قد نضطر أحيانا لإعادة طرح السؤال، فقط من أجل تحيين الأجوبة. وقد تختلف الأجوبة من حين لآخر لعد اعتبارات يكون عنوانها الكبير الموحد: مصلحة الوطن، لكن مع الأسف الكثير منا يريد وطنا على مقاسه، يبدو أن البعض من الكثير كان يعيش فترة نقاهة ينتظر من يحرك مزاجه للحديث عن المغرب الذي يريده. في تقديري طبيعة العلاقة بين المواطن البسيط، الفاعل السياسي والمثقف... هي المحدد الرئيسي لدستور المغرب الذي نريده جميعا، ولكي نجيب عن العلاقة بين كل مكونات المجتمع يجب على كل ذات أن تحدد تواجدها في الإجابة عن سؤالين، من تكون؟ وماذا تريد ؟ علينا أن نعي جيدا أن المرحلة الآن تقتضي أن نحسن تدبيرها، وذلك من خلال البحث عن ذواتنا داخل منظومة تؤطرها الشرعية التاريخية أو الديمقراطية، لكي لا نضيع على أنفسنا وعلى هذا البلد فرصة تتميز في حدها الأدنى بالجرأة والوضوح وإعادة الاعتبار لكل المفاهيم. أعتقد أن البداية الحقيقية للمرحلة القادمة ستكون بالاستفتاء على الدستور، سيقرر فيها الشعب مصيره بيده، لذلك يعتبر حقا مشروعا وبديهيا مهما اختلفت القراءات. لكن مما لاشك فيه، أن ما بعد الاستفتاء سيكون الشعب المغربي أمام امتحان عسير يتمثل في الاختيار المناسب. معنى ذلك أن صناديق الاقتراع سيصنعها المغاربة بقراراتهم عن طريق التعبير بأصواتهم عمن يريدونه أن يمثلهم، لذا أرى أن التعاقد بين الناخب والمنتخب سيؤسس على مبدأ واحد تحدد معالمه تلك المشاريع والبرامج المقترحة، الشئ الذي يتطلب منا أن نفتح نقاشا عميقا حول المدة الفاصلة بين الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية. إن الضامن الفعلي لنجاح الوثيقة الدستورية هو مشاركة قوية للمغاربة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لذا فنجاعة الدستور الجديد هي التي ستخرج الناخبين من بيوتهم من أجل اختيار الاحزاب التي ستمثلهم ، ومن الطبيعي أن تكون مسؤولة أمامهم غدا. إن الرهان المطروح على الأحزاب بعد الاستفتاء على الدستور هو الخروج من مرحلة تميزت بالقلق والتوتر، لما فرضته الوثيقة من نقاشات، إلى مرحلة التحضير للانتخابات التشريعية لترتيب البيت الداخلي وتأثيث المشهد السياسي ، هذا كله يتطلب حيزا زمنيا لا يمكن تجاهله بأي شكل ومهما كانت الظروف. إن المرحلة الانتقالية التي يعيشها المغرب تعرف نوعا من التميز انطلقت ليس بالأمس القريب، ساهمت فيها مجموعة من التراكمات والحمولات الفكرية وطبعتها نقاشات سياسية وحركتها إرادة قوية ورغبة أكيدة تنظر إلى المستقبل بنوع من الأمل والتفاؤل. إن صناعة الفعل لا يمكن أن تؤسسها إلا الجرأة والقدرة على الابتكار والاقتراح، لكن عندما يتعلق الأمر بمصلحة الوطن وفرصة طالما انتظرها المغاربة، لا يمكن إلا أن نتريث من أجل إعطاء كل مرحلة ما تستحق من الوقت لكي لانكرر نفس الأخطاء التي أجهضت عدة مكتسبات وأرجعت المغرب والمغاربة لإعادة طرح الأسئلة من جديد من أجل تحيين الأجوبة...