دخل الدستور الجديد حيز التطبيق، لكن الدولة لم تتغير والدليل على ذلك آلاف الاحكام لم تشرع الدولة في تنفيذها والامتثال للسلطة القاضي، وتسليم الحق لمن حُكم له به. وأحدها ملف المواطن آيت حمو المختار (ب.ت.و E166667) من مراكش الذي أكد القاضي الإداري أنه كان ضحية خطأ طبي بمستشفى الانطاكي نتج عنه إصابته بالعمى في عينيه اليسرى، وأنه اليوم يعاني جراء ذلك من آلام أخرى حسب قوله. 1 الحكم الابتدائي الإداري عدد 411 في 08/12/22 ملف 06/12/241. 2 القرار الاستئنافي الإداري رقم 135 في 10/2/17 ملف 09/6/198 التأييد. 3 قرار المجلس الأعلى عدد 829 في 10/11/11 ملف 2010/1/4/1204 رفض الطلب للوزارة. 4 محضر امتناع رئيسة مصلحة المنازعات بوزارة الصحة عن تنفيذ الحكم بتاريخ 2011/05/13. وفيما يلي تعليل القرار الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي: «... أولا: بالنسبة للاستئناف الأصلي المقدم من طرف السيد الوكيل القضائي للمحكمة: 1 فيما يخص الوسيلة المستمدة من تأسيس الحكم على علل فاسدة، حيث عاب المستأنف على الحكم المطعون فيه تأسيسه على علل فاسدة ويتجلى ذلك من انتفاء مسؤولية الدولة عن الحادث لانتفاء الخطأ، ذلك أن المحكمة استبعدت ما خلصت إليه الخبرتان المنجزتان من انتفاء الخطأ الطبي المدعى به واعتبرت أن الخطأ مكمنه ليس في إجراء العملية، بل في عدم تنبيه المعني بالأمر (المريض) إلى حالته قبل العملية وبعدها، كما يتجلى فساد التعليل في عدم صحة وجود إقرار من قبل الطبيب المعالج بوجود اقتلاع بالقرنية قبل العملية كشفت عنها الفحوصات، وبالتالي فإن المحكمة عندما خلصت الى إقرار المسؤولية الطبية بناء على ذلك تكون قد جانبت الصواب، علما بأن المسؤولية الطبية لا تقوم إلا على خطأ جسيم كما دأب على ذلك العمل القضائي. لكن، حيث إنه ولما كان الفقه والقضاء يسيران على أن التزام الطاقم الطبي المعالج ينحصر فقط في بذل جهود صادقة ويقظة في علاج المريض تتناسب مع المعطيات العلمية المعمول بها، وأنه يعتبر خطأ كلما تم الإخلال بهذا الالتزام، فإن ما حدث للضحية لا يكمن في عدم تحقيق الغاية المتوخاة من العلاج والتي هي ازالة الجلالة وتصحيح البصر في العين اليسرى بعد اجراء العملية الجراحية التي خضع لها بمستشفى الانطاكي بمراكش، وذلك في غياب أي تدخل للطبيب المعالج للحيلولة دون ذلك أثناء خضوعه للعلاج. وحيث إنه ولئن دفع السيد الوكيل القضائي للمملكة بأن الخبرتين الطبيتين المنجزتين في النازلة قد أكدتا انتفاء الخطأ الطبي وتؤكدان أن الحالة قد عوملت بما يقتضيه الواجب، فإن عدم توضيح المستأنف بأن ما تم اكتشافه من اقتلاع شبكة العين بعد مرور حوالي شهر من تاريخ إجراء العملية ليست من تبعات هذه الاخيرة ولا صلة لها به وبأن المراقبة البعدية كانت تسير بشكل طبيعي ومطابقة لما يفرضه الالتزام ببذل العناية، يجعل من الدفع المذكور غير ذي أساس. وحيث إنه وبالنسبة لما تمسك به المستأنف من كون المسؤولية الطبية لا تقوم إلا على خطأ جسيم وهو ما لا يتوفر في النازلة، فإن المشرع المغربي لم يميز بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير من حيث استتباع المسؤولية حسبما يستنتج ذلك من مقتضيات المادة 98 من قانون الالتزامات والعقود، علما بأن جسامة الخطأ في مثل نازلة الحال إنما ينظر إليها من حيث انعكاساته على حياة المتضرر ومدى إمكانية استدراك الخطأ الطبي المرتكب وكذا من حيث نسبة العجز الذي بلغته الأضرار اللاحقة بالمتضرر. وحيث إنه وأمام هذه المعطيات وبالنظر الى باقي وثائق الملف فإن مستشفى الأنطاكي المدعى عليه يتحمل كامل المسؤولية عن الضرر اللاحق بالمستأنف عليه المتمثل في في فقدان بصره بعينه اليسرى نتيجة عدم بذل العناية الواجبة وتوفير العلاج اللازم في الوقت المناسب بعد العملية الجراحية، وكل ذلك يعبر عن مواقف سلبية من الادارة المعنية تشكل خطأ مرفقيا يستوجب التعويض. 2 فيما يخص الوسيلة المستمدة من نقصان التعليل في تحديد التعويض: حيث نعى الطرف المستأنف على الحكم المطعون فيه كونه ناقص التعليل، وذلك عندما اعتمدت المحكمة مصدرته على سلطتها التقديرية في تحديد التعويض دون أدنى تبرير، والحال أن تقدير التعويض لابد أن يستند إلى حصر عدة عناصر الواجب بيانها عند تقديره. لكن، حيث يتضح من تقرير الخبرة المنجزة من طرف الدكتورة حورية بنميرة أن المستأنف عليه قد لحقه عجز مؤقت مدته 90 يوما وعجز دائم نسبته %30 مع ألم نسبته 7/1 وتشويه نسبته 7/2 كما أن المعني بالأمر قد التمس في مذكرة مستنتجاته بعد الخبرة الحكم له بتعويض لا يقل عن 250.000,00 درهم وبتعويض عن المصاريف الطبية والصيدلية قدرها 100.000.00 درهم، ومن ثم فإن محكمة الدرجة الأولى عندما قضت بالمبلغ المحكوم به تكون قد استعملت سلطتها التقديرية في تحديد التعويض المستحق استنادا على ما ورد بتقرير الخبرة المذكورة، آخذة بعين الاعتبار الظروف والمعطيات والعناصر الأخرى المتوفرة في النازلة، وبالتالي تكون الوسيلة المثارة بهذا الشأن غير مؤسسة. ثانيا: بالنسبة للاستئناف الفرعي المقدم من طرف السيد المختار آيت حمو: حيث يعيب المستأنف على الحكم المطعون فيه استناده على تعليل فاسد لعدم مراعاته للوثائق المدلى بها والمتعلقة بمصاريف التطبيب والصيدلة. لكن، حيث إن التعويض الإجمالي المحكوم به والمحدد في مبلغ 250.000,00 درهم يتلاءم وجبر الضرر اللاحق به والذي حددته المحكمة المطعون كما سبق بيانه في إطار سلطتها التقديرية انطلاقا من الخبرة المنجزة وتأسيسا على القواعد العامة المتعلقة بالمسؤولية الإدارية آخذة بعين الاعتبار الظروف والمعطيات والعناصر الأخرى المتوفرة في النازلة ومن بينها مصاريف التطبيب والصيدلة وبذلك تكون هذه الوسيلة غير مجدية. وحيث إنه، وتبعا لكل ما سبق، يكون الحكم المطعون فيه مصادفا للصواب فيما قضى به، ويتعين بالتالي التصريح بتأييده....».