أقدمت عمالة آسفي على اجثثات إحدى أعرق الحدائق بقلب المدينة المجاورة للبناية التاريخية لقصر البلدية, وذلك من أجل استنبات ساحة للتزلج كذا. هذا الاعتداء الخطير على المجال الأخضر تشارك فيه- حسب اللوحة الإشهارية للمشروع- إلى جانب العمالة ، الجماعة الحضرية لآسفي وجهة دكالة عبدة ، وهي الجهات التي ستضخ 200 مليون سنتيم للقضاء على أجمل الحدائق العريقة بآسفي تشجيعا للتزلج كأحد العناوين الفاضحة للتخريب البيئي بآسفي وهدر المال العام .. واقعة هذا الاعتداء الخطير تتزامن بكل أسف مع دسترة الحق في البيئة كاستجابة لمطلب ملح وأساسي للجمعيات المهتمة بالتنمية المستدامة. الوثيقة الدستورية الجديدة نصت كذلك على المقاربة التشاركية في تحديد وتنفيذ مشاريع التنمية المحلية. فهل استشارت العمالة الجمعيات المعنية بالتزلج إن وجدت أصلا؟ وهل حصلت على موافقة المجلس الحضري لتأخذ الضوء الأخضر احتراما للمشروعية, أم أنها ركبت على ضعف المجلس الذي لا يتردد في قول نعم آسي..؟. وهل جدوى المشروع يمكن أن تصمد أمام انتظارات ملحة بأحزمة البؤس والفقر التي تطوق هوامش المدينة والتي أنتجت خلية مفجري أركانة؟. لقد أصبح من القدر السيئ لمدينة آسفي أن تعيش وتحيى على إيقاع تدبير محلي يبحث عن الصفقات الغليظة ولا يلتفت للملح والأساسي من الخدمات الضرورية لإرضاء المواطنين ، ولا ندري سر هذا الاستعداء الذي يمارسه المجلس الحضري تجاه البيئة والمجال الأخضر مقابل انشغال أعضائه بالعقار والإسمنت غير المسلح . فبمسح بسيط لحدائق المدينة سنلاحظ وبالعين المجردة الإهمال الخطير الذي يطال المدينة ، بدءا بحديقة الكورس المجاورة لمقر جماعة بالزاوية ، مرورا بحديقة حي أنس التي فوتت لأحد الزبناء الذي حولها لفضاء للألعاب المؤدى عنها ، وصولا إلى كورنيش أموني بحالته المتدهورة التي تغني عن كل تعليق ، وهو الفضاء الذي أضحي قبلة ، ليس لمن يحبون الحياة ، بل لمن اختار الانتحار للهروب من سواد الحياة لديه . نفس الوضعية تعيشها حديقة حي مولاي الحسن التي قام المجمع الشريف للفوسفاط بآسفي بتهيئتها وتأهيلها ، لم تستطع المصالح الجماعية تأمين السقي لشجيراتها وشذب أعشابها ، أما الحديقة المقابلة للقصر الملكي فإن الزائر لها لا يستسيغ اقتلاع سياجها الحديدي وهو الوضع المخجل الذي استمر لمدة تزيد عن ثلاث سنوات إلى اليوم ... كنا نعتقد أن حدث تفجير مقهى أركانة والحراك الشعبي لحركة 20 فبراير سيوقظ المسؤولين المحليين من سباتهم ، لكن الأرجح أن خيار المطالبة بالرحيل سيكون أنجع ...