قال والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري في التقرير السنوي الذي قدمه أول أمس إلى جلالة الملك، إن الاقتصاد الوطني أبان خلال سنة 2010 عن قدرته على الصمود أفضل مما كان متوقعا، لاسيما على مستوى احتياطيات الصرف، وذلك بفضل السياسات الماكرو اقتصادية والقطاعية التي تم نهجها، وكذا قوة الطلب المحلي والانتعاش النسبي في الطلب الخارجي. غير أن عبد الطيف الجواهري دعا في الآن نفسه إلى بلورة سياسات عمومية أكثر تفاعلا وفاعلية، في ظل مناخ دولي يزداد تقلبا وتعقيدا، وفي ظل الانتظارات الاجتماعية الملحة في ما يخص التشغيل وظروف المعيشة. كما دعا الى ضرورة تقوية الأداء الكلي للاقتصاد الوطني الذي تواجهه تحديات دولية صعبة ، في سياق إعادة تشكيل الفضاءات الإقليمية والمكانة المتزايدة الأهمية لآسيا في الاقتصاد الدولي، وتباطؤ النمو في البلدان الأوربية الشريكة، وظهور قطاعات جديدة محفزة للنمو . ونبه والي بنك المغرب الى أن الاستراتيجيات القطاعية ورغم تحقيقها لبعض النتائج الإيجابية، فإنها لم تنعكس بعد بشكل ملموس على المؤشرات الرئيسية، خصوصا تلك المتعلقة بالحسابات الخارجية. وألح الجواهري في هذا الصدد على ضرورة العمل على تطوير بنية الصادرات، مع رفع حصة المنتجات ذات القيمة التكنولوجية العالية، وإيجاد أسواق واعدة جديدة. وأشار الجواهري إلى أنه يتعين تقييم مدى التقدم الذي حققه كافة المتدخلين في تنفيذ التزاماتهم، وذلك لضمان التناسق بين مختلف المخططات القطاعية وتسريع وتيرة تنفيذها. ودعا والي بنك المغرب الى إيلاء عناية خاصة لمسألة التمويل، لاسيما تقدير تأثير التدابير المقترحة على ميزانية الدولة مقارنة مع الأهداف المرجوة، مع الأخذ في الاعتبار آفاق تطور المالية العمومية والحسابات الخارجية. و طالب الجواهري في هذا السياق بالإسراع في تنفيذ التدابير الرامية لملاءمة نظام التربية والتكوين مع الحاجيات، ومواصلة نهج سياسة جريئة في مجال البحث والتطوير، وضمان فعالية العدالة والإدارة العمومية، وتحسين مناخ الأعمال، وإضفاء المرونة على سوق الشغل بالإضافة إلى تعزيز محاربة الفساد . وعلى صعيد المالية العمومية، قال ولي بنك المغرب إنه يتعين الاستمرار في تدعيم متانة الوضعية المالية على أساس مستدام، إلى جانب تحقيق توازن شفاف ودائم بين دعم النمو وضرورة تحقيق استدامة مالية الدولة على المدى المتوسط. وحذر الجواهري من تفاقم نفقات المقاصة، في سياق يشهد ارتفاعا متواصلا لأسعار المواد الأولية، ونفقات الموظفين، منبها إلى أن ذلك من شأنه أن يحد بشكل كبير من تدخلات السياسة المالية، مما يفرض الإسراع في إصلاح منظومة دعم الأسعار، من خلال استهداف السكان الأكثر هشاشة، على الرغم من الصعوبات الكامنة والخيارات المتاحة. ومن اللازم أيضا إعطاء الأولوية لضرورة التحكم في تكاليف الموظفين، بل تقليصها، من حيث وزنها مقارنة بالناتج الداخلي الإجمالي.