الأخ الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. الإخوة والأخوات أعضاء المكتب السياسي. الأخت الكاتبة الوطنية سابقا الأخوات المناضلات عضوات المجلس الوطني النسائي. من المؤكد أن شوقنا وتطلعنا وضرورة عقد هذا اللقاء -الذي يتزامن مع اليوم الوطني للمرأة المغربية، والمغرب يسجل خطوة هامة برفع التحفظات على المادة 16من الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز، واقتسام ثلاث نساء لجائزة نوبل للسلام 2011 - قد تراكم طيلة المدة التي فصلتنا عن المؤتمر. هو تراكم يتأسس على الأسئلة الكبرى التي طرحتها هذه المدة، أسئلة ومحطات كبرى عرفتها بلادنا، وواكبها حزبنا بمحطات تنظيمية ما كان لنا أن نركب إزاءها رغبة الاجتماع واللقاء بديلا عن اتخاذ المواقف ومواكبة الأحداث، بما يشكل زادا حقيقيا لنجعل اليوم من اجتماع مجلسنا لقاءا منتجا، له ما يعالج من قضايا وأسئلة المرحلة في أفق الاستعداد للاستحقاقات المقبلة. أيتها الأخوات في غمرة الحراك العربي مطلع هذه السنة، خلص مؤتمرنا إلى انتخاب أجهزته، وكان على الكتابة الوطنية أن تحط مسارها لبلورة نتائج هذا المؤتمر، ولم نتخلف عن الحراك المجتمعي للنساء العربيات، حضرنا في واجهات متعددة، ابتداءا من استقبال الكاتبة العامة للأممية الاشتراكية في بداية فبراير والدول العربية الشقيقة تعرف حراك الربيع العربي، لنؤكد على برنامج الكتابة الذي يعتمد تجديد الملفات المطلبية للنساء المغربيات وآليات المرافعة التي ترتبط بها تنظيميا لتحقيق مزيد من المكتسبات ولتحقيق العدالة الاجتماعية. وقد تم تغطية هذا اللقاء من طرف جريدتي الاتحاد الاشتراكي وليبيراسيون، عدد 4 فبراير، وقد أكدت ممثلة الأممية الاشتراكية على التجاوب الذي لقيه اللقاء وعن إرادتها في استمرار التعاون بين التنظيم النسائي والأممية الاشتراكية. وضعت الكتابة الوطنية دورية لاجتماعاتها مستعرضة برنامج عمل ليعرف وطننا العزيز حراكا بخصوصية مغربية، تجاوبت معه الكتابة الوطنية مستحضرة بناء دولة الحق والقانون بما يضمن الاستقرار لبلادنا، ولم نتخلف عن حراك مجتمعنا. كنا في قلب مطالب الشارع وأصدرنا بيانات داعمة لهذه المطالب الاجتماعية والسياسية. (بيان 26 فبراير 2011). وكانت المحطة الأولى متعلقة بالإصلاح الدستوري والسياسي الذي تناولناه كأول تنظيم نسائي حزبي بندوة وطنية حول "حقوق المرأة في أفق الإصلاحات السياسية والدستورية" بلورت هذه الندوة مجموعة من الخلاصات شكلت ملفا اقتراحيا قدمناه للإخوة في المكتب السياسي في اجتماعهم عشية عقد المجلس الوطني الحزبي ( 27 مارس 2011) ليكون تنظيمنا حاضرا في مقترحات حزبنا، وجددنا مطالبنا في المجلس الوطني الحزبي "تغطية الاتحاد الاشتراكي ( 28 مارس2011 ) قد دعمنا ذلك بالحضور في اللقاءات والندوات التي عقدتها منتديات وطنية ومعاهد دولية حتى نعدد من مسالك حضورنا ما أمكن ونبسط مقترحات تنظيمنا فيما يخص الإصلاحات الدستورية والسياسية. اعتبرنا هذه المحطة معركة أساسية بالنسبة لنا باعتبارها إمكانية تاريخية لتأكيد حضرونا وهويتنا الحزبية والقطاعية نالت من اهتمام أخواتكن في الكتابة الوطنية الاهتمام الوافر، إيمانا منا بأن دسترة الحقوق النسائية تشكل قاعدة أساسية ضرورية لصيانة ما راكمه تنظيمنا النسائي الريادي طيلة الأربعين سنة من مكتسبات، والتأسيس لحقوق ومكتسبات جديدة تفتح أفاقا واعدة لتوطين حقوق المرأة في إطار البناء المؤسساتي والديمقراطي. وبارتباط مع ذلك، فقد اعتبرنا هذه المحطة أيضا معركة للحزب بجميع مكوناته، على تنظيمنا أن يقدم هذا الدليل العضوي لحركية الحزب من خلال دعم حضوره بالإصلاح الدستوري كحزب مؤمن ومؤسس لمشروع مجتمع حداثي وديمقراطي نصفه آن الأوان لإنصافه، دليل آخر على ما نمتلكه كمناضلات اتحاديات من قدرات الاستجابة لوثبات الحزب ومعاركه. والكتابة الوطنية إذ عملت ما في وسعها على مواكبة هذا الحراك كانت تساند كل الأخوات المناضلات اللواتي عبرن عن مطالب الحركة النسائية الداعية للمساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وفي هذا الصدد لابد أن نتوجه بتحية تقدير لكل المناضلات اللواتي مثلنا تنظيمنا النسائي في الواجهات الإعلامية صحافة وإعلاما مرئيا ومسموعا وفي المحافل الميدانية. مطالبنا في الإصلاح الدستوري جاءت معبرة عن هويتنا الحداثية والديمقراطية الاشتراكية، مؤكدين أن الملكية البرلمانية يجب إعمالها وتكريسها وضمان ممارستها عن طريق التشريع والتدابير المرافقة الداعمة للمساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص، وضمن هذا المنظور حرصنا على مواكبة الاستفتاء على الدستور بشرح مضامينه واستجابت أخواتكن في الكتابة الوطنية لندوات حضرت لها مناضلاتنا بالمجلس الوطني في بعض الأقاليم. كما ساهمت أخواتكن بمواكبة الحملة التي قام بها حزبنا للاستفتاء على الدستور في كل جهات المغرب، وكذا في الإعلام المرئي والمسموع باللغتين العربية والأمازيغية، وأصدرت الكتابة الوطنية نداءا باسم النساء الاتحاديات للتصويت على الدستور. وجاءت مرحلة تنزيل الدستور عبر المشاريع الصادرة بشأن الاستحقاقات الانتخابية، واعتبرنا في بيان للكتابة الوطنية بأن هذه المشاريع هي أول امتحان سياسي لمدى مصداقية الخطاب الدستوري والتي يجب أن تعبر بأمانة وبإيجابية على القواعد المكرسة دستوريا بشأن حقوق المرأة تأسيسا على مبادئنا الراسخة المساواة، الديمقراطية، تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية. وهكذا وضعنا التمثيلية النسائية في المؤسسات المنتخبة ضمن إطارها السليم واعتبرنا أن في المادة الأولى المتعلقة بمشروع قانون تأليف مجلس النواب تنكر لفلسفة الدستور الجديد الداعي للمناصفة، وأن فيها تأويلا خاطئا وتراجعا عن منطق الحداثة. قلنا صراحة بتحصين مبدأ اللائحة الوطنية كمكسب وكآلية لتحقيق المناصفة، آلية طالبنا بتوسيعها إلى الثلث في أفق المناصفة. بتدعيم التمثيلية النسائية، وذلك بترشيح 20 في المائة في الدوائر المحلية. قلنا بأن اللائحة الوطنية لا يمكن استعمالها خارج سياقها التاريخي، ويجب أن تكون تعبيرا عن فلسفة الدستور وفلسفة التمييز الإيجابي وأن تطور في اتجاه المناصفة الموعودة. قلنا صراحة كذلك، سواء في بياناتنا أو في مذكراتنا المرفوعة للمكتب السياسية أو في اللقاء الذي جمعنا مع الأخ المناضل الكاتب الأول لبسط وجهة نظر الكتابة الوطنية مع ممثلات عن جمعيات المجتمع المدني، أن اللائحة الوطنية يجب أن تخضع لمنطق التداول والتجديد وتشبيب النخب النسائية وتكافؤ الفرص والمساواة بين النساء أنفسهن، والتمثيلية الحقة للجهات اعتمادا على معايير الحزبية والنضالية والنزاهة وإعادة الاعتبار للمناضلات، وأن هذا فقط ما يمكن أن يشجع المشاركة السياسية للمرأة بشكل موسع. مواقفنا كانت صريحة وواضحة ومواكبة لمشاريع القوانين، ومؤسسة بشكل قوي على مبادئ حزبنا وعلى القوانين الكونية والحقوقية وما راكمه حزبنا في تدبير لوائحه الوطنية آخرها لائحة 2007 التي تم فيها اعتماد معيار التداول والتجديد. إننا نريد أن نقدم النموذج على تناسق مواقفنا وانسجامها مع المبادئ التي تشبعنا بها داخل حزبنا، وعلى القيم التي تجمعنا مع الحركة النسائية التقدمية والديمقراطية، مع حراك الشارع ومناداته بالتغيير والتجديد والمساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مع كل الإرادات المؤسسة لبناء مغرب جديد، حرصنا على هذا التناغم ليكون موقفنا بعيدا عن النزاعات الظرفية وردود الأفعال الذاتية والنوعية، لأننا نود المحافظة على ريادية تنظيمنا واستباقيته في لاقتراحات. أيتها الأخوات المناضلات إذا كان تصارع الأحداث منذ انتخاب الكتابة الوطنية لم يترك لنا مجالا لالتقاط الأنفاس وجمع المجلس الوطني، فذلك لأننا ارتأينا مواكبة الأحداث كلحظات متسارعة لا يمكن ارتدادها ولا تحتمل الانتظار. مواقفنا لم تخرج عن تصوراتنا ومبادئنا الثابتة، وسيكون مجلسنا هذا مناسبة لتحقيق وثبة جديدة وخلق كل شروط التعبئة في أفاق الاستحقاقات المقبلة. مسؤولية حزبنا تفرض عليه أن يكون واضحا في مبادئه واستراتيجية عمله، مؤكدا على المساواة وتكافؤ الفرص والتدبير الديمقراطي بالصرامة والحزم المطلوبين. أيتها الأخوات، لقد أنجزنا في الكتابة الوطنية خطة عمل ومجلسنا هذا هو الإطار المناسب لإغنائها وفي تصورنا فإن إبراز حضورنا في النسيج الحزبي والاجتماعي يرتكز على ثلاث مجالات. 1 التمثيلية والحضور في أجهزة الحزب وأنشطته. فدون شك، حقق حزبنا خطوات هامة في إطار احترام الحضور النوعي في أجهزته لكن مطروح علينا أن نفعل هذا الحضور ليكون وازنا ومعبرا عن طبيعة المرحلة مرحلة الدستور الجديد، إن الهوية والحداثة والديمقراطية لحزبنا تفرض عليه أن يقدم النموذج الرائد في مجال تقوية وتوسيع الحضور النسائي ضمن أجهزته التنظيمية، إذ كيف يكون خطابنا عن المناصفة والمساواة صادقا ونافذا إذا لم يتأسس على ممارساتنا التنظيمية؟ كيف ستكون مرافعاتنا مؤسسة ومؤثرة في المشهد السياسي الوطني ولدى الرأي الإقليمي والدولي؟ إننا حين نطرح هذا السؤال التنظيمي والسياسي فإننا نتوجه نحو المستقبل القريب لكن أيضا نتوق لمؤتمر الحزب المقبل، وهذا يفرض علينا أن نسوغ في تنظيمنا أوراق عمل قادرة على النفاذ وتحقيق الخطوات الإيجابية في هذا الاتجاه، وذلك بتطبيق المناصفة في أجهزتنا الحزبية ابتداءً من الفرع وانتهاءً بأعلى جهاز حزبي. هذا المنحى هو التعبير التنظيمي عن جدوى تنظيمنا النسائي، سؤال الوجود والتواجد، سؤال الحداثة والديمقراطية والتجسيد الهوياتي. 2 الإشعاع الحزبي للتنظيم النسائي في النشاط الجمعوي للحركة النسائية والحقوقية. إننا ننطلق في تنظيمنا من تصوراتنا وقناعتنا الحزبية ولا يغرب عن بالنا أننا أيضا جزء من الحركة النسائية بتواجدها الجمعوي، كيف نحقق حضورا وازنا في إطار الحركة النسائية الحقوقية والجمعوية؟ الأمر يتطلب منا رؤية واضحة واستراتيجية عمل للجمع والموازنة بين هويتنا الحزبية وإشعاعنا الاجتماعي المطلوب. لقد قمنا بخطوات هامة في هذا الاتجاه ضمن حركة إصلاح الدستور، وانخرطت مناضلاتنا في الحراك الاجتماعي المستمر، ولذلك علينا بالتأكيد أن نؤسس قنوات وأدوات مستمرة لمواكبة هذا الدور. كيف نعمل على أن نظهر ذلك الدمج بين الارتباط التنظيمي بالحزب وامتدادنا الاجتماعي هويتنا في جدلية الارتباط بين الحزبي والجمعوي عبر أنشطة تحقق إعادة الاعتبار لتنظيمنا ويجب علينا أن نصدح بالقول إن تنظيمنا يزخر بطاقات وافرة مناضلات وأطر قادرة على الاستقطاب والإشعاع، ما نحتاج إليه هو توفير الدعم وإعداد إطارات استقبال في أقاليمنا لإنجاز هذا الارتباط المطلوب والتمثيلية العادلة للجهات في مراكز أجهزتنا الحزبية القيادية. 3 دور التنظيم النسائي في توسيع وتنمية الحضور النسائي في المؤسسات المنتخبة وكل مراكز القرار. إذا كان خطنا السياسي المرحلي الحزبي يقوم على بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، فإن هذا البناء يتوقف بشكل كبير على مساهمة وانخراط المرأة فيه باعتبار أن الدولة في النهاية لن تكون في تصورنا الاشتراكي إلا أداة في خدمة المجتمع بكل مكوناته. فكيف يتحقق ذلك دون المساهمة الوازنة للمرأة فيه؟ إن هذه المساهمة ليست فقط إعمالا لمبدأ المساواة، ولكنها من ضروريات هذا البناء وهذا لن يكون إلا بالحضور الوازن والمشاركة الفاعلة والمندمجة للمرأة في جميع مؤسسات وهياكل الدولة. فمستوى المشاركة هي مقياس لمدى مصداقية بناء الدولة الديمقراطية، فأية ديمقراطية بالإبقاء على التهميش والإقصاء والرمزية في التمثيلية. إن المناصفة والمساواة قلب المعركة الديمقراطية ودلالة مصداقية إنجاز المشروع الحداثي. يجب أن نتملك هذه الصراحة /الثورة بالقول إن خطابنا ليس مطلبا موجها للدولة فقط، بل هو خطاب شمولي عام لازال موجها إلى الحزب والدولة والمجتمع. علينا بالتأكيد أن نصيغ مقارباتنا في طرح هذا الموضوع من خلال خطة عمل متعددة الأبعاد واضحة المعالم. غير أن ذلك يحمل حزبنا المسؤولية الأوفر في تقديم الدليل على إيمان الاتحاديين بحقيقة الفكر الاشتراكي الديمقراطي مرورا بوثيقة أزمة البناء المجتمعي وصولا إلى مؤتمرنا الأخير. وإذا كان الحزب قد حقق تراكما لا ينكر، فإن ذلك يشكل بالنسبة لنا في التنظيم النسائي أرضية للتطوير بما يتناغم مع فلسفة الدستور الجديد والمعايير الدولية الراسخة لحقوق المرأة وحقوق الإنسان بوجه عام لابد من تعميق قناعتنا وقناعة المناضلين الاتحاديين بمركزية المشاركة النسائية بمنظور المناصفة في بناء الدولة الحديثة. تلك أهم محاور تصورنا في أداء التنظيم وبقدر ما نعتز ونتمن تراكمات الأخوات المؤسسات لهذا التنظيم من الرعيل الأول بقدر ما نبحث عن آفاق التطوير عبر سيرورة البناء الديمقراطي باعتباره مشروعا اتحاديا بامتياز. كيف نحقق إذا باستحضار هويتنا الحزبية والاجتماعية ما نريده من تنظيمنا؟ هل من خيار لنا بديلا عن بناء الأداة التنظيمية على أسس المشاركة الجماعية والمناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص. إن الإيمان بمبادئ الحزب واعتماد القيم والأخلاق، الديمقراطية التشاركية، المساواة وتكافؤ الفرص في تدبيرنا التنظيمي احترام المؤسسات بذلك التطابق بين الخطاب الموجه للدولة والممارسة داخل حزبنا وحسن تدبير اختلاف الرأي بما يجعلها قوة للبناء والتطوير هو الوحيد الكفيل لجعل تنظيمنا "تنظيما نسائيا فاعلا في إنجاز التغيير وتحقيق الديمقراطية".