قال جمال أغماني عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي إن المغرب في حاجة ماسة الى نخب سياسية جديدة، وإلى رد الاعتبار للفاعل السياسي بعد التبخيس الذي تعرض له طيلة السنوات الأخيرة، نتيجة إفساد المشهد السياسي بشكل ممنهج، وهو ما جعل الاتحاد الاشتراكي يطالب منذ مؤتمره الثامن بإصلاحات سياسية ودستورية. وقد جاء الخطاب الملكي ل9 مارس كتتويج لما كان الحزب يطمح إليه من خلال المذكرة التي رفعها إلى جلالة الملك بخصوص هذه الاصلاحات. وأضاف أغماني خلال لقاء المناقشة الذي نظمته لجنة البرنامج الحزبي للاتحاد بفضاء تكنوبارك بالدار البيضاء أول أمس، والذي حضرته العديد من الجمعيات الشبابية التي تعنى مباشرة بعالم الاقتصاد، أن الاشكالية التي تطرح نفسها اليوم بشكل ملح حول الدستور الجديد الذي يعتبر وثيقة جيدة ، حتى بشهادة المعارضين لها، هي كيفية تنزيل مضامين ومقتضيات الدستور على أرض الواقع سواء ما تعلق منها بالعدالة الاجتماعية أو بتخليق الحياة السياسية والاقتصادية وتقوية دور المؤسسات .. ووجه جمال أغماني الدعوة الى الشباب للمساهمة مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في صياغة برنامجه السوسيو اقتصادي، مؤكدا أن اللجنة التحضيرية للبرنامج الحزبي التي يرأسها الحبيب المالكي، منفتحة على كل المقترحات الجادة التي تتوافق والمشروع الاشتراكي الديمقراطي. وأكد أغماني ان الأحزاب ذات التوجهات الاشتراكية في معظم الأقطار، هي التي استطاعت أن تعالج إشكالية النجاعة الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية، معتبرا أنه لا يمكننا في المغرب أن نتصور بأن النجاعة الاقتصادية بإمكانها وحدها حل جميع المشاكل ما لم تقرن بالمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق الدولة من جهة والمقاولات من جهة أخرى. وأضاف أغماني أن الحرص على هذه المزاوجة بين النجاعة الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية «هو الذي جعلنا في القطاع الذي نتحمل مسؤوليته منذ أربع سنوات، نتبنى وندافع بشدة عن مفهوم العمل اللائق الذي يضمن لكل عامل أجرا محترما وتغطية اجتماعية واضحة، و شروط الاشتغال في بيئة تحترم معايير السلامة كما تحترم علاقات الشغل المتعارف عليها دوليا» . ونبه أغماني الذي كان يخاطب ثلة من الجمعيات الشبابية، إلى أن أعداد الشباب التي تتوافد اليوم على سوق الشغل في المغرب تضاعفت بالمقارنة مع كانت عليه في السنوات السابقة، وأن هذه السوق مرشحة بسبب البنية الديمغرافية للمجتمع المغربي لأن تعرف خلال السنوات القادمة، مضاعفة أكبر للوافدين عليها من الشباب الباحث عن الشغل، وبالتالي فإن المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بالبحث عن حلول ناجعة لمواجهة هذا التطور ..ومن هنا يعتبر الاتحاد الاشتراكي أنه من الأهمية بمكان إشراك الشباب في صياغة برنامجه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والاستماع إلى مشاكلهم والإنصات إلى اقتراحاتهم ومساهماتهم في هذا النقاش الحيوي الذي يتجاوز الظرفية الانتخابية الضيقة، ويسمو إلى رسم معالم الوطن الذي يتمناه كل المغاربة. سلوى قرقري اعتبرت بدورها أن النقاش الذي فتحه الحزب مع مختلف هيئات المجتمع المدني حول الدستور الجديد، كان غنيا من حيث تركيزه على ضرورة إيجاد أفضل الحلول لتفعيله بالشكل الصحيح ، معتبرة أن الخطاب الملكي الأخير لدى افتتاح الدورة البرلمانية، حمل مجموعة من الاشارات الدالة على جسامة المسؤولية الملقاة على الجميع خلال الانتخابات التشريعية القادمة التي يجب أن تفرز برلمانا و حكومة قويين بإمكانهما تنزيل مقتضيات الدستور الجديد و ما يحمله من مضامين التوازنات الاقتصادية والاجتماعية. وأضافت قرقري مخاطبة الشباب أن عليهم تقع اليوم مسؤولية صناعة المستقبل بأيديهم، داعية إياهم ، باعتبارهم يمثلون هيئات شبابية واسعة ، الى تحمل مسؤولياتهم كاملة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية والتوجه الى صناديق الاقتراع حتى لا تتكرر كارثة 2007 .. وبخصوص البرنامج الحزبي للاتحاد الاشتراكي ، قالت قرقري «إن حزبنا الذي يشارك في الحكومة منذ 10 سنوات، ساهم في إعداد مجموعة من الاستراتيجيات القطاعية ، ونعتقد اليوم ، تضيف كركري، أن هذه الاستراتيجيات التي سمحت بتفعيل مقاربة تشاركية بين القطاعين العمومي والخاص والتي مكنت المغرب من ضمان متوسط معدل نمو اقتصادي في حدود 4.5 في المائة سنويا..هذه الاستراتيجيات القطاعية قد بلغت محدوديتها . وقد بدأنا نلاحظ منذ 2008 مجموعة من المِؤشرات السلبية التي بدأت تهيمن على المشهد الاقتصادي والتي هي ليست ناجمة بالضرورة عن الأزمة الاقتصادية العالمية فحسب، بل وكذلك عن مشاكل في البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ، على رأسها مشاكل تهم الحكامة و هي مشاكل ولدت واقعا اقتصاديا واجتماعيا يعرفه الجميع حيث العجز الموازناتي وصل الى 96 مليار درهم، و حيث المديونية فاقت 176 مليار درهم وحيث عجز الميزان التجاري فاق 41 مليار درهم ..كل هذه الأرقام المخيفة دفعت الاتحاد الاشتراكي الى التفكير بعمق في بنية الاقتصاد الوطني ككل، والبحث عن حلول شمولية وليس عن مجرد إجراءات ترقيعية» . فما يريده الاتحاد الاشتراكي تضيف كركري، هو صياغة استراتيجية قوية ومتكاملة تعيد هيكلة المنظومة الاقتصادية ككل، منظومة مبنية عموما على 3 محاور هامة : أولها الاصلاح الضريبي وثانيها عقلنة النفقات العمومية وثالثها إصلاح السياسة النقدية. والهدف من وراء كل هذا هو ضمان نمو عادل للثروات يستفيد منه الجميع ويضمن كرامة جميع المغاربة. وأكدت كركري أنه بإمكان تفعيل هذه المحاور التي سيتضمنها البرنامج السوسيو اقتصادي للحزب ، والتي سيعلن عن تفاصيلها الكاملة في بداية الشهر القادم ، أن يضاعف مداخيل الدولة 3 مرات ، معتبرة أن الدعوة إلى عقلنة النفقات العمومية لا تعني بالضرورة التوقف عن التوظيف في القطاعات العمومية بقدر ما تعني الدعوة إلى التوظيف العقلاني والمجدي للموارد البشرية المناسبة في المناصب المناسبة، إذ مازالت الدولة في حاجة إلى مزيد من التوظيف في قطاع التعليم وفي قطاع الصحة وفي قطاع العدل.. وبسبب اهتمام الهيئات الجمعوية الشابة التي حضرت اللقاء بالشق الضريبي من الإصلاح الذي يقترحه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بادرت سلوى قرقري ، العضو بلجنة البرنامج الحزبي، الى الكشف عن جزء من التدابير الضريبية التي سيقترحها هذا البرنامج الذي مازال قيد الصياغة قبل عرضه على الهيئات الحزبية لتبدي فيه رأيها ..وفي هذا السياق قالت قرقري إن الإصلاحات الضريبية التي ينادي بها الاتحاد الاشتراكي تنسجم تماما مع منطوق الدستور الجديد الذي ينادي بإقرار عدالة ضريبية تضامنية. وأضافت قرقري أنه لم يعد مسموحا في مغرب اليوم أن تظل فئة قليلة من المجتمع، هي التي تؤدي الضرائب. فالكل ينبغي أن يكون ملزما بالضريبة بحسب ما يحققه من ربح، سواء أكان شخصا ماديا أو معنويا، «ولقد استنتجنا، تضيف قرقري، في مقاربتنا داخل الاتحاد الاشتراكي للمنظومة الضريبية أن مجموعة من الضرائب المعمول بها حاليا، تستلزم إعادة النظر ومراجعة حقيقية ، وأعطت كمثال على ذلك نماذج الضريبة على الدخل التي ينبغي أن يعاد النظر في أشطرها بناء على المدخول الأسري ككل، وليس على الدخل الفردي، والضريبة على الشركات التي ينبغي أن تحدد بناء على الأرباح وليس بناء على رقم المعاملات . كما أن هذه الضريبة يمكن أن تتحدد في نسبة 20 في المائة مع إمكانية جعلها مرنة لتنزل الى نسبة 10 في المائة كما يمكنها أن تصل إلى حدود 30 في المائة، بحسب حجم المقاولة وطبيعة النشاط الذي تزاوله.. كما قالت قرقري إنه ينبغي عقلنة الدعم الذي تقدمه الدولة ليصل مباشرة الى المعنيين به دون الحاجة إلى وسطاء لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتقليص الفوارق الاجتماعية الذي ينادي به المجتمع اليوم .. من جهتها ركزت حورية التازي، عضو اللجنة الحزبية المكلفة بإعداد البرنامج على تيمة التنمية المستدامة، وعلاقتها بالمحيط البيئي بالشكل الذي يتصورها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي تشكل دعامة من دعامات البرنامج السوسيو اقتصادي للحزب . وقالت حورية التازي إنه إذا كان الخطاب العام عن التنمية المستدامة والبيئة يستوجب استحضار مفاهيم الحفاظ على البيئة ، والحيلولة دون التدهور البيئي .. الخ ، فإن هذا الشق بالذات لا يخلو من أهمية، خصوصا أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تستقيم بدون استحضار ثلاثة أبعاد، تتمثل في البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي والبعد البيئي، معتبرة أن التمكن من حسن إدماج هذه الأبعاد الثلاثة هو الذي يسمح بتبني مقاربة مندمجة تجعل العنصر البشري في مركز الاهتمام التنموي. وربطت حورية التازي بين مفهوم التنمية المستدامة بأبعاده الثلاثة ومفهوم الحكامة، معتبرة أن المقاربة الشمولية لهذه العناصر هي التي بإمكانها أن تحل العديد من الاشكاليات. وتؤكد التازي بطبيعة تخصصها على أن تحليل السياسات الاقتصادية المشتركة وإدماج الأبعاد البيئية في العديد من البلدان، أدى إلى اقتصاد أنظف وأكثر واقعية، والى حماية الموارد الطبيعية والصحة العامة والتنوع البيولوجي كما أنه متوافق مع النمو. كما ركزت على كلفة الأضرار البيئية وأثرها في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تسمح حماية البيئة بتخفيض التكاليف الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي إعادة توزيع الموارد التي يتم توفيرها. حسن شرف رئيس مركز المسيرين الشباب أكد أن الأهم في هذه المرحلة الحاسمة التي يعيشها المغرب هو تسريع وتيرة الإصلاحات وتفعيل مضمونها على أرض الواقع . كما اعتبر حسن شرف أنه بات من الضروري الانكباب بشكل خاص على تشجيع خلق المقاولات الذاتية، معتبرا أن العديد من الدول التي سبقتنا في إشكاليتها الاقتصادية أصبحت تراهن على القدرة الذاتية للشباب على خلق مقاولاتهم الخاصةن محذرا أنه ليس من حقنا في المغرب أن نتأخر في هذا الورش الذي من شأنه أن يحل الكثير من المعضلات المرتبطة بالعطالة ? شريطة أن تتضافر الجهود بين الدولة ومؤسسات التمويل لتدليل الصعاب أمام الشباب الراغب في خلق مقاولته الخاصة . وركز شرف على التمويل باعتباره رأس الحربة في مواجهة هذا الملف لانه يتبين أنه ما لم يضع المغرب استراتيجية واضحة لتشجيع لأبناك على تمويل المشاريع الصغيرة فإن الكلام لن يتحول إلى فعل داعيا مؤسسات التمويل في الأن نفسه للتحلي بروح المغامرة والمراهنة على قروض المجازفة لمساعدة الشباب على تحقيق مشاريعهم.