أبقى فريق المغرب الفاسي كأس الاتحاد الإفريقي بالمغرب، بعد تغلبه مساء الأحد الماضي على النادي الإفريقي التونسي بمركب فاس، فرد بالتالي الاعتبار لكرة القدم الوطنية التي فقدت لقب دوري عصبة أبطال إفريقيا، بعد هزيمة الوداد في لقاء النهاية أمام الترجي التونسي. وبذلك أفسد النمور الصفر حلم التونسيين بلعب فريقين محليين كأس السوبر الإفريقية. واحتاج المغرب الفاسي إلى ضربات الترجيح لتخطي عقبة النادي الإفريقي، الذي حل بفاس مسلحا بامتياز الهدف الواحد الذي تفوق به في لقاء الذهاب، والذي كان يراهن على المرتدات لبلوغ مرمى الحارس الزنيتي الذي كان متألقا كعادته. كسب المدرب رشيد الطاوسي رهانه، عندما أعلن عقب نهاية مباراة الذهاب بتونس أن مركب فاس سيكون مقبرة للإفريقي، وفعلا قاد فريقه إلى تكرار إنجاز الفتح الرباطي في الموسم الماضي، الذي انتزع اللقب من نادي الصفاقسي التونسي. ولم تكن المباراة سهلة على الطرفين، وخاصة الفريق الفاسي، الذي كان يتعين عليه التسجيل لتعويض تعثر الذهاب وتفادي استقبال أي هدف يمكن أن يعقد المأمورية التي كانت تتطلب تسجيل هدفين في الوقت القانوني لحسم اللقب، لكن الحذر من أي مفاجأة تونسية دفع لاعبي الفريق الأصفر إلى اللعب برزانة وهدوء وانتظار الضربات الترجيحية، التي تبقى الاختصاص الأول للحارس أنس الزنيتي. وأظهرت الدقائق الأولى أن الحارس التونسي أيمن بن أيوب مرتبكا، ويمكن هزمه بالاعتماد على التسديد من بعيد، ولاسيما بعد عجزه عن صد تسديدة الشطيبي في الدقيقة 20، حيث ارتدت منه الكرة دون أن تجد من يتممها إلى الشباك. وأيضا في الدقيقة 26 بعدما ارتدت منه الكرة مرة أخرى عقب تسديدة لسعيد الحموني. ثم تلتها حملة سريعة في الجهة اليسرى، بعد كرة ملعوبة بين العياطي والحموني، الذي سدد بقوة لكن الحارس هذه المرة يبعد الكرة إلى الزاوية. وواصل الفاسيون بحثهم عن الهدف معتمدين بشكل ملحوظ على الجهة اليسرى، بفعل انسلالات كل من الشطيبي، الذي كان نشيطا، والعياطي وسعيد الحموني. وبغية الحد من خطورة اللاعبين الفاسيين، اعتمدت عناصر النادي الإفريقي على التدخلات الخشنة، التي كلفت محمد اليعقوبي البطاقة الصفراء، بعد عرقلته لشمس الدين الشطيبي في الدقيقة 33، وأيضا الضغط على الحكم، الذي كان موضوع احتجاج الفريق التونسي، باعتبار أن هذه المباراة هي الأخيرة في مشواره التحكيمي. الطموح الفاسي في هز شباك الحارس أيمن بن أيوب تحقق في الدقيقة 36، بعد تسدية قوية لمحمد ديوب، عجز الحارس عن صدها، فارتطمت الكرة بالعارضة الأفقية وتخطت خط المرمى، لكن الحكم بادارا أعلن عن ضربة خطأ بعد الاستشارة مع مساعده الثاني. هذا القرار الجائر لم يحبط عزيمة النمور الصفر التي واصلت مدها في الدقائق الأخيرة من عمر الشوط الأول، بحثا عن الهدف الذي تحقق بتسديدة انطولوجية للمهاجم موسى تيغانا في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع، بعد توصله بكرة «مقشرة» من اللاعب يوسف العياطي، لتنفجر المدرجات فرحا بهدف فتح باب التتويج. وفي الجولة الثانية ، وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع غزوا فاسيا لمعترك النادي الإفريقي، عم الحذر الطرفين، وتسللت الرتابة إلى الأداء، رغم بعض المناوشات التي كان يقوم بها هذا الطرف أو ذاك، وخاصة من جانب المغرب الفاسي، الذي كان مساندا بجماهير قياسية، فاقت 45 ألف مشجع. وشكلت الدقيقة 60 منعطفا جديدا في اللقاء، حيث طرد الحكم السينغالي بادارا اللاعب التشادي إزيكييل، بعد خشونة متعمدة في حق اللاعب يوسف البصري. هذا النقص العددي لم يؤثر على أداء الفريق التونسي، الذي حافظ لاعبوه على توازنهم النفسي ونجحوا في امتصاص حماس العناصر الفاسية، التي غالت في الحيطة، وبدت كأنها تنتظر صافرة النهاية، مراهنة على ردود فعل الحارس أنس الزنيتي، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع. ورغم التغييرات التي أدخلها المدرب رشيد الطاوسي بتعويض كل من العياطي بحلحول والحموني باليونسي إلا أن النتيجة بقيت على حالها، وكان لزاما اللجوء إلى الضربات الترجيحية لتحديد مصير اللقب. وكادت نهاية المباراة أن تأخذ منعطفا آخر، بعدما اعتقد الفريق الفاسي أن المباراة انتهت، بعد خطأ في السبورة الإلكترونية، التي سجلت التفوق المغربي، عقب إهدار لاعب تونسي للضربة الترجيحية السابعة، حيث اقتحم بعض محبي وطاقم احتياط الماص أرضية الميدان، قبل أن يتم إخراجهم من جديد، بعدما اكتشفوا أن المغرب الفاسي لم يسدد ضربته الترجيحية، التي أسندت للزنيتي، الذي كتب آخر سطر في ملحمة التتويج، الذي بحث عنه الماص لتسعة أشهر. ومباشرة بعد تسجيل أنس الزنيتي، الذي صد ضربتي جزاء، منها الضربة الترجيحية الأخيرة، انفجرت المدرجات هتافا، بلقب انتظرته العاصمة العلمية لسنوات، وإن كان الوصول إلى المباراة النهائية يبقى انجازا غير مسبوق في تاريخ الماص. قبل ان تنتقل الفرحة إلى مختلف شوارع العاصمة العلمية، التي عاشت أجواء احتفالية ليلة الأحد- الاثنين، حيث أطلقت الجماهير العنان لحناجرها هاتفة متغنية بأمجاد الماص تحت إيقاع منبهات السيارات، حيث شلت الحركة بشوارع المدينة الرئيسية، وخاصة شارع الحسن الثاني.