لعل من حضر أشغال لجنتي المالية والتعمير لمجلس مدينة الدارالبيضاء يومي الأربعاء والخميس الماضيين، قد خرج فاغرا فاه، من هول الأرقام التي سمعها! كان موضوع النقاش هو المسرح الكبير لمدينة الدارالبيضاء، الذي أدرج كنقطة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية التي عقدت مطلع الأسبوع الفارط، إذ لما اطلع الحاضرون، من أعضاء المجلس، على وثائق هذا المشروع اكتشفوا ما لم يكونوا يتوقعونه، فبداية مشروع المسرح سيكلف 150 مليار سنتيم، وهو مبلغ كبير جداً، خصوصا إذا علمنا أن الأرض التي سيقام عليها المتواجدة بقرب شارع الراشدي هي ملك للجماعة الحضرية للدار البيضاء. بمعنى أن المدينة هي صاحبة الأرض ولن يُدفع مقابلها ريال واحد! ستزداد صدمة الحاضرين لهذه الأشغال، عندما سيعلمون بأن الدراسات التي أنجزت بشأن هذا المشروع كلفت الخزينة 21 مليار سنتيم، وهو الأمر الذي علق عليه أحد الأعضاء بالقول متهكما: «أنا مع منح صاحب مكتب الدراسات هذا كل هذا المبلغ، لكن إذا كان سيجد لنا مخرجاً للقضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي هناك»! وعلم الحاضرون لهذه الأشغال أيضاً، بأن صفقات أخرى مرت على «الجانب» بدون مصادقة المجلس تقدر بملايين الدراهم، منها أساساً أن الشركة التي ستقوم بتدبير أشغال المسرح ، وهي شركة لمخرج ومنتج مغربي، ستتقاضى 50 مليون سنتيم شهرياً عن هذه المهمة، ليتساءل الحاضرون، كيف يتم تعيين شركة على تدبير مشروع مازال في الورق، ولم تتم أية صفقة عمومية بهذا الخصوص والخضوع لمنهج المنافسة، كما هو معمول به؟! وسيزداد اندهاش الحاضرين ، أكثر ، عندما علموا بأن صاحب هذه الشركة، كان قد خرج مع حركة عشرين فبراير، وندد واحتج على «اقتصاد الريع» المعمول به في بعض المجالات؟! مسلسل الصدمات، سيستمر، حين سيعلن مقدمو المشروع بأنه لإنجاز المسرح الكبير، يتوجب حذف «ساحة الحمام» ، إحدى المعالم البيضاوية والمزار الكبير لكل ضيوف الدارالبيضاء! أما مجسم المسرح، فسيوضح لممثلي سكان العاصمة الاقتصادية في اللجنة، بأن لا علاقة له بالهوية أو التراث الفني المعماري المغربي، إذ أن هذا المجسم يحيل على ثقافة الفضاء وبنايات أشبه بأفلام «كوسموس»! أمام غرابة الأرقام وغرابة المجسم وغرابة الصفقات، انفض حاضرو الجلسة، حاملين أسئلة بدون إجابة، من بينها : هل نحن الآن، وفي هذا الظرف، في حاجة الى إنفاق كل هذه الملايير ، خاصة في ظل عجز اقتصادي واضح تعيشه البلاد؟ وهل هو أولوية قصوى الى هذه الدرجة، علما بأن هناك مسارح ومركبات ثقافية لم تكتمل وظلت أطلالا منذ 2003، كالمركب الثقافي لسيدي معروف، والمركب الثقافي لعين الشق، ومسرح محمد السادس ،الذي لم تكتمل أشغاله ولا يتوفر حتى على «صونو»؟ أحد الأعضاء، قال محتجا بمرارة، إن سكان الدارالبيضاء يتفرجون في كل يوم منذ 2003، على مسرحية هزلية كبيرة بميزانية 240 مليارا للسنة، عنوانها «مجلس مدينة الدارالبيضاءء»، فما حاجتهم إلى مسرح آخر بالملايير»!