من أهم الملاحظات التي تشد انتباهك وأنت تتجول في أحياء عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي بولاية الدارالبيضاء، وجود العديد من الأوراش المتوقفة خصوصا تلك المتعلقة بالمساجد، في نفس الوقت وفي مفارقة واضحة تثير انتباهك طيلة العام بهذه الأحياء صورة المصلين يوم الجمعة وقد اتخدوا من الشوارع والأزقة والدروب الضيقة المحيطة بالمسجد مكان للصلاة .كما يثيرانتباهك انتشار العشرات من الخيام وقاعات الصلاة بالعديد من الدروب ، وإن كانت هذه الوضعية تدل على شيء فإنما تدل على الخصاص الكبير الذي يعرفه العديد من الأحياء من حيث المساجد اللازمة لاستيعاب العدد الكبير والمتزايد من المصلين . ومن بين تلك الأوراش المتوقفة ورش مسجد حي الأمل بسيدي البرنوصي قبالة المكتب الوطني للشاي الذي توقفت به الأشغال مند حوالي 3 سنوات لتصير أعمدته أطلالا منتصبة وهي في ربيع تشييدها ، نفس الوضع يعيشه ورش مسجد حي السلام 2 بأهل الغلام الذي انطلقت أشغال بنائه مند قرابة 4 سنوات لتتوقف مند ما يزيد عن سنتين مما أحبط كل آمال وانتضارات السكان في هذا الحي الكبير ذو الكتافة السكانية العالية ،وبدل أن يصبح محجا للمصلين في الصلوات الخمس وصلاة الجمعة صار ملجأ للطيور والعناكب ، ومخبأ لبعض المنحرفين ، و ليس ورش مسجد حي السلام 1 قبالة دوار السكويلة وحي أناسي بأحسن حال من سابقيه إذ توقفت به الأشغال هو الآخر مند قرابة عام بعد انطلاقها بثلاث سنوات، حيث كانت تسير بسرعة حلزونية متعثرة . ومن الأسئلة التي يطرحها الرأي العام أمام المنظر المؤسف لتلك المساجد: ماهي الأسباب الكامنة وراء تعثر أو توقف الأشغال بتلك الأوراش ؟ وأين هو دور السلطات المعنية والمجالس المنتخبة في تتبع هذه المشاريع والوقوف على التنفيد الحسن لدفتر التحملات المتعاقد حوله مع المقاولين وفي الآجال المحددة ؟ في إجابة عامة على هذا التساؤل يوضح أحد المقاولين المتخصصين بأن المسؤول الرئيسي والأول عن توقف الأشغال في مثل هذه المشاريع ليس هو المقاول بل غالبا ما تكون الجهة صاحبة المشروع التي لا تسلمه المستحقات المالية اللازمة لمواصلة الأشغال مما يجعله مضطرا لإخضاع إتمام العمل للتوصل بالمصاريف اللازمة لذلك، ناهيك عن المساطر المعقدة الواجب اتباعها لاستخلاص تلك المستحقات والمحفوفة بالعراقيل والمرتشين. وفي جواب آخر يشير أحد الموظفين العموميين رفض الكشف عن هويته إلى العراقيل المجانية التي يضعها بعض المسؤولين بالمجالس الجماعية والسلطات العمومية في وجه بعض المحسنين الذين يتطوعون لبناء المساجد ،حيث يشترط عليهم تقديم بعض الرشاوي العينية كتفويت أحد العقارات التي عادة ما تشيد حول المسجد أو تخفيض سومته الشرائية لصالح زبناء معينين ، وهو ما يجعل المحسن المكلف ببناء المسجد في موقف حرج وحساس وبين خيارين متناقضين أولهما : إتمام بناء المسجد للفوز بالأجر العظيم والصدقة الجارية ،وثانيهما : تقديم الرشوة الجالبة للعنة الله وسخطة . كما يتحدث أحد المقاولين عن وجود لوبي متشكل من سلسلة من الموظفين المنتشرين ببعض المؤسسات العمومية دات الطبيعة العمرانية الذين يمارسون مجموعة من التلاعبات المالية بميزانيات تشييد مختلف المرافق العمومية منتهجين جملة من الحيل كعرقلة وتأخير توصل مقاول البناء بمستحقاته المالية أقصى ما يمكن لإرغامه عن التنازل عنها أو عن جزء منها وهذا ما حصل للعديد من المقاولين الذين عقدوا صفقات بناء مع بعض المؤسسات العمومية والذين تعرضوا للإفلاس لعدم تأقلمهم مع أجواء العمل الفاسدة وعدم فهمهم للعبة الرشاوي والحلاوات ، ونفس التصرفات والحيل يتم اعتمادها مع جميع المقاولات المتدخلة في التشييد من ترصيص وتزليج ونجارة وتجبيص... فإلى متى سيستمر انتشار مثل هذه السلوكات السلبية التي تساهم في عرقلة تشييد بيوت الرحمان والتي تتنافى مع التوجيهات السامية لجلالة الملك الداعية إلى إدماج الحقل الديني في التنمية البشرية ،ومع المستجدات الدستورية الداعية إلى تخليق الحياة العامة ومعاقبة المفسدين والمخلين بنظامها ؟ إلى حين الإجابة على هذا السؤال تستمر معانات المصلين بحي السلام 1 و2 بمقاطعة سيدي مومن وحي الأمل بسيدي البنوصي وتستمر انتضاراتهم لإكتمال بناء مسجد يحميهم من حر الصيف ومطر الشتاء ويوحد أداءهم لمناسكهم في مكان واحد وتحت سقف واحد بدل حالة التشتت في أزقة و (ريدوات ) متناثرة أو الاسطفاف في قارعة الطريق كل جمعة أو السير كيلومترات بحثا عن مسجد في أحياء أخرى .