إن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد في دورته ليوم السبت 18 يونيو 2011، بعد إطلاعه على مشروع الدستور الجديد واستماعه إلى تقرير المكتب السياسي، وهو يعبر عن إرادته في المساهمة بشكل فعال في تعبئة الشعب المغربي من أجل إنجاز تحول تاريخي في حياتنا السياسية يجعل جميع المواطنين يتملكون قيم الحرية والديمقراطية والحداثة التي تشكل جوهر الإصلاح الذي يحمله مشروع الدستور الجديد، فإنه يسجل باعتزاز ما تضمنه المشروع من مقتضيات واضحة وجريئة تضع بلادنا على طريق بناء ملكية برلمانية تعيد الاعتبار للمسؤولية السياسية، ولقيم المواطنة، ولترسيخ دولة المؤسسات وقيم الديمقراطية والحداثة في بلادنا. وينوه المجلس الوطني في هذا الإطار، بدسترة الاختيار الديمقراطي ووضعه ضمن ثوابت الأمة، التي لا يمكن المس بها أو مراجعتها. كما ينوه على الخصوص 1) بالمكانة الأساسية التي أصبحت للحريات والحقوق والمساواة في مشروع الدستور، بوصفها مكونا أساسيا من مكونات الحياة الديمقراطية، وخصوصا في ما يتعلق بالنساء والشباب. 2) بسمو الدستور وسمو الاتفاقيات الدولية فور نشرها على التشريعات الوطنية، وبجعل السيادة للأمة تمارسها بواسطة الاستفتاء، أو عبر ممثليها. 3 ) بتوضيح وترسيخ الطابع التعددي للهوية المغربية، و ترسيم الأمازيغية والتنصيص على احترام الحقوق اللغوية والثقافية لمجموع الشعب المغربي حفاظا على وحدة كيانه وتنوعه الخلاق.. 4) بجعل السلطة التنفيذية أساسا بين أيدي الحكومة المسؤولة أمام مجلس النواب، وبجعل رئيس الحكومة رئيسا فعليا لهذه السلطة التنفيذية، سواء في ما يخص تحديد وتدبير السياسات العمومية أو في ما يتعلق بالتسمية في المناصب العليا المؤطرة والمنفذة لهذه السياسات. 5) بتوسيع اختصاصات مجلس النواب في مجالات التشريع والمراقبة والمساءلة وتقييم السياسات العمومية، و إصدار العفو العام، الشامل وضمان حقوق المعارضة وإعطاء الأولوية في التشريع لمجلس النواب، ومراجعة تركيبة ودور مجلس المستشارين. 6) بجعل القضاء سلطة مستقلة، وتمكينه من شروط تحقيق وتعزيز سلطاته المستقلة 7) بالتنصيص على دور الأحزاب، وحقها في ممارسة السلطة، و حظر الترحال، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، بدسترة دور المجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية وإشراك المواطنين في الشأن المحلي و في التشريع. إن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و هو يعتبر بأن كل وثيقة دستورية، مهما كانت توجهاتها، لا يمكن أن تكون كاملة و نهائية، و أنها مدعوة للتفاعل مع تحولات المجتمع و تطلعاته، فإنه يؤكد أهمية التحول الذي يفتحه هذا المشروع في حياتنا السياسية، و في مسار بنائنا الدمقراطي، كما يعتبره انتصارًا لِقيم الديمقراطية و الحداثة، ويوجه نداء إلى الشعب المغربي للانخراط بروح وطنية صادقة لجعل هذا التحول التاريخي حقيقة ملموسة، و توجهًا لا رجعة فيه بما يضمن لبلادنا الحفاظ على وحدتها الترابية ، وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية فعالة، وما يعزز استقرار بلادنا وأمنها وتماسكها، ويحفظ للمغرب مكانته الجهوية و الدولية. إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نسجل باعتزاز استجابة المشروع في جزء كبير منه، لمطلب أساسي ارتبط بنضالنا الديمقراطي منذ تأسيس الحزب، وفي كل مؤتمراته ومذكراته المطلبية المنفردة أو المشتركة، ونضالاته الحقوقية، كان من أبرز محطاتها، مؤتمرنا الثالث سنة 1978 و مؤتمرنا الثامن سنة 2008 و المذكرة التي رفعها الحزب إلى جلالة الملك سنة 2009، وهو مطلب إقامة ملكية برلمانية تكون فيها الحكومة المسؤولة المباشرة عن السلطة التنفيذية، و يكون فيها مجلس النواب المجال الوحيد للتشريع و المراقبة. وإذا كان مشروع الدستور المعروض اليوم على الاستفتاء يضع القواعد الأساسية لتحقيق هذا المطلب، فان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يرى في ذلك ثمرة نضالات طويلة، ساهمت فيها الحركة السياسية والنقابية والجمعوية في جبهات متعددة، وقدمت بشأنها تضحيات كبيرة، وجسدت إرادة الشعب المغربي في حياة كريمة حرة، إنها نضالات متصلة الحلقات ساهمت فيها أجيال متلاحقة من الديمقراطيين كان شباب 20 فبراير تعبيرًا حيويا من تعبيراتها. لذلك فإن المجلس الوطني وهو يعتز بما حققه هذا النضال المتواصل يدعو كل المواطنين المغاربة إلى التعبئة دفاعا عما حققناه بنضالنا من مكاسب، و تدعيما للإرادة الملكية في إصلاح عميق و شامل، كما عبر عنه بوضوح و شجاعة خِطابَا 9 مارس و 17 يونيو 2011 . وفي هذا الإطار، فإن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتوجه بنداء إلى جميع المواطنات والمواطنين للتصويت بنعم على مشروع الدستور الجديد - من أجل فتح صفحة جديدة في حياتنا السياسية و إعادة هيكلة الدولة و المجتمع - من أجل بناء الملكية البرلمانية. - من أجل تمكين الشعب المغربي من امتلاك إرادته و مصيره - من أجل فتح أبواب الأمل أمام شباب المغرب و بناء مواطنة المستقبل. ووعيا منه بدقة هذه المرحلة، فإن المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدعو كل الشعب المغربي و قواه الحية للتآزر والتضامن، من أجل تجسيد هذا التحول التاريخي بمطالبة الدولة بإجراءات تعزز الثقة والمصداقية، وبإصلاحات سياسية عميقة تعيد بناء نظامنا الانتخابي والمؤسسي وتعززه بآليات تحمي نزاهته وشفافيته و قدرته على إنتاج نخب قادرة على تمكين الدستور الجديد من خلق مغرب جديد. كما يدعو كل مناضلات و مناضلي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى اعتبار هذا المشروع بما يفتحه من افاق و يَعِدُ به من تحولات، تحديا مطروحا على حزبنا لدعوته للقيام بدور حاسم و مركزي في إنجاح هذه التجربة، بنفس القدر الذي كان نضاله الدؤوب حاسما في تحقيق الإصلاح، وفي هذا الإطار فان المجلس الوطني يعبر عن إرادته في الشروع فورا في التعبئة الشعبية من أجل الاستفتاء، وفي التعبئة النضالية من أجل تحضير مؤتمر الحزب وتحضير الاستحقاقات المقبلة.