في إطار المادة 28 من القانون الداخلي لمجلس المستشارين يشرفني أن أحيط مجلسنا الموقر ومن خلاله الرأي العام الوطني علماً، بما تم تداوله مؤخرا عبر العديد من وسائط الاتصال، بشأن ما تسرب لحد الآن من نتائج دراسة أنجزها مكتب دراسات معروف لفائدة كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة، يكشف مستويات قاتلة من الرصاص والزئبق والكدميوم في مناطق عديدة بالمغرب. فالمعطيات المخبرية مكنت من الكشف عن مستويات عالية من التلوث في منطقة الجرف الأصفر وآسفي بالكدميوم، ومنطقة المحمدية بالزئبق، ومنطقة عين السبع سيدي البرنوصي بالرصاص. ولعلم الجميع، السيد الرئيس، فالرصاص والكدميوم والزئبق، هذا الثلاثي الفتاك شديد التسمم، من بين أخطر الملوثات المؤثرة على صحة الإنسان، وذلك بتأثيره المباشر على الجهاز العصبي وعلى وظائف الكلي والكبد والجهاز التنفسي والقدرة الإنجابية، ويصنف الكدميوم بأنه مادة مسببة للسرطان. والغريب في الأمر والخطير في نفس الآن، أنه لا يوجد في المناطق الصناعية الملوثة أي برامج للمراقبة يمكن من معرفة انعكاس هذه الملوثات على البيئة والصحة، خاصة أن هذه المناطق تضم العديد من الأحياء السكنية المكتظة بالسكان (حي كاوكي بآسفي، سيدي البرنوصي وعين السبع بالبيضاء، ومدينة المحمدية ..) السيد الرئيس، إن صحة مواطنينا، ووسطنا البيئي في خطر، فلم يعد التلوث يمس الهواء فقط، بل أصبحت له تأثيرات سلبية على الماء والتربة والبحر والمواد الغذائية. فالثابت حاليا، هو أن مياه ساحل المحيط ارتفعت درجة حرارتها خلال نصف قرن تقريبا بفعل ما تفرغه مصفاة المعامل الكيماوية يوميا من سموم، هاجرت معها الأسماك إلى المياه الأكثر برودة تتلاءم ومحيط بيئتها الطبيعي. وبهذه المناسبة، وأمام هذه المعطيات المخيفة، نطالب الحكومة والقطاع الوصي أن ينشر نتائج هذه الدراسة، ويخبر المواطنات والمواطنين بنتائجها مهما كانت صادمة، حتى يتمكن الجميع من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لما فيه خير لبيئتنا وصحة مواطنينا ومستقبل أطفالنا. وفي هذا السياق طالب فريقنا، الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بعقد اجتماع عاجل للجنة المالية بحضور كاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة لدراسة تداعيات هذه الدراسة التي لا زالت لحد الآن طي الكتمان، ونتمنى أن تكون للحكومة الجرأة لعرضها على عموم المغاربة ومناقشتها أمام نواب الأمة، وعرض برنامجها للحد والتقليل من الانعكاسات السلبية لهذه المواد وغيرها على البيئة والصحة، خاصة أن المغرب من البلدان الموقعة على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى المساهمة في العمل الدولي لتقييم المخاطر المرتبطة بانبعاثات المعادن الثقيلة ومركباتها لاسيما معاهدة «بال» بشأن التحكم في النفايات الخطيرة، واتفاقية «روتردام» واتفاقية «ستوكهولم» واتفاقية «برشلونة». فهل ستكون للحكومة الجرأة لفعل ذلك؟ هذا ما نتمناه.