في إطار الاهتمام الذي يوليه المجتمع للتغطية الصحية، وعلى ضوء السياسة المتبعة من طرف وزارة للصحة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، تابع القراء، عبر بعض الجرائد الوطنية، تصريحات وزيرة الصحة حول الاعفاءات والتعيينات الاخيرة التي شملت مديري الجهات وبعض المندوبين، حيث أكدت أن هذه الاجراءات ضرورية لأن المعنيين تنقصهم الكفاءة وفشلوا في إيجاد الحلول للمشاكل التي تعيشها المؤسسات المسؤولين عنها. ونظرا لذلك عملت الوزارة على تعويضهم بخريجي معهد الادارة الصحية. شيء جميل ومنطقي وبيداغوجي.. لكن السؤال الجوهري الذي نطرحه بكل هدوء، وبعيدا عن التشنج وردود الافعال الذاتية قصد محاولة الفهم والتوضيح، هو: كيف يمكن سد الخصاص الهائل من هذه الكفاءات لأن عدد خريجي هذا المعهد لا يتعدى 25 طالبا سنويا؟ فأين هي استراتيجية الوزارة في ميدان التكوين والتأطير؟ أجل لقد علمتنا الطبيعة والعلوم الفيزيائية أن الفراغ يملأ تلقائيا كيفما كان حجمه.. وتبعا لهذه القاعدة تعمل الوزارة على تعيين أطر في مناصب المسؤولية... لكن كان على الوزارة ان تخضع هؤلاء لاختبار مدروس موضوعيا من طرف لجنة مؤهلة ومحايدة بهدف المصلحة العامة بدل الزبونية والحزبية الضيقة لأن الإجراء الحالي أفرز كثيرا من المسؤولين، فاشلين عاجزين عن اتخاذ أية مبادرة إيجابية، بل منهم من يخبط خبط عشواء، وذلك نتيجة طبيعية لأن فاقد الشيء لا يعطيه، الشيء الذي يتسبب في سوء التدبير والفساد الاداري ببعض المندوبيات والمستشفيات. طبيعي أن المدير الذي يجهل مستوى واحتجاجات مهنيي القطاع، حيث لا يفرق بين الممرض المتعدد الاختصاصات والمبنج والتقني، الخ ليعين الاول مكان الثاني وهكذا دواليك ...فهو لا يعرف لا صنفين من مهنيي الصحة، الاطباء، والباقي يعتبرهم ممرضين وكفى.. وبذلك يضرب عبر الحائط كل الاختصاصات والشعب المفتوحة بمعاهد تأهيل الاطر في الميدان الصحي، بهذا السلوك يتسبب في الفوضى وضرب سياسة الدولة في العمق. للاسف هناك مدراء ومقتصدون من هذا النوع مازالت تحتفظ بهم الوزارة ولسنوات طويلة، تلبية للتدخلات الفوقية والزبونية المتفشية في القطاع. أما في ما يخص تدبير معاهد تأهيل الاطر في الميدان الصحي، والحقيقة، وبكل شفافية، فإنها تسير من طرف نخبة من المدراء، خريجي المعهد الوطني للادارة الصحية أو من شعبة التدريس التابعة لمدرسة للاطر (أو السلك الثاني حاليا) مع متابعة جلهم لدراسات جامعية أو ندوات داخل أو خارج المغرب في ميدان التدريس والتأطير، الشيء الذي أهلهم لاكتساب مهارات وتجربة كبيرة في الاشراف على التكوين والتخطيط والتأطير المدرسي والطلبة والامتحانات والبحوث الميدانية المنجزة من طرف الطلبة، إضافة الى التسيير العادي الاداري لتلك المعاهد. لكن قانون الطبيعة لا يلزم هؤلاء المديرين بالإحالة على التقاعد في المستقبل القريب. ولذا نعيد السؤال، هل فكرت الوزارة في البديل أم أن دار لقمان مازالت على حالها؟ والارتجال يبقى هو القاعدة، يقوم مقام العقل في عمليات التعيينات لسد الفراغ الشيء الذي يؤدي حتما الى اصابة هذه المعاهد بداء المحسوبية والزبونية على غرار ما يجري في بعض المستشفيات الاقليمية؟ وفي انتظار ذلك، نتمنى أن يثبت العكس! * مسوول وطني في النقابة الوطنية للصحة (فدش)