فوجئ أحد المستغلين الغابويين بخنيفرة بمكالمة هاتفية من أحد الدركيين، طالبا منه الحضور لدى الضابطة القضائية للدرك، على أساس توصل هذه المصلحة بشكاية من مسؤول بالبحرية الملكية يتهم فيها المستغل الغابوي باقتحام أرضه بالموقع المسمى "تعريشت" ضواحي كروشن، وقطع أشجارها، وفور مهاتفة المستغل الغابوي لم يفت هذا الأخير استفسار الدركي، صاحب المكالمة، ما إذا كان الاستدعاء تأتى بناء على تعليمات من جناب وكيل الملك, أم أنها مجرد وسيلة لتلبية رغبة مسؤول البحرية الذي يعرفه الخاص والعام بسلوكياته المزاجية التي تعد بعدد ضيعاته الفلاحية. ولعل حالة الاستنفار التي عاشها الدرك هذا اليوم، وهو يوم عطلة، أي الأحد، 12 يونيو 2011، كان طبيعيا أن تضع أكثر من علامة استفهام، مع العلم أن المستغل الغابوي يقطن بالمدار الحضري الذي يدخل في تراب الأمن الوطني، علاوة على أن الموضوع لا يكتسي طابع الاستعجال بتلك الطريقة الساخنة، والمثير أكثر للغرابة أنه بمجرد إنهاء المكالمة الهاتفية أسرع الدركي إلى طرق باب شقة المستغل ليضع بها ورقة الاستدعاء بصورة لا يتصور المرء حدوثها إلا في الحالات الاستثنائية النادرة. ويقول المستغل (ع.أ) إنه غير معني بالمشكل الذي يكون موضوع نزاع بين مسؤول البحرية الملكية والمالك الأصلي للأرض التي يدعي المسؤول تعرضها للاقتحام، وبالتالي إن مالك الأرض يتوفر على ما يثبت ملكيته للعقار، وأنه قام بجميع الإجراءات القانونية المتعلقة بقطع واستغلال الغابة المدنية الخاصة، وكذا بتطبيق كل ما يلزم من المساطر لدى السلطات المحلية التي تدخل الغابة المعنية في نفوذها الترابي، حيث قامت قيادة المنطقة بإشهار الموضوع للعموم قصد تسجيل ما إذا كان هناك من تعرضات محتملة، والتي لم تحدث إطلاقا، بينما قامت مصالح المياه والغابات بدورها بما يستدعيه الأمر من تدابير وإجراءات، وسلمت بموجبها رخصة الاستغلال (141 /2011) التي بمقتضاها تمت مباشرة العمل بمضمونها في ظروف طبيعية. وفي سياق حالة الاستنفار التي حركت مصالح الدرك، لم تخل فصول القضية من لقطات مثيرة، والبداية من ترصد مالك الأرض (س.س) إلى حين تم القبض عليه بهامش المدينة المسمى "تيزي الميزان"، واقتياده لمخفر الدرك, حيث تم إخضاعه للاحتجاز والاستنطاق لمدة تجاوزت ست ساعات، ومن البديهي أن يكبر استغراب المتتبعين وتخوفهم من أن يكون وراء الأمر ما يرضي المسؤول بالبحرية الملكية، وبالطرق التي تدخل في خانة التعليمات والتدخلات واستعمال "كارط بلانش" التي اعتقد الجميع أنها ولت مع العهد القديم وزمن الشطط في استعمال النفوذ والسلطة، سيما أن السرعة الفائقة التي تم بها تفعيل شكاية مسؤول البحرية، والاتصال العاجل بمصالح المياه والغابات في الموضوع، يدفع إلى الكثير من التساؤلات والتعاليق، أي في وجود عدة قضايا مماثلة تراوح مكانها منذ أشهر طويلة. ومعلوم أن المسؤول بالبحرية الملكية، صاحب الشكاية المفتعلة، سبق أن تمت مساءلته ومعاقبته على خلفية بعض السلوكيات، وليس آخرها تسببه في إشعال فتيل أحداث دامية سبق أن عاشتها إحدى المواقع الغابوية، والتي ارتقت من المشاداة إلى استعمال الأسلحة النارية، وأثناء عملية الاعتقال التي أعقبت هذه الأحداث, عرف صاحبنا كيف يبقى بمنآي عن المساءلة والعقاب، وبعدها تقدم برلماني من أجلموس، إقليمخنيفرة، بشكاية لدى المحكمة العسكرية بالرباط يتهم فيها مسؤول البحرية الملكية بمحاولة قتله، بالقول إن المتهم اقتحم عليه غرفته متخفيا في جلباب ومغطيا رأسه، وحاول إيذائه لولا طلب أسرة المشتكي للنجدة، وتضيف الشكاية أن المتهم زاد فاعتدى على أفراد من عائلة البرلماني واحتجازهم على سطح المنزل بسبب مسائل تتعلق بالإرث، وبينما تمت معاقبة البعض من المعتدى عليهم، عرف صاحبنا المسؤول كعادته كيف يستل شعرته من عجين الورطة، ولا تزال شكاية البرلماني رهن "الاعتقال" على رفوف مديرية العدل العسكرية.