اختار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يكون المغرب العميق بآلامه وآماله أول محطة مركزية لانطلاق حملته الاستفتائية من أجل التصويت على الدستور التي تجري تحت شعار «نعم لبناء..ملكية برلمانية»، حيث كانت جماهير مدينة خميس الزمامرة مساء أول أمس الأربعاء على موعد مع تجمع جماهيري، أطره ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي في مقدمتهم الأخ إدريس لشكر وجمال أغماني ورشيدة بنمسعود، بالإضافة إلى لائحة من برلمانيي وقياديات وقياديي حزب القوات الشعبية على المستوى الوطني والمحلي. وطبع اللقاء الجماهيري تجاوب واضح بلغ 3 آلاف من سكان خميس الزمامرة وأولاد إسماعيل وأولاد فرج وسيدي بنور الذين غصت بهم جنبات ملعب أحمد شكري مع الكلمة التي ألقاها إدريس لشكر، والتي اعتبر فيها أن الدستور الجديد الذي سيستفتى الشعب بشأنه في فاتح يوليوز القادم سيكون «مدخلا تاريخيا لبناء ملكية برلمانية» تقوم على فصل السلط وتفعيل آليات المسؤولية والمحاسبة تجاه كل الفاعلين والمؤسسات الدستورية. وأوضح لشكر لسكان جهة دكالة عبدة أن مشروع الدستور الجديد تضمن «تنازلات جريئة» قام بها جلالة الملك بمحض إرادته وتجاوز سقفها حتى المطالب الحزبية وفي مقدمتها «إصراره على نزع أي طابع للقداسة على الملكية « ،مضيفا أن الملك أعطى «إشارات سياسية» واضحة لمن يهمه الأمر حينما قال «أنا لا أريد أن يقدسني أحد، أنا الملك محمد السادس المواطن المغربي». إلى ذلك اعتبر لشكر في تجمعه الخطابي أن المغرب كان في حاجة ماسة إلى إصلاح دستوره لسببين أساسيين، أولهما، ووضع دستور حداثي يقطع مع دستور نظم السلط لعقد ونصف من الزمن والذي كان له سياقه السياسي التوافقي، وثانيا، لأن العهد الجديد للملك محمد السادس يستحق أن يكون له دستوره الذي يؤسس ل»ملكية ثانية» تضع حدا فاصلا لزمن اللامحاسبة واختفاء بعض المسؤولين وراء الملك. اليوم -يضيف القيادي في القوات الشعبية- الشعب هو الذي بإمكانه أن يختار حكومته التي ستدبر شؤونه الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، موضحا أن «الملك لم يعد يختار بشكل تلقائي بل سيختار ما اختاره الشعب» وعلى هذا الأخير أن «يمارس حقه كاملا في هذا التفويض الذي منحه له مشروع الدستور الجديد». في سياق ذي صلة قدم لشكر قراءة مغايرة لمبررات الإصلاح الدستوري والتي كشف أنها لا تقتصر على الاستجابة فقط لمطالب المجتمع وقواه السياسية الحية في مقدمتها الاتحاد الاشتراكي، بل إن هذا الإصلاح يجد بعض مبرراته في كونه «رسالة سياسية خارجية للجيران» -في إشارة ضمنية للجزائر- خصوصا في ما يتعلق بدسترة الجهوية الموسعة التي ستمهد لحل سياسي ودستوري لقضية الصحراء المغربية، بالإضافة إلى توجه مشروع الدستور الجديد للإعلاء من قيمة الأمازيغية والتي ستجعل من المغرب إحدى الدول القلائل التي تعطي للتعددية الثقافية شرعية دستورية. ولم يترك عضو المكتب السياسي الفرصة تمر دون أن يضع الحراك الدستوري الذي يعيشه المغرب خلال هذه الفترة في سياقه التاريخي المغربي، هذا السياق الذي كان مطبوعا تارة بالتوافق وتارة بالصراع بين الدولة والقوى السياسية وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي، هذا الصراع -يضيف لشكر- لم يكن يصل إلى درجة «استئصال» أي طرف للآخر مما أبقى الباب مفتوحا لبناء ديمقراطي هادئ وتجنب ما يحدث الآن في تونس وليبيا مبرزا أن هاتين التجربتين وإن حققتا الثورة فإن نظامي بنعلي والقذافي تركا الأرض محروقة حيث لا وجود للمؤسسات السياسية الوسيطة القادرة على بناء الدولة، وتجاوز المرحلة الصعبة التي يعيشها هذان النظامان وغيرهما في طريقهما نحو التحول الديمقراطي. ودعا إدريس لشكر في ختام كلمته سكان عبد دكالة إلى جعل فاتح يوليوز وهو تاريخ الاستفتاء على الدستور الجديد ب»بنعم» ، «عيدا وطنيا» للاحتفال ب»الملكية البرلمانية» أو «الملكية الثانية». وتجدر الإشارة إلى ان هذا المهرجان الخطابي للقوات الشعبية بخميس الزمامرة عرف تدخل كل من الكاتب الإقليمي للحزب مسعود أبوزيد، والكاتب الجهوي نور الدين الشرقاوي وممثلة الكتابة الوطنية للقطاع النسائي حياة بركات، بالإضافة إلى الكاتب الإقليمي للشبيبة الاتحادية مصطفى القادري.