل الوداد وجد نفسه خارج سياسة الانتداب، كما كان شأن البرازيلي دوس سانتوس، وغيره من المدربين بالعديد من الأندية الوطنية. هو وضع غير واضح، والأكيد أن الحاجة أصبحت ملحة لإسناد عملية الانتدابات للجنة تقنية متخصصة، وبالتالي تفادي مثل هذه العشوائية، التي أضرت كثيرا بكرة القدم الوطنية. في هذا الملف نناقش أسباب فشل العديد من مثل هذه الصفقات، ونقف على بعض الحالات التي عاشت التجربة، وما هي الحلول المقترحة لجعل مثل هذه الصفقات قيمة مضافة داخل الفرق المغربية.