في خطوة تنذر ب «سنة سوداء» أخرى، دعت ثلاث نقابات بميدلت، النقابة الوطنية للتعليم (الفيدرالية الديمقراطية للشغل) والنقابة الوطنية للتعليم (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم ( الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، دعت لخوض إضراب إقليمي، يومي الثلاثاء والأربعاء 11 و12 أكتوبر 2011، مصحوبا بوقفة احتجاجية أمام مقر النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بميدلت، صبيحة اليوم الأول من الإضراب. وهذه «المعركة تأتي في سياق باقي المعارك التي خاضتها الشغيلة التعليمية بميدلت، حسب بلاغ حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، والذي تؤكد فيه تنسيقية النقابات الثلاث « تمسكها بمطلبها الرئيس المتمثل في رحيل النائب الإقليمي»، الذي «يشكل عقبة أمام طرح ومعالجة القضايا الأساسية لنساء ورجال التعليم إقليميا»، كما جددت التنسيقية النقابية في ذات بلاغها قراراها «بمقاطعة أي حوار مع النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بميدلت»، مع «رفضها لكل الإجراءات والتدابير التي أقدم عليها النائب الإقليمي خارج الضوابط والقوانين». ولم يفت التنسيقية النقابية التعبير عن استنكارها ل«استمرار مظاهر التضييق على الحريات النقابية واستهداف المسؤولين النقابيين»، كما شجبت «أساليب التخويف والترهيب التي يمارسها النائب الإقليمي على الشغيلة التعليمية». وأعلنت التنسيقية عن «مواصلة نضالاتها المشروعة حتى تحقيق جميع المطالب وتحصين مكتسبات الشغيلة التعليمية»، ولم يفتها التعبير عن تضامنها المبدئي مع كافة المتضررين من التسيير العشوائي للنائب الإقليمي، وعن استعدادها لمؤازرة بنات وأبناء الإقليم المحرومين من الاستفادة من المنح المدرسية والجامعية. وجاء بلاغ النقابات الثلاث على هامش اجتماع تدارست من خلاله مستجدات الدخول المدرسي الحالي، وتطورات الملف الإقليمي العالق منذ السنة الماضية، والنتائج المرتقبة في ظل بقاء النائب الإقليمي على رأس نيابة الإقليم، والذي دشن الموسم الحالي، حسب البلاغ، ب»ترسانة من الخروقات والتجاوزات التي انضافت إلى سجل تدبيره الارتجالي الموسوم بالمحسوبية والزبونية كالإلحاق بالمصالح النيابية، وتكليفات الإدارة والتدريس خارج الضوابط التنظيمية، والتنصل المقصود من الاتفاقيات المبرمة مع الفرقاء الاجتماعيين، ما أذكى الاحتقان والتوتر على مستوى الساحة التعليمية بالإقليم وإغراقها في أزمات غير محسوبة العواقب ولن يتحمل المسؤولية الكاملة فيها غير النائب الإقليمي»، إذ أمام تجاهل المسؤولين المركزيين لمطلب التنسيقية النقابية بإيفاد لجنة مركزية لها القدرة على نزع فتيل التوتر الذي دام أكثر من اللازم، تجد التنسيقية نفسها مجبرة مرة أخرى على مواصلة برنامجها النضالي إلى حين الاستجابة لملفها المطلبي. ومعلوم أن الساحة التعليمية عرفت على مدى السنة الماضية سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات، ثم مسيرة احتجاجية نحو العاصمة الرباط، بغاية تنفيذ اعتصام مفتوح أمام وزارة التربية الوطنية، قبل وقفة أمام الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، واعتصام ومبيت أمام مقر النيابة الإقليمية بميدلت، ووقفة احتجاجية أمام مقر عمالة الإقليم، إلا أن كل هذا «الربيع التعليمي» ووجه باستخفاف الجهات الوصية على قطاع التربية والتكوين، ما يضع أحوال التعليم بميدلت أمام أبواب مسدودة إلى أجل تسميته بيد مراكز القرار. الصحافة التي قامت بدورها لم تسلم هي الأخرى من «تهور» النائب الإقليمي الذي نعتها ب «الأقلام المأجورة»؟ وقام السؤال حول من هي هذه الأقلام؟ هل هي التي صفقت وتصفق للنائب الإقليمي للتعليم بميدلت أم التي وقفت إلى جانب «الثورة التعليمية وانحازت لصوت مختلف النقابات والنقابيين والمناضلين ضده؟ ولعل قمة العبث أن يصف الأقلام التي عرت عن تسييره ب»المأجورة» كما لم أن المناضلين النقابيين يشترون الذمم، إنه الرجل المتبجح ب»حقوق الناس» وفي الوقت ذاته يتلذذ بخبر القوات العمومية وهي تهاجم اعتصاما لرجال التعليم أمام نيابته في منتصف الليل؟ أو تهاجمتهم بالرباط يوم نظموا مسيرة إلى عاصمة المملكة للاحتجاج على صمت الوزارة على سلوكيات نائبها؟ ولحظة طرح الأجهزة القمعية لهراواتها حمل هو لسانه لجلد أسرة التعليم عبر «حوار» صحفي أراد من خلاله إخفاء امتناعه عن أي «حوار» جاد ومسؤول مع النقابات. بمكناس، وخلال ندوة صحفية لمدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، أثارت «الاتحاد الاشتراكي» وضعية الأزمة التي تخنق الساحة التعليمية بميدلت؟ وما تود الجهات المسؤولة القيام به تجاه هذه الوضعية؟ فلم يكن من النائب الإقليمي الذي كان حاضرا إلا استعراض ما قام به من «إنجازات تبريرية»، ومن باب ذر الرماد في العيون عبر عن استعداده لاستقبال وسائل الإعلام في نيابته، داعيا إلى «ربط المسؤولية بالم الآخر، حيث رد على زميله بعنف، بقوله «إذا كان هناك من يدعي محاربته للأشباح عليه أن يبدأ من تاريخه ويقوم باستقراء مراحله الإدارية والتربوية»، في إشارة إلى نائب ميدلت الذي كان مجرد موظف شبح بالرشيدية، وكم كان تعقيب نائب الرشيدية محط اهتمام الحاضرين في الندوة، ومن بين ما صاح به تجاه نائب ميدلت ب «ليس هناك أكثر مواطنة من الآخرين»، بينما همس آخر حول «ما جرى بثانوية غريس بكلميمة يوم تصاعدت احتجاجات التلاميذ ضد أستاذ الفيزياء الذي هو النائب المعلوم»، والمؤكد أن الملاسنة كانت ستتطور لو قبل مدير الأكاديمية بإعطاء الكلمة لنائب خنيفرة، علما بأن إقليم ميدلت كان مسيرا من طرف نيابتي الرشيديةوخنيفرة، وقد اكتفى المدير بالإعلان عن التزامه مع الكتاب الجهويين للنقابات بإيفاد لجان لميدلت للوقوف على مكامن الخلل ووضعية المؤسسات وحقيقة ملف الموارد البشرية. وعندما قال نائب ميدلت بأنه أوصل الدراسة إلى آيت عبدي، فكثير من السكان هناك صرحوا بأن نيابة ميدلت ظلت توهمهم بأن الأكاديمية والوزارة لم تقوما بما يلزم تجاه منطقتهم، وكم كانت دهشة الجميع بالغة لما زعم نائب ميدلت في الندوة الصحفية «أن أبناء آيت عبدي لم يسبق لهم أن عرفوا معنى الدراسة إلى حين وصوله إلى مقعد النيابة»، كما عمد إلى ضرب كل ما قامت به وزارة التربية الوطنية ونوابها السابقين بالمنطقة، والشركاء والفرقاء، بل ما تم القيام به أثناء الزيارة الملكية للمنطقة. وارتباطا بحقيقة التمدرس بآيت عبدي والتي حاول نائب ميدلت الركوب عليها بادعاء أنه فاتح أندلسها، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على تقرير في الموضوع يؤكد أن منطقة آيت عبدي التابعة لدائرة إملشيل «عرفت جملة من التدخلات قصد تنمية التمدرس وتوسيع العرض التربوي بها»، ذلك أنه وبالرغم من قساوة الظروف الطبيعية وتشتت الساكنة وعدم استقرارها، ووعورة المسالك بهذه المنطقة ف«إن وزارة التربية الوطنية بذلت جهودا كبيرة لإيصال الخدمات التربوية إلى هذه المنطقة الجبلية»، إذ كانت الوحدات المدرسية، ما قبل إحداث م/م آيت عبدي، تابعة آنذاك لمجموعة مدارس الأمير مولاي عبد الله بإملشيل، و«شملها مشروع دعم التعليم بمنطقة إملشيل ما بين 1991 و1998، وفي الموسم الدراسي 1995/1996 أصبحت تابعة لمجموعة مدارس أوددي، وبالضبط بعد التحاق هذه المناطق بإقليمالرشيدية إثر التقطيع الإداري لسنة 1992، في إطار الشراكة بين النيابة الإقليميةبالرشيدية وجمعية «أدرار»، وكانت تدير المشروع وقتذاك الفاعلة التنموية السيدة «ميشيل كاسرييل»، والتي كانت تتابع الوضع التعليمي بشكل يومي بالمنطقة بنفسها، وتنظيم أنشطة التكوين المستمر للأساتذة في عين المكان»، وكان التلاميذ في جميع الوحدات المدرسية، يضيف التقرير، «يستفيدون من المحافظ والأدوات والكتب المدرسية بالمجان، وكانت هيئة المراقبة التربية منخرطة في هذا البرنامج»، مما انعكس إيجابا على تطور جميع مؤشرات التمدرس كما تؤكد ذلك جميع الدراسات المنجزة خلال هذه الفترة، وقد أحدثت مجموعة مدارس آيت عبدي خلال الموسم الدراسي 2002 -2003، وتم تعيين أول مدير لها خلال هذا الموسم. ووعيا بأهمية دعم هذه المجموعة المدرسية، قرر النائب الإقليمي للوزارة بالرشيدية آنذاك، موحى الدرقاوي، وفق ما ورد في التقرير، أن يشملها ببرنامج للتعاون الدولي في إطار الشراكة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي «JICA» (ما بين 2003 و 2005)، ثم برنامج تحسين التربية الأساسية بالوسط القروي «BEIP»، الذي خصص لهذه المجموعة مبالغ مالية لتأهيل بنيتها التحتية وتجهيزاتها وتحسين جودة التعلم بها، وحرصا منها على نجاح هذه التجربة فقد تعاقدت مع أحد المجازين المعطلين بالمنطقة لتتبع تنفيذ البرنامج وإنجاز تقارير شهرية حول سير الدراسة وضبط تغيبات الأساتذة والتلاميذ ومراقبة تطور مختلف المؤشرات بمختلف الوحدات التابعة بهذه المجموعة المدرسية، كما أن هذا البرنامج كان محط متابعة من طرف فريق إقليمي برئاسة نائب مكلف بهذه المهمة، وخلال هذه المرحلة حظيت هذه المؤسسة بزيارات متتالية وموثقة لنائب الرشيدية آنذاك، تارة بمعية الفريق الإقليمي وتارة صحبة الخبراء اليابانيين المكلفين بتنفيذ برنامج BEIP، يضيف التقرير، علاوة على أن هذا البرنامج قد تم تتبعه من طرف يابانية متخصصة في الإحصاء التربوي ، والتي كانت تشرف بنفسها على دراسة أثر البرنامج قام بها مكتب للدراسة في آخر سنة من تنفيذ هذا المشروع.