قبل ثلاثة أيام على الدور الاول للانتخابات التمهيدية التي ينظمها الحزب الاشتراكي الفرنسي، والحزب الراديكالي من أجل اختيار مرشح اليسار للانتخابات الرئاسية المقبلة، يبدو أن هذه الانتخابات التمهيدية شدت إليها انتباه الفرنسيين بشكل فاجأ المتتبعين للحقل السياسي الفرنسي. فكرة اختيار مرشح اليسار للانتخابات الرئاسية من طرف مجموع الفرنسيين بعد أن اقتصر الامر في السابق على الجهاز الحزبي ، قرار تجاوب معه الفرنسيون بشكل ايجابي. لكن التخوف الذي يساور مسؤولي هذا الحزب هو هل هذا الاهتمام والتعامل الايجابي الذي أبداه الفرنسيون تجاه الانتخابات التمهيدية المنظمة من طرف حزبهم، سيدفع الفرنسيين الى التنقل الى مكاتب التصويت بكثافة، والإدلاء بأصواتهم في اختيار احد المرشحين الستة لهذا المقعد؟ أم أن نسبة المشاركة لن تكون مهمة وهو ما سيعتبر فشلا لهذا الاختيار وعائقا بالنسبة للمرشح الذي سيقع عليه الاختيار. في الاسبوع المقبل سيبدأ الدور الاول للانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي لمواجهة مرشح اليمين والرئيس الحالي للجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي ، وسيكون المؤشر الحقيقي لنجاح أو عدم نجاح هذا الاختيار ،أي الانتخابات التمهيدية التي تشرك مجموع الفرنسيين. لحد الساعة ،مختلف استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية المقبلة هي لصالح مرشح الحزب الاشتراكي، وكل استطلاعات الرأي تعطي فرنسوا هولند الكاتب الاول السابق فائزا في الانتخابات الرئاسية المقبلة ،وفرانسوا هولند يتقدم أيضا على باقي منافسيه في الحزب الاشتراكي في الانتخابات التمهيدية ، حيث عكس آخر استطلاع للرأي تقدم فرنسوا هولند على مارتينو اوبري الكاتبة الاولى للحزب وعلى سيغولين روايال وارنو منبورغ. هذا التقدم حافظ عليه فرنسوا هولند منذ انطلاق الانتخابات التمهيدية ولم يتمكن باقي المرشحين من تجاوزه. طبعا من أجل إنجاح الانتخابات التمهيدية، قام الحزب الاشتراكي بمجهود خاص للتعريف بهذه الانتخابات في مختلف وسائل الاعلام ومن خلال شراء مساحات للإشهار في مختلف الجرائد الفرنسية، وتم استعمال وسائل الاتصال الجديدة. كما ان المرشحين يقومون، كل من جهته، بمجهود للتعريف ببرنامجهم ومحاولة التميز عن بعضهم البعض في المقترحات التي يقدمونها الى الفرنسيين رغم أنهم كلهم مرتبطون ببرنامج الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية الذي صوت عليه مناضلو الحزب في الربيع الاخير. هذه الوحدة يفرضها الانتماء الى نفس الحزب والالتزام بنفس البرنامج، لكن هناك اختلافات بين المرشحين منها ان ارنو منتبورغ وجون ميشيل بايلي عن الحزب الرديكالي هما اللذان يخرجان أكثر من باقي المرشحين عن برنامج الحزب .ارنو منتبورك هو الوحيد الذي عبر عن عدم قبوله في حالة اختياره «بالقاعدة الذهبية» التي تحدد العجز في نسبة محددة على المستوى الاقتصادي. هناك أيضا اختلاف بين بعض المرشحين في طريقة التعامل مع ملف الطاقة النووية التي تشكل مصدر اكثر من 70 في المائة من الكهرباء الفرنسي. فكل مرشح يحاول ما أمكن أن يتميز عن الباقين لكن بحذر. ولكل مرشح من المرشحين الستة موقعه على الانترنيت ،وكتاب خاص بالحملة يشرح فيه تصوراته، بالإضافة الى أن المرشحين يمرون بشكل دوري لدى مختلف وسائل الاعلام للتعبير عن وجهة نظرهم بالإضافة الى ثلاثة لقاءات عمومية بالتلفزة، حضر فيها جميع المرشحين من أجل النقاش والدفاع عن أفكارهم وآخرها اللقاء الذي تم مساء يوم الثلاثاء 5 اكتوبر، بالإضافة الى ذلك يتنقل المرشحون الى المدن للقاء والنقاش مع المواطنين من أجل شرح وجهة نظرهم . الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح اليسار والتي اقترحها الحزب الاشتراكي منذ منتصف التسعينات وظلت ذات طابع داخلي وفتحها اليوم على مجموع الفرنسيين من خلال أداء واجب انخراط ،ابتداء من اورو واحد ،هي سابقة بفرنسا ونجاحها سوف يحرج اليمين الفرنسي الذي مازال يختار مرشحه بطريقة تقليدية أي زعيم الحزب، وهو النجاح الذي سيدفع اليمين الى تكريس هذا التقليد. لكن يبقى امام الحزب الاشتراكي تحد آخر هو إقناع الاحزاب الصغرى لليسار بالالتحاق بهذا المسار لاختيار مرشح اليسار وهو تحد لم يتحقق لحد الان.