لقد سبق لي أن تساءلت عن الأجندة التي تتقاسم سقف المطالب مع حركة 20 فبراير؛كما أوضحت حسب فهمي المتواضع ،أن الخلايا التخريبية الكامنة داخل أجندة اليسار وأجندة الإسلاميين ستجعل من الحركة فرصتها الثمينة لتلغيم الزخم الشبيبي الذي هب واستيقظ ،بكل براءة،ليحمل مشعل التغيير الذي طال انتظاره.لقد كان من الواضح أن الأمور ستسير غير المسار الذي توهمه البعض لا سيما وأن أصحاب الرؤى الخرافية من المسلمين المتطرفين هم ،منذ أن نصبوا أنفسهم على رأس الإسلام التابع وليس الإسلام النابع من السنة والقرآن والحديث،ضد استقرار المغرب وضد الديمقراطية وضد كرامة الإنسان وضد الحرية نفسها ،لأنهم مريدون وتابعون ،وليست لهم أية حرية إلا ما أوصى به شيخهم ،وحتى شيخهم ليست له حرية إلا ما أوصى به شيخه وهكذا دواليك.إذا أضفنا إلى هذه الشرذمة من المتطفلين على المجتمع،أصحاب النزعة العدمية الذين لم ينزعوا عنهم بعد ،تلك الأوهام الثورية حتى يضعوا أنفسهم في المكان المناسب بجانب القوى التقدمية الديمقراطية، لبناء المجتمع الذي يرغبون فيه ،نكون أمام تناقض فظيع أريد له أن يتكرر في بلادنا ونحن على مشارف الانتقال التاريخي الذي فجرته حركة 20 فبراير . في هذا المقال أريد أن أطرح ملاحظتين أساسيتين حول ما جرى وسيجري،حتى تستوعب القوى الديمقراطية الظرفية التاريخية، وتتصدى لأعداء الوطن بالفضح ،والانتقاد ،وتقدم للجماهير الشعبية كل التوضيحات حتى تكون على بينة مما يجري أمام أعينها.إن الخطير في الأمر،هو كون الأطراف التي تتحسر كلما رأت المغرب يخطو خطوة إلى الأمام من أجل بتاء المستقبل ،نراها تساهم بكل ما لديها من دهاء وخبث ،في تحويل مجريات حركة 20 فبراير من منهجية إيجابية ترمي إلى بناء مغرب ديمقراطي تقدمي ،إلى مغرب فوضوي تنعدم فيه الحريات وكل أساليب التمدن والحداثة. الملاحظة الأولى هي انخراط النزعة العدمية والقوى الظلامية في خندق واحد ضد البناء الديمقراطي؛وأنا استغرب لهذا التحالف البائس الذي إن دل على شيء فإنما يدل ،على قصر النظر لدى الرفاق الذين يرون في عدو عدوهم صديقهم.هل هذا التحالف يرمي إلى بناء دولة الغد؟دولة يسيرها مسلمون متطرفون وعدميون،كما حدث بالفعل بإيران, حيث انقض الخميني على اليسار الإيراني ،بمجرد ما تمكن من الثورة،وسحقه سحقاً.ماذا ينتظر الرفاق من التطرف ؟لكن في الحقيقة أبدى المتطرفون ذكاءً خارقاً عندما استخفوا برفاقنا الأعزاء الذين نرغب بكل صدق أن ينضموا إلى الصف الديمقراطي, حيث سيجدون مكانهم الطبيعي بكل تأكيد. الملاحظة الثانية تتعلق بمحاولة تغيير مكان التعبير والاحتجاج إلى الأحياء الشعبية،وكأن الجماهير الشعبية لا تتابع الأحداث بكل تفاصيلها.أريد فقط أن أنبه الإسلاميين المتطرفين،أن الجماهير الشعبية جماهير مسلمة إلى النخاع ولن تكون متطرفة ضد دولتها التي حافظت عليها أجيالاً وأجيال، أبداً؛ويكفي الرجوع إلى التاريخ لنتيقن كل اليقين بتشبث الشعب قاطبة بدولته، رغم كل شيء،لهذا لا فائدة لكم من جر الويلات عليكم من طرف هذه الجماهير. أما بالنسبة للرفاق فأذكرهم بأن لهذه الجماهير الشعبية تاريخ طويل مع الحزب الشيوعي الذي تأسس سنة 1930 بالمغرب .لقد اختبر هذا الحزب،عن قرب،كل الشرائح المجتمعية لهذه الجماهير،وتأكد بالملموس، تشبثها بمبادئها وأعرافها وتقاليدها ، وأن ليس لها غير الإسلام ديناً؛ورغم أن الجماهير العمالية دعمت المنظمة النقابية س.ج.ط رغم تحذير حزب الاستقلال آنذاك، فإنها لم تتأثر بالإيديولوجية الشيوعية، لأنها تتناقض مع مكونات هذا المجتمع. * عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل سابقاً * عضو اللجنة الإدارية للاتحاد الاشتراكي سابقاً * معتقل أحداث 20 جوان 1981 ( الإضراب العام )