البرنامج التلفزيوني الجديد «المدام مسافرة» الذي يبث كل أسبوع، بالقناة الثانية في ساعات الذروة، خلف جدلا واستياء لدى المغاربة، بعد تقديم حلقات منه، فهو برنامج مستنسخ عن القنوات الأجنبية، وفكرته بليدة جدا، وتقدم صورا مغلوطة حول طريقة عيش المغاربة، لأن مخرجته المغربية ذات الجنسية الفرنسية زكية الطاهري وزوجها الجزائري أحمد بوشعلة تناولوا طبقة اجتماعية مسحوقة، وذلك عن قصد للإساءة للمغرب، من أجل شهرة زائفة. وقد تضاعف هذا الاحتجاج على برنامج «المدام مسافرة» بعد توقيع الحلقة الثانية؛ ببهارات وإيحاءات جنسية وأخرى تتحدث عن شرب الخمر في شهر شعبان، لايمكن لأحد الصمت عنها وتجاوزها دون انتقادها، وخصوصا أن القناة الثانية، شركة تابعة للقطب العمومي، ودورها نشر الثقافة المغربية وتربية النشء.. كما يفترض في هذه القناة التي تمول من أموال دافعي الضرائب أن تراعي في برامجها الأخلاق العامة، والملاحظ أن القناة الثانية وسياسة تحريرها في طريقها نحو الإفلاس، فالهدف صار واضحا من وراء سلسلة برامجها الجديدة، أي جني حصة كبيرة من الإشهار إرضاء للمستشهرين على حساب الأسر المغربية، التي تقبل على مشاهدة الإنتاج الوطني ويكون وقتها جميع أفرادها جالسين أمام الشاشة. وهي أمام هذا، أي القناة الثانية، تجعل المغاربة يهجرون مشاهدتها نظرا لما تسببه لهم من إحراج، ثم بعدها يصوبون وجهتهم نحو قنوات أخرى، على الأقل تتوفر فيها شروط المهنية الإعلامية. وأما عن الحلقة الثانية من برنامج «المدام مسافرة»، وهي مربط هذا الجدل والاحتجاج، فقد ظهرت في إحدى المشاهد نساء في وضعية مخلة رقصة دائرية،.. وهن بجوار مسبح بمنتجع سياحي بمراكش، وفجأة تنضم إليهن إحدى المشاركات، وترقص وسطهن رقصا مثيرا، لهذا فإن هذا المشهد خدش كبرياء المغاربة، وعرى كرامتهم، لأن الكاميرا ركزت عليه بشكل مباشر.. هو إذن مشهد لا يليق بامرأة متزوجة مشاركة في برنامج يشاهده الملايين من المغاربة، وتتناقله الكثير من المواقع الالكترونية والاجتماعية. وإذا كانت القناة الثانية المغربية، ركزت في السنوات الأخيرة، على بعض برامج الواقع التي يمكن أن تستقطب بواسطتها نسبة كبيرة من المشاهدين، والمغاربة بدورهم تعودوا على مشاهدتها بطمأنينة، مثل برنامج «مختفون»، «الخيط الأبيض»، لأنها ساهمت أحيانا في جمع شمل الأسر المغربية وإيجاد حلول لمشاكلها، وهذا مالم يتحقق في برنامج «المدام مسافرة» ، ولن يتحقق، لأن توجهه عكس أهداف البرامج التي ذكرنا، لأنه أثر سلبا على الثوابت الأسرية والأمن الروحي في استقرارها، ولهذا قد يكون لبرنامج «المدام مسافرة» في المستقبل جوانب من الأعراض في زعزعة شمل الأسر المغربية. فأصحاب برنامج «مدام المسافرة»كأنهم يضعون الأسر المشاركة في مختبر للتجارب، ويستغفلون عقولهم في إهانة واضحة لذكائهم. ولهذا، فمخرجة برنامج «المدام مسافرة» رسبت في الامتحان، وأخطأت الطريق والاقتباس حينما قامت بتنزيل فكرة البرنامج « the week the women went»، الذي سبق وعرضته قناة ال «بي بي سي»، وإذا كان من اعتبر برنامج «المدام مسافرة» مغامرة أسرية في المغرب والعالم العربي، فهو بالفعل مغامرة سيئة جدا وخطيرة، وعواقبها إن لم تظهر الآن، ستظهر أثارها بعد حين آخر، سواء على المشاركين في البرنامج أو المشاهدين. ومعروف عن الأسر المغربية ثوابتها الموروثة عن الآباء والأجداد، والتي لايمكن زعزعتها،أوتغيير مسارها نحو الحداثة الهجينة، لذا كيف غُرر بتلك الأسر المسكينة المنحدرة من العالم السفلي، والمنتمية لطبقة اجتماعية، بالكاد حصلت على شقة في إقامة بضواحي الدارالبيضاء في حي مولاي رشيد، والتي كانت في البداية حيا صفيحيا قبل أن يتحول إلى إقامة سكنية، لذا ما نوع وقيمة تلك الإغراءات المادية التي قدمت لهم للمشاركة في البرنامج، مقابل فتح غرف نومهم وأسرارهم كما حدث في الحلقة الأولى. وإذا كانت الأسر المغربية مشهود لها بطيبوبتها، وكرمها، فإننا نجدها في أقصى الحالات لاتفتح بيوتها للأغراب، ولا تسمح بتاتا بفتح سجل أسرارها، أو الحديث عنها مباشرة، خصوصا في ما يتعلق بالعلاقات الحميمة، أوالدخول في تفاصيلها الصغيرة لحياتها، وهذا من بين ثوابت الاستمرار في الحياة الزوجية والأسرية، والتي تعد بمثابة حصن حصين، تؤطره وتركز قواعده قوانين مستمدة من تقاليد وعادات موروثة، تلتقي فيها الشهامة والغيرة العربية والأمازيغية والأندلسية. وإذا كان البرنامج المذكور ركز على حياة عشرة أزواج وأدخلهم إلى مختبر تجارب مخرجته زكية الطاهري وأحمد بوشعلة، وهنا لانعتقد أن أي مغربي قح كان في مكانهم، كما يزعم أصحاب البرنامج أن الأزواج هم من اختاروا عن قناعة منهم العيش من غير زوجاتهم، لمدة ثمانية أيام، وينوبون عنهن في تحمل مسؤولية تدبير المنزل، لتستمتع زوجاتهن بأسبوع كامل من الترفيه في إحدى المنتجعات الباذخة بمراكش. ولهذا فبرنامج «المدام مسافرة» سيجلب الكثير من المتاعب للأسر المغربية المحافظة التي ستتابع بقية حلقاته، وسيتعرض إلى المزيد من الهجوم، لأن البرنامج في مشاهده محاولات لخلق العصبية والفتن في أوساط الأفراد والجماعات. وأخيرا وليس آخرا، أتوجه بهذه الرسالة القصيرة للمخرجة زكية الطاهري وأحمد بوشعلة: لماذا هذا الاستخفاف بالمغاربة، ولماذا عجزتم عن استقطاب أزواج للمشاركة في برنامجكم أسر تنحدر من إقامات راقية بالدارالبيضاء وطبقة اجتماعية ميسورة؟ لذا لطفا ... لطفا...لطفا... بالقوارير كي لاتتكسر... ولا تضعوا البيض في سلة واحدة.