في الدساتير الخمسة كانت اللغة العربية كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية .وفي المشروع الحالي : «تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية. تعمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، وعلى تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، باعتبارها وسائل للتواصل والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، والانفتاح على مختلف الثقافات، وعلى حضارة العصر. يحدث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات, ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبته وكيفيات سيره». تم الحفاظ على نفس الترتيب بالنسبة لمؤسسات الملكية والبرلمان والحكومة والقضاء . لكن في دستوري 90 و92 تمت ترقية الغرفة الدستورية إلى مجلس دستوري وجاءت في الترتيب قبل القضاء. لجان تقصي الحقائق تمت دسترة لجان تقصي الحقائق في دستوري 92 و96 .كان هذا الموضوع مطلبا في المذكرة التي قدمها كل من الفقيد عبد الرحيم بوعبيد وسي أمحمد بوستة زعيمي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال إلى الراحل الحسن الثاني في أكتوبر 1991. نص دستور 1992 أنه « يجوز أن تشكل بمبادرة من الملكأ و بطلب من أغلبية مجلس النواب (وأغلبية مجلس المستشارين) لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، وإطلاع مجلس النواب على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية ، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح بحث قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها». وأن «لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها». وفي 1995 صدر قانون تنظيمي يتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق تضمن 20 مادة موزعة على أربعة أقسام هي هيكلة اللجان ،وجمع المعلومات ،وتقرير اللجان، والإحالة على المجلس الدستوري ،تغييره وتتميمه في سنة 2001. يقول الاستاذ عبد الرحمان القادري في قراءته لمشروع دستور 1992: «نلاحظ في المشروع في ما يخص وسائل مراقبة مجلس النواب أن لجان التقصي لا يمكن إحداثها بمبادرة من البرلمان إلا إذا كان الطلب صادرا عن أغلبية المجلس .وهذا من شأنه أن يضعف من هذه الوسيلة في المراقبة، وذلك عادة ما تكون الاغلبية متفقة مع الحكومة .فكيف يمكن أن نتصور إحداث لجان التقصي في أحداث وفضائح تهم الحكومة في شأنها من طرف الاغلبية التي ترتكز عليها؟ .فهذه الوسيلة لا تكون ناجعة إلا إذا كان من حق الاقلية في مجلس النواب أن تلجأ إليها . وهذا ما يشاهد في كثير من الاقطار مثل دستور ألمانيا (1949) الذي يعترف بهذا الحق لربع أعضاء مجلس النواب(البندستاغ). في المشروع الجديد المعروض على الاستفتاء نص الفصل 67 على: « ... يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يُناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق، في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية ، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها. لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء، بإحالته على القضاء من قبل رئيس هذا المجلس. تخصص جلسة عمومية داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق. يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير هذه اللجان «. وينوه المجلس الوطني في هذا الإطار، بدسترة الاختيار الديمقراطي ووضعه ضمن ثوابت الأمة، التي لا يمكن المس بها أو مراجعتها. كما ينوه على الخصوص 1) بالمكانة الأساسية التي أصبحت للحريات والحقوق والمساواة في مشروع الدستور، بوصفها مكونا أساسيا من مكونات الحياة الديمقراطية، وخصوصا في ما يتعلق بالنساء والشباب. 2) بسمو الدستور وسمو الاتفاقيات الدولية فور نشرها على التشريعات الوطنية، وبجعل السيادة للأمة تمارسها بواسطة الاستفتاء، أو عبر ممثليها. 3) بتوضيح وترسيخ الطابع التعددي للهوية المغربية، وترسيم الأمازيغية والتنصيص على احترام الحقوق اللغوية والثقافية لمجموع الشعب المغربي، حفاظا على وحدة كيانه وتنوعه الخلاق.. 4) بجعل السلطة التنفيذية أساسا بين أيدي الحكومة المسؤولة أمام مجلس النواب، وبجعل رئيس الحكومة رئيسا فعليا لهذه السلطة التنفيذية، سواء في ما يخص تحديد وتدبير السياسات العمومية أو في ما يتعلق بالتسمية في المناصب العليا المؤطرة والمنفذة لهذه السياسات. 5) بتوسيع اختصاصات مجلس النواب في مجالات التشريع والمراقبة والمساءلة وتقييم السياسات العمومية، وإصدار العفو العام الشامل وضمان حقوق المعارضة وإعطاء الأولوية في التشريع لمجلس النواب، ومراجعة تركيبة ودور مجلس المستشارين. 6) بجعل القضاء سلطة مستقلة، وتمكينه من شروط تحقيق وتعزيز سلطاته المستقلة. 7) بالتنصيص على دور الأحزاب، وحقها في ممارسة السلطة، وحظر الترحال، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، بدسترة دور المجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية وإشراك المواطنين في الشأن المحلي وفي التشريع. إن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو يعتبر بأن كل وثيقة دستورية، مهما كانت توجهاتها، لا يمكن أن تكون كاملة ونهائية، وأنها مدعوة للتفاعل مع تحولات المجتمع وتطلعاته، فإنه يؤكد أهمية التحول الذي يفتحه هذا المشروع في حياتنا السياسية، وفي مسار بنائنا الدمقراطي، كما يعتبره انتصارًا لِقيم الديمقراطية والحداثة، ويوجه نداء إلى الشعب المغربي للانخراط بروح وطنية صادقة لجعل هذا التحول التاريخي حقيقة ملموسة، وتوجهًا لا رجعة فيه بما يضمن لبلادنا الحفاظ على وحدتها الترابية ، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية فعالة، وما يعزز استقرار بلادنا وأمنها وتماسكها، ويحفظ للمغرب مكانته الجهوية والدولية. إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نسجل باعتزاز استجابة المشروع في جزء كبير منه، لمطلب أساسي ارتبط بنضالنا الديمقراطي منذ تأسيس الحزب، وفي كل مؤتمراته و مذكراته المطلبية المنفردة أو المشتركة، ونضالاته الحقوقية، كان من أبرز محطاتها، مؤتمرنا الثالث سنة 1978 ومؤتمرنا الثامن سنة 2008 والمذكرة التي رفعها الحزب إلى جلالة الملك سنة 2009، وهو مطلب إقامة ملكية برلمانية تكون فيها الحكومة المسؤولة المباشرة عن السلطة التنفيذية، ويكون فيها مجلس النواب المجال الوحيد للتشريع والمراقبة. وإذا كان مشروع الدستور المعروض اليوم على الاستفتاء يضع القواعد الأساسية لتحقيق هذا المطلب، فإن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يرى في ذلك ثمرة نضالات طويلة، ساهمت فيها الحركة السياسية والنقابية والجمعوية في جبهات متعددة، وقدمت بشأنها تضحيات كبيرة، وجسدت إرادة الشعب المغربي في حياة كريمة حرة، إنها نضالات متصلة الحلقات ساهمت فيها أجيال متلاحقة من الديمقراطيين كان شباب 20 فبراير تعبيرًا حيويا من تعبيراتها. لذلك فإن المجلس الوطني وهو يعتز بما حققه هذا النضال المتواصل، يدعو كل المواطنين المغاربة إلى التعبئة دفاعا عما حققناه بنضالنا من مكاسب، وتدعيما للإرادة الملكية في إصلاح عميق وشامل، كما عبر عنه بوضوح وشجاعة خِطابَا 9 مارس و17 يونيو 2011. وفي هذا الإطار فإن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتوجه بنداء إلى جميع المواطنات والمواطنين للتصويت بنعم على مشروع الدستور الجديد. - من أجل فتح صفحة جديدة في حياتنا السياسية وإعادة هيكلة الدولة والمجتمع - من أجل بناء الملكية البرلمانية. - من أجل تمكين الشعب المغربي من امتلاك إرادته ومصيره - من أجل فتح أبواب الأمل أمام شباب المغرب وبناء مواطنة المستقبل. ووعيا منه بدقة هذه المرحلة، فإن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدعو كل الشعب المغربي وقواه الحية للتآزر والتضامن، من أجل تجسيد هذا التحول التاريخي بمطالبة الدولة بإجراءات تعزز الثقة والمصداقية، وبإصلاحات سياسية عميقة تعيد بناء نظامنا الانتخابي والمؤسسي، وتعززه بآليات تحمي نزاهته وشفافيته وقدرته على إنتاج نخب قادرة على تمكين الدستور الجديد من خلق مغرب جديد. كما يدعو كل مناضلات ومناضلي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى اعتبار هذا المشروع بما يفتحه من أفاق ويَعِدُ به من تحولات، تحديا مطروحا على حزبنا لدعوته للقيام بدور حاسم ومركزي في إنجاح هذه التجربة، بنفس القدر الذي كان نضاله الدؤوب حاسما في تحقيق الإصلاح، وفي هذا الإطار فإن المجلس الوطني يعبر عن إرادته في الشروع فورا في التعبئة الشعبية من أجل الاستفتاء، وفي التعبئة النضالية من أجل تحضير مؤتمر الحزب وتحضير الاستحقاقات المقبلة. التصدير أصبح جزء لا يتجزأ من صلب الدستور ويتكون من 15 فقرة أبرزها : - إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. - المملكة المغربية دولة إسلامية، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية - الاسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الافريقية والأندلسية ،والعبرية، والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الاسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الانسانية جمعاء. - ...تؤكد تشبثها بحقوق الانسان، كما هي متعارف عليها عالميا. ... - حماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزئ - حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان. - جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة. وظل الفصل الأول نفسه : « نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية»، طيلة الخمسين سنة الماضية. وفي المشروع الجديد تم التنصيص على أن «نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية».و«يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس الفصل المرن للسلط، مع توازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة»... نحن مدعوون الى فتح نقاش عميق وحوار مجتمعي واسع حول مقومات ومضامين ومقتضيات هذا التعاقد السياسي، الاجتماعي الجديد، لأن المطلوب ليس تعبئة المواطنين للتصويت بنعم على الدستور، بل المطلوب هو توفير الفرصة لمختلف الفئات والشرائح والتيارات والمواطنين والمواطنات. أنور المرتجي، كاتب وآستاذ جامعي مشروع الدستور الحالي يرتقي الى سقف المطالب الوطنية الاستفاء الحالي يختلف عن الاستفتاءات السابقة التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، أولا من حيث السياق السياسي المتمثل في المنعطف الديمقراطي الكبير الذي اندمج فيه المغرب في طواعية، في عهد محمد السادس من خلال تدشين مرحلة الانتقال الى الديمقراطية، وطي صفحة الماضي الأليم عن طريق الإصلاح والمصالحة. كما أنه يتزامن مع الحراك الديمقراطي الذي تعرفه المنطقة المغاربية والعربية, فعلى الصعيد المحلي منذ انطلاق حركة 20 فبراير، التي تمت الاستجابة لمطالبها مبكرا من خلال خطاب 9 مارس، الذي اتسم بالبعد الاستباقي والاستشرافي في آن، يتميز هذا الاستفتاء كذلك من حيث منهجية العمل من خلال المشاركة الفعلية والحقيقية الواسعة لمختلف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي والتلقي الإيجابي لمقترحات الفعاليات الثقافية عبر وسائل الاتصال الجماهيري. كل هذا جعل من مشروع الدستور الحالي يرتقي الى سقف المطالب الوطنية وأن يكون خلاصة منقحة ومزيدة لجميع مطالب الحركة الحقوقية والسياسية لمدة تزيد عن أربعة عقود، كما أنه يراعي في أفق مستقبلي أشكال التحولات المجتمعية على المستوى الوطني والعالمي ودينامية الجهوية المغربية التي تعترف بمختلف مكوناتها في اتجاه يحترم التعدد والغنى الذي يزخر به مجتمعنا, كما أنه يكرس التوازن والفصل بين السلطات واستقلالية القضاء وتحديد مهام وظيفة المؤسسة الملكية يقول أنور المرتجي، أما على المستوى الكوني، فإنه يتعاطي في إطار علاقة حوارية خلاقة مع الاتفاقيات الدولية التي تضاف الى ترسانة الحقوق كما هو متعارف عليها عالميا, يبوؤنا موقعا متفردا في منتدى الديمقراطيات العالمية.