يعتبر عبد الحكيم بلحاج، 45 سنة، إحدى الشخصيات القوية في ليبيا الجديدة. فهو اليوم المسؤول عن أمن طرابلس. هذا الجهادي السابق، الذي اعتقلته المخابرات المركزية الأمريكية، وسلم سرا لنظام العقيد القذافي سنة 2004، هو قائد المقاتلين الثوريين في العاصمة الليبية. الرجل الذي يتحدث بصوت خفيض، يوحي بجاذبية أكيدة. بنيته الجسدية قوية، ووجه دائري تحيط به لحية سوداء مشذبة بعناية. في هذا الحوار يستعيد بلحاج مساره المثير الذي قاده من الجهاد في أفغانستان إلى سقوط القذافي. ويرد علي مخاوف من يرون فيه ظل القاعدة. - هل تنتمي إلى القاعدة؟ - الكثير من الأخبار المغلوطة تروج حول هذا الموضوع. نعم، كنت عضوا في الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي كان مجال تحركها دائما محصورا فقط في ليبيا. هدف هذا التنظيم كان هو تخليص الشعب الليبي من دكتاتورية معمر القذافي، لم يكن لنا أبدا أي اهتمام خارج بلدنا والجماعة الإسلامية المقاتلة لم تكن قط جزءا من القاعدة، لا من وجهة نظر ايديولوجية، ولا علي المستوى العملي ولا على مستوى الأهداف. والذي وقع هو أننا كنا نتواجد في نفس المكان وفي نفس التوقيت مع القاعدة. كان ذلك في أفغانستان حيث قاتلنا في بعض الأحيان إلى جانبها، عندما كان الأمر يتعلق بتحرير أفغانستان، لكننا لم يسبق أن كنا تابعين للقاعدة. على العكس، عندما أسس أسامة بن لادن الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين في خريف 1998، رفضنا أن نكون جزءا منها، كيف يمكن أن نقبل قتل جميع المسيحيين أو جميع اليهود؟ هذا هراء! ولم لا قتل الصينيين أو اليابانيين؟ المسيحيون واليهود من أهل الكتاب ومن واجبنا حمايتهم. - مقامكم في أفغانستان يثير مخاوف.. - كنت مضطرا للمنفى، لم أختر ذلك، في ليبيا، كنا نعيش تحت نظام دكتاتوري لم يكن يسمح بأدنى حرية للتفكير أو التعبير. ولذلك أسست مع جماعة من الشباب في سنوات الثمانينات الجماعة الإسلامية للقتال، لم يكن هناك خيار آخر سوى الكفاح المسلح. نظام القذافي كان يريد تدميرنا، ولذلك غادرت بلادي إلى العربية السعودية سنة 1988 ومن هناك التحقت بأفغانستان، عندما سيطر المجاهدون الأفغان علي كابول سنة 1992 غادرت هذا البلد. - وبعد ذلك؟ - بعد ذلك سافرت إلى تركيا، ثم إلى السودان وإلى دول أخرى... - هل اعتقلت وسجنت من طرف المخابرات الأمريكية؟ . - في مارس 2004، اعتقلت في مطار كوالا لامبور بماليزيا، بطلب من المخابرات الليبية، نقلت إلى بانكوك حيث تم تسلمي إلى عملاء للمخابرات الأمريكية الذين كانوا يديرون سجنا سريا بالمطار، وهناك خضعت للاستنطاق لعدة أيام لا أذكر المدة بالضبط، فقدت وعيي عدة مرات، وزوجتي التي كانت حامل في شهرها الساد اعتقلت أيضا. - نعم، علقت في السقف، كنت مكبلا. أغرقوني في الماء المثلج، وبعد بضعة أيام، وضعوني في طائرة متوجهة إلى ليبيا حيث حكم علي بالإعدام، ووضعت في السجن بداية ولمدة أربع سنوات ونصف في مقر المخابرات السرية التي كان يقودها موسى كوسا تم بعد ذلك في سجن أبو سليم. - ما هو السبب الذي جعل نظام القذافي يطلق سراحك؟ - في السجن، تمكننا من التفكير والحوار، استخلصنا من كل ذلك كتابا تخلينا فيه عن الكفاح المسلح. كان لدينا إحساس بضرورة تشجيع محاولات الإصلاح لسيف الإسلام القذافي في ليبيا. و هذا البلد ينطلق من بعيد، لم تكن هناك أدنى عدالة: في سنة 1996، تمت تصفية 1200 معتقل في سجن أبو سليم، أردنا أن نقدم مساهمتنا ونعطي مثالا للحوار الإيجابي. ولذلك، تم الإفراج عن مئات الإسلاميين على دفعات صغيرة. وأنا شخصيا خرجت من السجن في مارس 2010، ورغم ذلك لم أتخل عن قناعاتي، دولة مدنية بحريات حقيقية، تحترم القانون والعدل. كنا نريد تغييرا، كنا نريد إصلاحات. لم نكن نقاتل من أجل القتال. - مع الثورة، حملتم السلاح من جديد... - ثورة 17 فبراير ليست من صنع أي تيار سياسي معين، أو أي تيار إيديولوجي معين، إنها ثورة الشعب الليبي بأكمله. الشباب كانوا أول من تظاهر سلميا. استقبلوا بالرصاص وهو ما أدى الى عسكرة الثورة. وعدالة قضيتهم أدهشت المجتمع الدولي الذي أصدر القرار 1973. وأود أن أوجه الشكر لكل الذين انقذوا بنغازي من دبابات ورشاشات القذافي. - هل تريدون ممارسة أية مسؤوليات في ليبيا الجديدة؟ - فيما يخصني، أنا تحت سلطة وإشارة الملجس الوطني الانتقالي وجهازه التنفيذي ووزارة الدفاع، وأؤكد لكم أنه ليست للمقاتلين أية أجندة خاصة. لا تشكو فينا! ليس هناك ما يخفى، نحن لسنا من القاعدة، لم أكن أبدا من القاعدة. أقول ذلك بكل حرية و بكل مسؤولية وليس من سجن. نحن لا نريد قيادة هذا المجتمع الذي هو مجتمع مسلم. - هل أنتم مع إرساء دولة إسلامية في ليبيا أو إقرار الشريعة؟ - نحن ننتمي للمجتمع الليبي، ونحن مسلمون ونحن لا نتميز حول تطبيق العدالة، كل ما نرغب فيه هو الحماية والأمن والثقة لبلدنا، ولجيراننا ولجميع الدول التي تربطنا بها علاقات. في ليبيا عشنا اثنين وأربعين سنة دون دستور، بدون قانون ولا عدالة، وهو من أدى إلى انهيار هذا النظام الدكتاتوري. نريد دولة مدنية تحترم القانون والحق. دولة تطبيق العدالة. أما بخصوص شكل النظام وشكل الحكومة، هذا الاختيار يرجع للشعب الليبي، سنعيد أسلحتنا، نحن لسنا هنا لإقامة نظام طالبان عبر انقلاب عسكري. عن لوموند