لاتتميز عمالة مديونة بجماعاتها الخمس إلا بكونها إقليما بسيطا بمواصفات قروية خانقة، سمته الأساسية البارزة، هو طغيان البناء العشوائي بمختلف أشكاله وأنواعه، وتحول أجود أراضيه الفلاحية إلى مستودعات عملاقة أجهزت على الأخضر واليابس، والتي تحولت بعد ذلك إلى وحدات صناعية غير مهيكلة تشتغل خارج أي ضوابط قانونية ويعمل بها عشرات الآلاف من العمال، في ظل ظروف تفتقد لأبسط الشروط المهنية، وتنذر بتكرار كارثة «روزامور». بدءا بالهراويين، ومرورا عبر تيط مليل وسيدي حجاج، وانتهاء بالمجاطية ومديونة، مسافة تزيد عن الخمسة والثلاثين كيلومترا، وهي من أجمل الأراضي الفلاحية المتاخمة للعاصمة الاقتصادية، التي تعرضت للنهب و«الاغتصاب» من طرف جهات متعددة، قلة منها نالت جزاءها وقدمت للمساءلة القانونية، أما أغلبيتها فهي ما تزال بعيدة عن المحاسبة. فبجماعة سيدي حجاج لوحدها هناك أزيد من 800 مستودعا عشوائيا تحولت إلى معامل سرية تنشط في عدة صناعات مختلفة، كالبلاستيك، والحديد، والنجارة، والتذويب، والخياطة ... وتشغل هذه المعامل، حسب معطيات تتوفر عليها الجريدة، أزيد من عشرين ألف عامل وعاملة أغلبيتهم من أبناء المنطقة، وتتمركز هذه الوحدات الصناعية بالخصوص في منطقة« لحنانشة» و«أولاد سيدي مسعود» و«أولاد حادة 1و2 ». وبالمجاطية أولاد الطالب، فإن عدد المستودعات العشوائية التي تمارس أنشطة صناعية، قد بلغ 390 وحدة صناعية، أغلبيتها تزاول مهامها من غير ترخيص، وتشغل حوالي 2500 عامل وتتمركز بمرشيش، والحلايبية، ودوار اللوز، وعين الحلوف، والهلالات. أما بتيط مليل فهناك حوالي 100 وحدة صناعية تشتغل أغلبيتها من غير تراخيص الاستغلال . وفي السياق ذاته لا يتجاوز عدد الوحدات الصناعية غير المرخصة بمديونة 10 وحدات تتمركز بجوار القصية الاسماعلية المجاورة لمقبرة حي القدس. أغلبيتها في ملكية رئيس جماعة سابق متابع حاليا رفقة مستشارين وموظفين على خلفية فضيحة خروقات تدبير ملف صفقة أرضية السوق القديم. أما بالهراويين في جزءها التابع لتراب عمالة إقليم مديونة والتي تضم 16 دوارا و23 دائرة انتخابية، فقد تحولت العشرات من الإسطبلات ومحلات للسكن بين عشية وضحاها إلى وحدات صناعية غير مهيكلة وبدون ترخيص، حيث تحول معقل الرنيس السابق لجماعة الهراويين «دوار الخالقة» إلى أكبر تجمع للمعامل السرية، إذ بلغت 150 مستودعا يمارس أنشطة صناعية وتجارية بشكل غير علني، ويليه من حيث الأهمية دوار العريسات ب 50 وحدة صناعية، ثم دوار الحاج صالح ب 45 وحدة في ملكية عائلة شهيرة بالمنطقة 3 من أفرادها مستشارون جماعيون بالهراويين. اما دوار سيدي أحمد بن لحسن فهو يضم 43 وحدة صناعية ممتدة من وسط الهراويين إلى حدود طريق مديونة بجوار الطريق السيار، دون نسيان دوار المديوني الذي تسيطر عليه عائلة معروفة بالمنطقة يحفظ الجميع اسماء أفرادها عن ظهر قلب، والتي استطاعت خلق حوالي 20 مستودعا بشكل غير قانوني، ونفس الشيء ينطبق على دوار الشياظمة الذي يضم لوحده حوالي 31 وحدة صناعية. أما باقي الدواوير بالهراويين المديونية، مثل «الحلحال» الذي سيحتضن إنشاء الملعب الرياضي الكبير للدار البيضاء، و«المديوني 2» و«الرحامنة» و«بوشوير» فيضم بعض الوحدات الصناعية، لكن شهرتهم مرتبطة أكثر بالتجزئات السكنية السرية.