تحدث السيد صلاح الدين مزوار عن القطبية السياسية وعن ضرورتها، في الحوار الذي أجرته معه الزميلة «أخبار اليوم». وبشرنا، من بين مبشرات كثيرة، بأنه على وشك أن يربح الرهان الذي ظل الراحل الحسن الثاني يردده الى أن وافته المنية، وظلت الاحزاب والمناضلون والفاعلون، الصادقون منهم وغير الصادقين، يتحدثون عنه ألا وهو القطبية. وماذا لو أننا نتحدث ببساطة عوض الحديث المركب عن التكتلات وعن التيارات وعن الحساسيات؟ ببساطة لنقل إن القطبية هي أن تترك الأحزاب بدون تفتيت. ونتيجة ذلك المنطقية، أن العودة في الاتجاه المعاكس للانشقاق هي أن يعود كل حزب الى أصله. بكل بساطة لتعد الاحزاب الباحثة عن الأقطاب الى القطب الأب، وسنرى إن كانت هنا حاجة ، ما زالت، الى هذه القطبية. أما أن تنشق أحزاب عن أحزاب لكي تبحث عن أحزاب أخرى لكي تؤسس معها القطبية، بلا قاعدة إيديولوجية أو فكرية، فهذه والسخرية المرة والسوداء والسخرية «توكور». طبعا بعض الأحزاب إذا ما هي عملت بهذه الوصفة البسيطة، ستصبح جزءا من شيء كبير، وبعضها ستتفكك وتتحلل في أزيد من حزب، بل ربما سينال كل حزب منها نصيبا. ونصبح أمام جيش قريش الذي جمعوه من كل قبيلة، لكي يهاجموا النبي. ليعد كل الى قبيلته ولينهوا الحديث عن القطبية. ولعل من المفيد أيضا أن نضيف أن القطبية التي تتهيكل بلا قاعدة فكرية، هي أقرب الى تجمع مصالحي تكتيكي منه الى تكتل سياسي أو فكري. والقطبية ،اليوم، هي أيضا الطريقة في ضرب الفكرة السياسية أصلا، عندما يتحدث باسمها صلاح الدين مزوار بالذات، لا لأنه شخصيا غير مقنع في هذا الباب، بل لأنه يدرك تماما أن الهوية التي انبنت عليها تشكيلته الحالية،لا وجود لها، لأن أصحابها يرددون لمن يريد أن ينصت إليهم بأنهم بلا هوية ولا ضرورة للهوية أصلا في البحث عن التواجد السياسي. والغريب أن الهوية التي تحرك العالم اليوم من أقصاه الى أقصاه، يراد لها ألا تكون بتاتا في المغرب السياسي الحالي. لماذا؟ لأن الهوية هي ورقة التعريف التي لا تصلح اليوم في فهم ما يجري في بلادنا. ولأن السياسة يمكن أن تفهم في هذه البلاد كما لو أنها بيولوجيا محضة لا تحتاج الى كينونة معنوية للوجود. ولأن الهوية بطاقة ندم أكثر منها ائتمان على وجود فعلي أو معنوي. هل يمكن أن نقتنع بأن مشروعا مجتمعيا يمكنه أن يوجد بدون الحاجة الى هوية؟ غير ممكن في كل بقاع العالم، إلا في المغرب. هل يمكن أن نقتنع بتحالف أساسه الحرية والديموقراطية ( زعما زعما الزمزمي طوكفيل زعما) يمكن أن يقوم بدون هوية معينة لأصحابه؟ أبدا وعلى الإطلاق في كل دول العالم، إلا في البلاد السعيدة التي نحبها كثيرا. والضبابية تأتي من هنا لأنها في العمق هي غياب الهوية ، فأنت لا ترى من لا هوية له. وبكل صدق أي قاسم مشترك بين الابيض وبوزوبع، لا يوجد بين بوزوبع وحسن طارق؟ بكل صدق هل العنصر أقرب الى الدكتور فارس مني .. ؟ هذه القطبية الجديدة تشبه المصيدة في الواقع، كما لو أن الواحد منا القطبيا.. نلقطبيك! وأعترف أن ذكاء خارقا هو وحده قادر على أن يعطي لبعض الافكار المجنونة معنى منطقيا. وأعترف أنني لا أملك هذا النوع من الذكاء.