التصور الثاني: « الممكن المستبعد» «تحديد الدستور الجديد الحالي باتباع المسطرة البرلمانية في المراجعة المنصوص عليها في الفصل (174 ) من هذا الدستور» دوافع هذا التصور الثاني يقتضي هذا التصور ضرورة تعديل الدستور الجديد الحالي تعديلا طفيفا في المضمون وفي المسطرة، وذلك باتباع مسطرة المراجعة الدستورية المنصوص عليها في مقتضيات الفصل 174 من الدستور باللجوء الى البرلمان «في اجتماع مشترك لمجلسيه» ونذكر أن تلك المقتضيات تنص وتسمح بما يلي: «للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، ان يعرض بظهير، على البرلمان، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور» «ويصادق البرلمان المنعقد بدعوة من الملك، في اجتماع مشترك لمجلسيه، على مشروع هذه المراجعة باغلبية ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم» «يحدد النظام الداخلي لمجلس النواب كيفيات تطبيق هذا المقتضي. تراقب المحكمة الدستورية صحة إجراءات هذه المراجعة وتعلن نتيجتها» (الفصل 174 ) تكون هذه المراجعة الدستورية عن طريق البرلمان ضروريةك من جهة لضبط اكثر للمرحلة الانتقالية الواردة في الباب الرابع عشر من الدستور. وبالخصوص في الفصول 176) و 177 و 178 في انتظار التفعيل الكامل للدستور الجديد بكافة المؤسسات المنصوص عليها في هذه الفصول الأخيرة. ومن جهة اخرى تنقذنا هذه المراجعة من مشكل الفراغ الذي قد يترتب في ممارسة اختصاصات مجلسي البرلمان او احدهما في حالة حل البرلمان او احد مجلسيه تطبيقا للفصل 51من الدستور الحالي ومضاعفات هذا الحل الواردة في الفصول (96) و 97 و 98 من نفس الدستور. يجب أن تشمل هذه المراجعة تعديل الفصول التالية من الدستور الحالي: من جهة, الفصل 97 بإضافة فقرة جديدة إليه قد تطابق الفقرة الثانية من الفصل 72 من دستور 7 اكتوبر 1996 او تكون في صيغة اخرى، ترجئ الحديث عنها الى حينها لملء الفراغ المشار اليه في حالة حل مجلسي البرلمان او احدهما. من جهة ثانية, تعديل الفصول (176 و 177 و178 المتعلقة بأحكام انتقالية وختامية: والغاية من هذه التعديلات الاخيرة ان تمارس المؤسسات الدستورية المشار اليها في هذه الفصول. اختصاصات المؤسسات الدستورية الجديدة التي تعوضها في الدستور الجديد. وذلك في انتظار تنصيب هذه المؤسسات الدستورية المحدثة في الدستور الجديد. ونذكر أن المؤسسات الدستورية المعنية باستمرار ممارسة اختصاصاتها الحالية المذكورة في تلك الفصول هي: 1 - مجلس النواب الحالي (الفصل 176) 2 - مجلس المستشارين الحالي (الفصل 176) 3 - المجلس الدستوري القائم حاليا: (الفصل 177) 4 - المجلس الأعلى للقضاء القائم حاليا (الفصل 178) وذلك في انتظار المؤسسات المقابلة لها والتي تعوضها والمحدثة في الاصلاح الدستوري الوارد بمقتضى الدستور الجديد، وهي: 1 - مجلس النواب القادم 2 - مجلس المستشارين المقبل 3 - المحكمة الدستورية 4 - المجلس الأعلى للسلطة القضائية مستلزمات هذا التصور الثاني نعتبر هذا التصور الثاني في تدبير المرحلة القادمة ببلادنا، يدخل في خانة «الممكن المستبعد» وذلك لأن المراجعة عن طريق البرلمان بمجلسيه مبدئيا سهلة، لأن البرلمان القائم حاليا هو الذي يمكن له ان يقوم بالعمل على تنفيذ هذا التصور بمبادرة من جلالة الملك وذلك في نطاق التأويل الديمقراطي لنص وروح الدستور الحالي. وإذا أمكن توفر الإرادة السياسية لتحقيق هذا التصور الثاني. واذا أمكن بالفعل تحقيقه سياسيا بكل موضوعية، مع اعترافنا بأن إقرار الدستور الحالي لم يمض عليه الا شهران تقريبا، لكن مع ذلك لابد من ان نضع في الاذهان باستمرار,أنه اذا كانت المصلحة العليا للبلاد تقتضي ذلك فلم لا؟ وبالتالي لا ضرر ولا عيب بأن نجعل المصلحة العليا للبلاد والمصلحة العامة فوق كل الاعتبارات, مادام هناك احترام لنص وروح الدستور. إن هذا التصور الثاني، إن أمكن التوافق بشأنه سياسيا، فهو يفرض تجديد «يوميه زمنية» كاملة من الآن الى نهاية شهر شتنبر 2012.و ذلك ليقوم البرلمان الحالي بمجلسيه القائمين حاليا بإقرار جميع القوانين: التنظيمية والعادية منها، اللازمة قبل انتخاب مجلس المستشارين الجديد بكامل أعضائه في آخر المطاف قبل نهاية الولاية التشريعية الحالية في الجمعة الثانية من اكتوبر 2012. *والقوانين التنظيمية: المنصوص عليها في الدستور الحالي، والواجب إقرارها في هذه الفترة المذكورة, من بداية شتنبر 2011 الى نهاية شتنبر 2012 تبعا لليومية الزمنية المشار اليها هي: 1- القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب (ف 62 ) 2- القانون التنظيمي للأحزاب السياسية (ف 7) 3 - القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية بمختلف انواعها وانتخابات مجالسها في الجماعات الحضرية والقروية، مجالس المجالات او الاقاليم ومجالس الجهات (ف 46 4 - القانون التنظيمي المتعلق بالحقوق (ف.87) 5- القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية (ف 116 ) 6 - القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية (ف 131) 7 - القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين (ف 63 ) 8 - القانون التنظيمي المتعلق بقواعد سير مجلس الوصاية (ف 44) 9 - القانون التنظيمي لقانون المالية ( ف 75). وهنا يجب التنبيه إلى أن إقرار هذه القوانين التنظيمية المذكورة أخيرا، يجب أن يتم خلال هذه الفترة الانتقالية,لتنتهي هذه الفترة بتنصيب مجلس المستشارين الجديد، وهو معزز بالمؤسسات الدستورية الجديدة اللازمة في تدبير المرحلة القادمة لمابعد المرحلة الانتقالية الحالية. وبالتالي نذكر أنه لا تخفى عنا مقتضيات الفصل (86) من الدستور الحالي التي تنص على أنه: «تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ الدستور«« ومسايرة ومع احترام منطوق وروح هذا الفصل (86) من الدستور, و تفعيلا لهذا التصور الثاني، ولو أننا نعتبره يدخل في نطاق «»الممكن المستبعد««، فهذا التصور الثاني، الذي يفرض إقرار تلك القوانين التنظيمية التسع (9) المذكورة، من قبل البرلمان الحالي، مع تعديل الدستور بالصيغة التي يتضمنها هذا التصور الثاني. مع العلم أن الدستور الحالي ينص على ضرورة إقرار تسعة عشر (19) قانونا تنظيميا, بالاضافة الى مجموعة من القوانين العادية لإرساء باقي المؤسسات المنصوص على ضرورة إحداثها طبقا لفصول الدستور الجديد، وبطبيعة الحال ستتكفل الولاية التشريعية القادمة، انطلاقا من تنصيب مجلس البرلمان الجديد لإكمال مهمة اقرار باقي القوانين التنظيمية، والقوانين العادية الأخرى، التي يمكن لها الانتظار الى انطلاق الولاية التشريعية القادمة. وعلى غرار تلك القوانين التنظيمية التسع (9) التي يظهر لنا أنه لا يمكن لها أن تنتظر حتى الولاية التشريعية القادمة. بالبرلمان الجديد بمجلسيه. ونجد أيضا مجموعة من القوانين والتي هي الأخرى يجب أن يتم اقرارها في الفترة الانتقالية من قبل البرلمان القائم حاليا بمجلسيه، ونجد أن بعض هذه القوانين هي موضوع حوار الآن قبل عرضها على البرلمان القائم حاليا، وهي القوانين المؤطرة واللازمة لاجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي يجب أن تتم كل نهاية شتنبر 2012 كآخر أجل. وهذه القوانين هي: ا- القانون المتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها بعد معالجتها بالحاسوب. 2- القانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات. 3- مراجعة القانون رقم 9-97 المتعلق بمدونة الانتخابات. وذلك لتحسين المقتضيات الخاصة بانتخابات مختلف مجالس الجماعات الترابية ومجالس الغرف المهنية، وتمثيل ممثلي المأجورين في بعض هذه المجالس. 4- مراجعة قانون مدونة الشغل لتحيين المقتضيات المتعلقة بانتخاب مندوبي المأجورين في مختلف المؤسسات الموجودين فيها، وبالخصوص المؤسسات التي يفرض الدستور الجديد وجودهم بها، وفي مقدمتها مجلس المستشارين. 5- إمكانية أو احتمال مراجعة مختلف القوانين المنظمة للغرف المهنية لتحسين حضورها وتمثلها في المؤسسات التي يفرض الدستور الحالي حضورها فيها. ونرى، أن هذا التصور الثاني يفرض بالضرورة، بالإضافة الى كل تلك التحضيرات القانونية. وضع »يومية زمنية« (أجندة) وتنفيذها بإجراء مختلف الاستحقاقات الانتخابية تبعا لإقرار النصوص القانونية المتعلقة بها. على أساس أن تختم تلك الانتخابات بانتخابات أعضاء مجلس المستشارين الجديد في نهاية شتنبر 2012، ليتم تنصيب البرلمان بمجلسيه، وبكامل أعضائه الجدد بالجلسة الافتتاحية للولاية التشريعية القادمة. التي يترأسها جلالة الملك يوم الجمعة الثانية من أكتوبر 2012. هذا هو التصور الثاني الذي نراه ممكن التطبيق، لكنه قد يكون مستبعدا، لأنه لا يتطلب فقط اقرار البرلمان الحالي بمجلسيه الحاليين، لمختلف القوانين التنظيمية والقوانين العادية خلال الفترة الانتقالية بداية من شتنبر 2011 الى نهاية شتنبر 2012، بل يتطلب تعديلا دستوريا مخففا عن طريق اجتماع مجلسي البرلمان، وهل تسمح الملاءمة السياسية القيام بهذه المراجعة؟ .. نرى أن الأمر ليس مستحيلا، وإن كان غير سهل، فهذا التصور الثاني ليس »من «السهل المتتنع»» كما رأينا في التصور الأول، ولهذا نعتبره من »»الممكن المستبعد»»، ولذلك من المفيد أن نعرض أيضا للحوار والنقاش التصور الثالث الذي نراه من وجهة النظر الشخصية أنه يدخل في خانة «الممكن المحتمل»، ونقترح أن نعرض .. للحوار والنقاش في التحليلات القادمة، التي نختم بها هذه التأملات.