«الطاغية مات, ليبيا حرة», يقولها نادل في فندق في طرابلس وعيناه شاخصتان إلى شاشة التلفزيون الذي يبث صورة للزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي مضرجا بدمائه. ويضيف متوجها لزملائه «لا اصدق عيني. قضي الامر, قضي الامر... الله اكبر. تعالوا وانظروا! إنه هو» . وفي الخارج, يحتفل مقاتلو النظام الجديد بالنبأ على طريقتهم, مطلقين النار في الهواء من اسلحة مختلفة, من الرشاشات الخفيفة الى المدفعية الثقيلة. وبدا أن منع سلطات طرابلس إطلاق النار الابتهاجي هذا من دون جدوى. وجابت سيارات طرابلس لتذكر عبر مكبرات الصوت بان اطلاق النار الابتهاجي حرام بحسب فتوى اصدرها مؤخرا الشيخ صادق الغرياني الذي يحظى باحترام لدى ابناء طرابلس. بعض الطرابلسيين لم يصدق الخبر, خصوصا بعد معلومات متناقضة عن اعتقال او مقتل شخصيات خلال الاسابيع الاخيرة. وقال رجل مسلح كان على جبهة بني وليد احد معاقل القذافي "المحررة" قبل يومين "لا اصدق ذلك حتى الان. يجب ان اشاهد تسجيلا مصورا ". اما انيس السائق البالغ من العمر20 عاما فرأى ان بقاء القذافي على قيد الحياة كان ليشكل تهديدا مستمرا على البلاد. وقال "انا سعيد فعلا لوفاته. لولا ذلك, كان ليمثل خطرا على ليبيا ". واضاف "الان يجب العثور على سيف الاسلام" ابن القذافي الاخير الملاحق من العدالة الدولية والذي لعب دورا كبيرا في القمع الدامي للانتفاضة الليبية. وجاب عشرات الليبيين بسياراتهم شوارع العاصمة مطلقين العنان لأبواقها ما تسبب بزحمة سير خانقة. وفي ساحة الشهداء المعروفة سابقا بالساحة الخضراء, تجمع الآلاف رافعين اعلام ليبيا الجديدة بالاحمر والاسود والاخضر. وتكررت مشاهد الفرح في مدن ليبية اخرى سادتها الاحتفالات بمقتل القذافي. ففي زلطن (140 كلم غرب طرابلس) قام متظاهرون هستيريون بسحب صحافي في فرانس برس من سيارته لدى علمهم بانه فرنسي ليحملوه على اكتافهم وسط اطلاق نار ابتهاجي في الهواء هاتفين "شكرا فرنسا! شكرا ساركوزي! ". وهنا كما في باقي المناطق الليبية, قام انصار المجلس الانتقالي بتوزيع الحلوى على السيارات المارة عند الحواجز. وقام اخرون باطلاق العاب نارية نافست بأصواتها ازيز الرصاص في السماء الليبية. وفي زوارة (120 كلم غرب طرابلس), كان ضجيج الاسلحة الرشاشة والمضادات الجوية يدوي في المكان لدرجة لم يكن من الممكن سماع اي صوت اخر. وقطعت الطريق الساحلية التي تؤدي الى العاصمة قرابة الساعة00 ,22 بفعل زحمة سير خانقة حاول انصار المجلس الانتقالي بصعوبة فائقة تنظيمها. ونظم مئات النسوة والاطفال مسيرات حاملين اعلاما وهاتفين "انتهيت يا قذافي" في وقت افرغ الرجال رصاص اسلحتهم من دون توقف في الهواء. وسادت الاجواء الاحتفالية نفسها في صبراتة (70 كلم غرب العاصمة) وفي ضواحي طرابلس. وقال رجل ستيني ملتح "القذافي مات! هذا الكلب هدر حياتي كلها تقريبا, الا انني عشت ما يكفي كي ارى نهايته! الله اكبر! ". الا ان اخرين بداوا يفكرون في مرحلة ليبيا ما بعد القذافي. وقال محمد (24 عاما) الذي رفض كشف اسم اسمه الكامل, "علينا الان التفكير بليبيا الغد. لقد ضيعنا الكثير من الوقت, هذا يكفي" واضاف "امل ان تتوصل القوى السياسية سريعا جدا الى اتفاق في شان مستقبل ليبيا ", في وقت بدات مخاوف تظهر في ليبيا من الصراع على السلطة بين القبائل والمناطق وبين الاسلاميين والليبراليين, وكان الرجل الثاني في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل ابدى الاربعاء الماضي مخاوف من "فوضى" قد تنشا في البلاد جراء "معركة سياسية" مبكرة. الا ان عفاف التي تعمل مدرسة بدت اكثر تفاؤلا معتبرة ان "الليبيين لديهم امل كبيرفي المستقبل. ثمة ارتياح ولكن ايضا نفاد صبر لدى الليبيين. الغد سيكون بالتاكيد افضل ". واضافت "ثمة شعور بالحرية. الجميع ينتقد الجميع, من الطبيعي ان تحصل خلافات"