يقدم الحراس في أزقتنا وشوارعنا خدمة ذات قيمة بسهرهم على سيارات المواطنين ودراجاتهم النارية، بل وكذلك منازلهم في حالة تعرضها للسرقة أو لإضرام النار، بل منهم من يساعد على أعباء أخرى تتعلق بالبيت كقنينة الغاز أو ما جاورها، ومع ذلك، مازال عملهم متروكاً بدون تقنين وتحديد الحقوق والواجبات وعلى رأسها الحماية. وإذ نقول الحماية، فلأن كثيراً منهم يتعرضون للاعتداءات باستمرار من طرف العصابات الإجرامية، كما هو الحال في قضية اليوم التي كان حي القيسارية بمدينة برشيد مسرحا لها. ذلك أن الحارس الليلي الساهر على حماية المحلات التجارية المتواجدة بأحد أزقة الحي تعرض لاعتداء شنيع من طرف شخصين بعد أن تمكن من الحلول دون قيامهما بالسرقة من أحد الدكاكين التي كانا يحاولان فتحه. وأمام قدوم بعض المواطنين الذين كانوا مارين من القرب بعين المكان عاينوا اللصين وهما يلوذان بالفرار، ليكتشفا الحارس ملقى على الأرض والدماء تسيل منه، فأسرع أحدهم لإخبار مركز المداومة لتحضر في الحين دورية الأمن وفرقة الوقاية المدنية، ليتم حمل الحارس الضحية على وجه السرعة نحو قسم المستعجلات بمستشفى برشيد لتلقي الإسعافات الأولية. في نفس الوقت، وبعد أخذ بعض المعلومات من الحارس حول أسماء وأوصاف المعتديين عليه، قامت دورية الأمن بجولة في المدينة، لتتمكن من إلقاء القبض على الأول، فيما حررت مذكرة بحث في حق الثاني، وكلاهما معروفان لدى الضابطة القضائية لسوابقهما. الفرقة المكلفة بالبحث في هذه القضية استمعت الى الضحية، بعد أن تم نقله الى المستشفى الاقليمي بمدينة سطات لخطورة الإصابة في الرأس والطعنات في اليدين اللتين كان الحارس يستعملهما لحماية وجهه وصدره من الطعنات التي كان يوجهها له المعتدي الأول، والتي سلمه الطبيب الحكومي المعالج شهادة طبية تؤكد استحقاقه للراحة ستين (60) يوماً، وهي الشهادة التي بنى عليها ممثل النيابة العامة ملتمسه الرامي لإدانة المتهم. محضر الاستماع للملقى القبض عليه في حالة تلبس، ومحضر التفتيش الوقائي، لم يُشَرْ فيه إلى حجز السكين المستعملة في الاعتداء، لكن في الأخير، وحسب محرر المحضر، فإن الجاني قاده الى المكان الذي رمى به السكين بعد هروبه وشريكه. السكين، حسب مضمون المحضر، كان المعتدي قد سرقها من أحد الجزارين نفس اليوم، وقد صادف أن تقدم الجزار بشكاية وتمت مواجهته مع السارق فتعرف عليه، مضيفاً أنه كان مع شاب آخر. عند تقديم الملقى القبض عليه أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بسطات واطلاعه على المحاضر، قرر متابعته بمحاولة القتل العمد وإحالته على قاضي التحقيق الذي بعد إجراء تحقيق في القضية، انتهى فيها إلى تقرير نفس المتابعة، لكن هيئة غرفة الجنايات الابتدائية بعدما ناقشت القضية خلال جلستها العلنية المنعقدة يوم الخميس، ارتأت خلاف ذلك، وقررت طبقاً لسلطتها إعادة تكييف الأفعال إلى مقتضيات الفصل 401 من القانون الجنائي الذي تتراوح العقوبة في فقرته الثانية من عامين الى خمس سنوات، وحكمت عليه بثلاث سنوات.