التصور الثالث « الممكن المحتمل « تأجيل تحديد تاريخ انتخابات اعضاء مجلس النواب القادم ووضع هذا التاريخ داخل جدولة زمنية تنتهي بانتخابات اعضاء مجلس المستشارين الجديد في نهاية شتنبر 2012 بعد تمحيصنا وتقليبنا لمختلف الجوانب المرتبطة بالامكانات والمضاعفات والسلبيات والايجابيات التي قد تكمن في اختيار وتنفيذ كل من التصور الاول الذي اعتبرناه يدخل في خانة «السهل الممتنع» والتصور الثاني الذي نجده محاطا بسياج «الممكن المستبعد» وأخذا بعين الاعتبار لمختلف السلبيات أو الصعوبات الكامنة في هذين التصورين، يظهر لنا التصور الثالث، ونرى فيه تجنبا لكثير من الصعوبات القانونية والسياسية التي قد تخيف البعض في كل من التصور الأول والتصور الثاني اللذين عرضناهما كاحتمالين من الاحتمالات الممكنة لتدبير المرحلةالانتقالية التي يجب أن تنتهي بانتخابات اعضاء مجلس المستشارين القادم، وبالتالي تنصيب البرلمان الجديد الذي جاء به دستورنا الجديد, دستور 29 يوليوز 2011، وبالتالي افتتاح الولاية التشريعية الاولى لهذا البرلمان برئاسة جلالة الملك في الجمعة الثانية من اكتوبر 2012. وفي رأينا الشخصي المتواضع، نرى أن هذا التصور الثالث، في مضمونه العام، موافق لنص وروح التوجيه الملكي الذي جاء في خطاب العرش الاخير ليوم 30 يوليوز 2011. ذلك التوجيه السامي بشأن إجراء الاستحقاقات الانتخابية المتعلقة بمجالس الجماعات الترابية بكل أنواعها، وبالغرف المهنية وبممثلي المأجورين ومجلس المستشارين، وذلك «وفق جدولة زمنية محددة، يتم اكمالها بتنصيب مجلس المستشارين بتركيبته الجديدة قبل متم سنة 2012» ونقترح تاريخا قبل متم سنة 2012 نقترحه في هذا التصور الثالث، وهو نهاية شتنبر 2012 ليتم تنصيب البرلمان الجديد بمجلسيه يوم الجمعة الثانية من أكتوبر 2012. ونرى أن هذا التصور الثالث هو «الممكن والمحتمل» لتدبير المرحلة الانتقالية وتجسيد فعلي «للجدولة الزمنية المحددة» المشار اليها في خطاب العرش المذكور. وبالاضافة الى هذه المزية والسند الايجابي لهذا التصور الثالث، دون انكار أو تجاهل بعض الصعوبات أو الاكراهات التي قد تعترضه، نجده يتوفر على مزايا وايجابيات متعددة نذكر منها على الخصوص المزايا والايجابيات والمحاسن التالية: 1- استمرار الولاية البرلمانية التشريعية الحالية بالبرلمان الحالي. بمجلسيه القائمين حاليا. الى حين تنصيب البرلمان القادم، وافتتاح دورته التشريعية الاولى يوم الجمعة الثانية من اكتوبر 2012. 2 - اعطاء الفرصة للبرلمان الحالي، بمجلسيه الحاليين، لتحضير كافة الشروط والآليات القانونية لتنفيذ تلك «الجدولة الزمنية المحددة» للاستحقاقات القادمة وبالخصوص الاستحقاقات الانتخابية منها. عن طريق اقرار مختلف القوانين التنظيمية والقوانين العادية اللازمة لذلك. ولإنهاء المرحلة الانتقالية وتوابعها. و لقد عددنا مختلف تلك النصوص القانونية اثناء تقديمنا للتصور الثاني. نحيل إلى تلك القائمة، فهي نفسها المطروحة في هذا التصور الثالث. ونعتبر ذلك التعداد الذي قمنا به ضمن التصور الثاني. هو نفسه يدخل في آليات وعناصر تنفيذ هذا التصور الثالث (انظر سابقا التصور الثاني) 3 - قيام المؤسسات الدستورية الحالية، اثناء الفترة الانتقالية المحددة في الباب الرابع عشر من الدستور في الفصول ( 176) و 177 و 178 و 179، بالاختصاصات المخولة لها في النصوص المنظمة لها حاليا، هذه النصوص التي سيتم تعديلها هي الاخرى لتكون مطابقة للدستور الجديد، ومن اللازم ان يتم هذا التعديل او التتميم او التجديد الكلي لهذه النصوص خلال هذا الفترة الانتقالية، التي يجب أن تنتهي بافتتاح البرلمان الجديد بمجلسيه في الجمعة الثانية من أكتوبر 2012 كما أشرنا إلى ذلك: 4- بعد إقرار كافة النصوص القانونية: التنظيمية منها والعادية. وكذا النصوص التنظيمية التطبيقية لها. لإرساء مجلسي البرلمان الجديد، ومختلف مجالس الجماعات الترابية، ومدونة الانتخابات، والغرف المهنية، وكيفية اختيار. ومعرفة ممثلي المأجورين في الوظيفة العمومية وفي القطاع العام والقطاع الخاص. بعد ذلك يتم وضع »الجدولة الزمنية المحددة« وتنفيذها بإجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية لتنتهي بانتخابات أعضاء مجلس المستشارين في نهاية شتنبر 2012. 5- ومن المزايا الكبرى لهذا التصور الثالث أنه يجنبنا كثيرا من الاشكاليات والصعوبات المترتبة دستوريا وسياسيا عن اجراء انتخابات مبكرة قبل أوانها يوم 25 نونبر 2011. إذ لم تكن في حاجة إلى حل مجلس النواب الآن وقبل هذا التاريخ الأخير. لكن من الضروري أن يتم حل مجلس المستشارين الحالي بعد إقرار مختلف النصوص التشريعية المقررة، على أساس أن يراعى تقليص، أكثر ما يمكن من الفترة الفاصلة بين حل مجلس ا لمستشارين الحالي، ودخول مجلس المستشارين القادم، كأحد مجلسي البرلمان القادم، ليقوم هذا الأخير بالأدوار المنوطة به، ابتداء من الجمعة الثانية من أكتوبر 2012، ويفرض هذا التقليص تجنب إشكالية الفراغ البرلماني والتشريعي منه بالخصوص، والذي لا نجد له حلا في هذه الفقرة من نص الفصل (97) من الدستور الحالي. 6- ومن مزايا هذا التصور الثالث أيضا أنه لا يمنع تفعيل باقي مقتضيات الدستور خارج المقتضيات المتعلقة بالأحكام الانتقالية المشار إليها أعلاه، باستثناء تنصيب حكومة جديدة وتقديم برنامج هذه الحكومة من لدن رئيس الحكومة الجديد، الذي يعينه جلالة الملك تطبيقا للفصل (47) من الدستور »»من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها« « كما أن «جلالة الملك يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها« آنذاك». لكن إذا كان لا يمكن تنصيب الحكومة الجديدة وفق مقتضيات الدستور الجديد إلا بوجود برلمان جديد، فإن مؤسسة رئيس الحكومة« تم تفعيلها، وبالتالي أصبحت مؤسسة الوزير الأول متقادمة بنسخ دستور 7 أكتوبر 1996 بمقتضى الفصل الأخير 180) من الدستور الجديد. وبالمناسبة هنا يجب «أ»لا ننسى أن رئيس الحكومة الحالي الأستاذ عباس الفاسي هو الأمين العام »للحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها«« تلك الانتخابات التي جرت يوم 7 شتنبر 2007 والخاصة بالولاية التشريعية الحالية الممتدة في الحالة العادية من افتتاحها يوم الجمعة الثانية من أكتوبر 2007 الى افتتاح الولاية التشريعية القادمة بصفة عادية يوم الجمعة الثانية من أكتوبر 2012. بل أكثر من ذلك فكل المقتضيات الأخرى الواردة في الدستور الجديد تدخل حيز التطبيق مع الأخذ بعين الاعتبار لمضامين الفترة الانتقالية التي يأخذها هذا التصور في الحسبان، وهذه الفترة الانتقالية هي أسباب نزول هذه التأملات التي أدت بنا الى طرح هذه التصورات الثلاثة. 7- يعفينا أيضا هذا التصور الثالث من ضرورة الإسراع بتعديل الدستور الجديد لضبط المرحلة الانتقالية المذكورة. وبالتالي تبقى مختلف المقتضيات المتعلقة بهذه المرحلة الانتقالية المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الدستور في الفصول (176 إلى 179) صالحة وفعالة لتدبير المرحلة الانتقالية الحالية باحترام تام للدستور الحالي، نصا ومضمونا وروحا. وبالتالي لنترك للحركية الإيجابية والمنجزات والإجراءات التحضيرية لمختلف الاستحقاقات القادمة، وإرساء المؤسسات الدستورية المنتخبة وغيرها المقررة في الدستور الجديد. لنترك لكل ذلك الفرصة في تفعيل الدستور الحالي ليعطي النتائج المتوخاة من الإصلاحات التي جاء بها، وليظهر بعد ذلك ما يستدعي منه المراجعة عن طريق التعديلات اللازمة والتي قد تسعفنا فيها المسطرة البرلمانية عند الاقتضاء وعند الضرور لملء الثغرات التي قد تظهر أو الفراغات الثابتة كما وجدنا في حالة اللجوء الاضطراري الى حل مجلسي البرلمان أو أحدهما. 8- إن هذا التصور الثالث، يعطي الفرصة أيضا لأحزابنا الوطنية، بمختلف تنوعاتها ومواقعها، لضبط أمورها الداخلية أكثر في ظل القانون التنظيمي الجديد للأحزاب السياسية، ولتتنافس في توسيع الديمقراطية في تدبير أمورها الداخلية، وتطوير وتجديد مؤسساتها وهياكلها التداولية والتقريرية والتنفيذية. وبالتالي تجديد النخب داخلها وفتح المجال أكثر للنساء والشباب في مختلف الأجهزة التقريرية، وأيضا، ولم لا؟ أيضا لتقتنع الأجيال المتقدمة في السن، بأن تفسح المجال للكفايات والقدرات الكامنة في الأجيال الجديدة المقتدرة والواعدة بالعطاء، دون التفريط في الاحتفاظ بتوجيهات وحنكة وتجارب القادة الكبار التاريخيين، احتراما لهم، وتقديرا لهم وحماية لهم، وضمان حسن الخاتمة لمسارهم النضالي الوطني، واعترافا بالتضحيات والخدمات التي أدوها من أجل مصلحة الوطن والمواطنات والمواطنين، والتي لا يمكنه إنكارها لهم. 9 من محاسن هذا التصور الثالث، إعطاء الفرصة للحكومة القائمة حالياً، خلال هذه الفترة الانتقالية، بالرفع من وتيرة السرعة في القيام بالمهام المنوطة بها، والدفع بالمخططات والبرامج والإصلاحات المقررة لتعطي أكلها وتظهر نتائجها في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والادارية والقضائية ومجابهة التحديات المطروحة حالياً وباستعجال، وبالخصوص لتلافي بوادر الأزمة المالية الظاهرة حالياً في مجموعة من دول العالم، والتي لا يمكن تجاهلها في عالم متواصل ومترابط ومتبادل للأزمات، وأخيراً لنعطي الفرصة اللازمة لتحضير ومناقشة وإقرار مشروع قانون المالية لسنة 2012 في ظروف عادية، دون اللجوء إلى دورة استثنائية للبرلمان للقيام بذلك، حتى لا نقع في إشكاليات أخرى دستورية: قانونية وسياسية، تشغلنا عن الانكباب على المهام المتنوعة والمتعددة التي تنتظر الإنجاز في هذه الفترة الانتقالية، والتي يجب أن نجعل منها فترة تاريخية حاسمة ببلادنا تكون في مستوى الاصلاح الدستوري المعزز باستفتاء فاتح يوليوز 2011. 10 وأخيراً وليس آخراً، يساعدنا هذا التصور الثالث، الممتدة فعاليته وإجراءاته المنشودة طيلة السنة، من بداية شتنبر 2011 الى نهاية شتنبر 2012، على إتاحة الفرصة للجميع في مختلف المواقع و المراتب والمهام لاتخاذ وتنفيذ الاجراءات اللازمة، في ظل الملكية المواطنة التشاركية التي جاء لتجسيدها الدستور الجديد، وذلك بالعمل على تحضير الأجواء الجيدة والمطمئنة والضامنة والكفيلة بإجراء كافة المبادرات القادمة ومختلف الاستحقاقات اللازمة، وبالخصوص الاستحقاقات الانتخابية منها، في ظروف جيدة متفائلة وواعدة تدفع الى توسيع المشاركة والإنصات والاستجابة الى المطالب المشروعة، والتجاوب الإيجابي مع حركية ومصداقية وصدق ونبل حماس وأحياناً جرأة شبابنا الغالي في نطاق جعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار بالدفع بالاهتمام بالشأن العام في مختلف تجلياته. الخلاصة العامة: لسنا في حاجة الى التأكيد على أن هذه التأملات، يفرضها الاهتمام بقضايا من قضايا الشأن العام ببلادنا، وغايتنا منها هو المساهمة بشكل متواضع، بإثارة الانتباه الى بعض الجوانب من هذا الشأن العام المطروحة على بلادنا في المرحلة الحالية. وقد نكون مخطئين في هذه التأملات أو مقصرين في بعض الجوانب من هذه التصورات التي نطرحها للنقاش وللحوار: ومساهمة في الحد من اللامبالاة، فكلنا مسؤولون، كل حسب موقعه وتبعاً لمسؤولياته وواجباته، وبمقدار شعوره بهذه المسؤولية ودرجة صحوة ضميره. وأملنا في أن تحمل هذه المرحلة الانتقالية، الحبلى بالآمال، والمعززة بالإرادات الصادقة، والمحاطة بالتفاؤل الواعي، على نقلنا من مرحلة الانتقال الديمقراطي ببلادنا الى مرحلة الارتقاء الديمقراطي بكل تجلياته ومعانيه ومضامينه تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وفقه الله للخير وأعانه عليه بمشاركة فعالة للمواطنات والمواطنين, مصدر وأساس وهدف كل تدبير للشأن العام.. انتهى