لغة الصور هنا بليغة.. فما أبعد المسافة بين ذا الجيش وذا الجيش.. بين ذا الإنسان وبين ذا الشئ المنتسب للإنسان.. في واحدة من الصور يتمدد الجندي الياباني أرضا، تواضعا للمستقبل كي يمر آمنا، وينام على الأرض كي يحمي الطفولة ويحمي الحياة ويحمي آدمية الآدميين. وفي الأخرى يتلع الجندي السوري المريض بالإستبداد والطغيان على الجسد المنتفض سلميا من أجل الحرية والكرامة والعدل.. أي لغة تليق بهذين المشهدين، غير أن نؤمن فعليا أن ليس القوس من يطلق السهم بل قلب صاحبه. في سوريا هذه الأيام، كم نكتشف للهمجية من وجوه وملامح وصور وأصحاب.. كم ندرك أن مرض السلطة متعفن في القلوب وأن الحيوانية ما غادرت بعد حياض بعض البلاد.. أي لغة سوف تبرر الوحشية السادرة هناك في ربى دمشق وبردى واللاذقية وحماة وحمص ودير الزور؟. أفق أبى العلاء المعري، وانظر ما يفعل القوم هناك بأبناء بلدك، خد في يدك المتنبي وانسجوا لنا معنى كلمات نستطيع بها تحمل هذا الإستئساد في الهمجية ضد الحياة الحرة الكريمة. ألم تعلمنا أيها المبصر بعين البصيرة، أنه "لو ترك القطا ليلا لنام" وأن الناس ما خرجت في بلاد الشام للموت إلا لأن الألم جاوز العظم. يا رب السماوات، ارحم خلقك من أبناء الحياة، من بطش خلقك من الجناة المرضى بالطغيان.