استضافت مدينة الرباط الاثنين والثلاثاء الماضيين، فعاليات «الملتقى الاقتصادي وتعاون الكفاءات المغربية المقيمة بكندا»، الذي نظمته الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج بتنسيق مع سفارة المغرب بأوطاوا وبتعاون مع شبكة الكفاءات المغربية بكندا تحت شعار «الكفاءات المغربية الكندية: من أجل شراكة جديدة عبر الأطلسي». وعلى هامش فعاليات هذا الملتقى، الذي شارك فيه 200 شخص، ضمنهم 80 من الكفاءات المغربية بكندا ونظراؤهم بالمغرب، وقارب على مدى يومين من خلال تنظيم موائد مستديرة ، قضايا ذات الارتباط بمجالات الفلاحة والصناعة الغذائية، والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، والبيئة والمناخ والطاقة والتنمية المستدامة، والصناعة والمقاولات كان لنا اللقاء التالي مع محمد عامر، الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج تحدث فيه عن عدد من القضايا تهم مغاربة العالم. لقد جعلتم من تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارتكم. كيف يمكنكم تفسير اهتمام الفاعلين العموميين بهذه الكفاءات وما هو الدور المنوط بهم لتفعيل هذه التعبئة؟ يعتبر برنامج تعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج أحد البرامج الرئيسية التي أطلقتها الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج. وذلك إثر دراسة أنجزت سنة 2009 حول مدى مساهمة مغاربة العالم في تنمية بلدهم المغرب، والتي شكلت بالفعل الإطار العام لهذا البرنامج الذي يرتكز أساسا على جذب كفاءات مواطنينا بالخارج الذين يملكون الخبرة، التجربة والدراية والراغبين في توظيفها لتعزيز تنمية وطنهم الأم، إما بصفة دائمة أو مؤقتة. إن الاهتمام الذي أوليناه لهذا البرنامج جاء نتيجة لتوفر السياق الملائم، حيث أن أعداد المغاربة المقيمين بالخارج من ذوي المؤهلات العليا، الراغبين في المساهمة في تنمية بلدهم الأصلي، تتزايد يوما عن يوم موازاة مع الدينامية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس مع مخطط "إقلاع" وباقي المخططات القطاعية الكبرى التي بادر إليها المغرب مما يتطلب تظافر كافة الجهود وتآزر جميع الكفاءات المغربية لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي. وبذلك أسسنا أهداف هذا البرنامج عبر خطوات عدة: أولها، تهيئ إطار لهذه الكفاءات بغرض تعريفهم بالفرص المتاحة وبمدى الحاجة إلى كفاءاتهم، ومن ثمة إتاحة الفرصة لهم لعقد شراكات مع الفاعلين العموميين والخواص المغاربة قبل الشروع في تسجيل تلك الشراكات ضمن إطار التعاون الثنائي مع دول الاستقبال. كيف ومتى عمدتم إلى تطبيق استراتيجيتكم؟ تتمركز مقاربتنا لتفعيل هذا الهدف حول أربعة محاور رئيسية تشمل أولا التعريف وتحديد الطلب الوطني في ما يتعلق بميادين البحوث، التدريب، الخبرة وحتى الاستثمارات، وذلك لمواكبة جميع المخططات القطاعية. ومن ثمة يبدأ العمل على تشكيل وإنشاء شبكات موضوعاتية أو جغرافية ثم الانخراط في المشاريع المحددة في إطار شراكة ثلاثية بين المغرب، تضم بلد الاستقبال والكفاءات المغربية وأخيرا تعبئة كافة الإمكانيات البشرية والمادية لترجمة هذه المشاريع على أرض الواقع. وتجدر الإشارة إلى أنه قد بدأ العمل بهذه المقاربة مباشرة بعد نهاية الدراسة التي سبق ذكرها عبر إنشاء شبكات جغرافية بكل من ألمانيا، بلجيكاوكندا والشبكة الرابعة هي في طريق الإنشاء بفرنسا. وتتألف هاته الشبكات من مغاربة ذكورا وإناثا من أصل مغربي مقيمين أو مزدادين بأحد بلدان الاستقبال، ينشطون بمختلف الفروع المهنية كتكنولوجيا الإعلام والتواصل، صناعة السيارات، البحث، التدريس، المهن الحرة إلى غير ذلك. إن الهدف من إنشاء هاته الشبكات هو حشد الجهود والطاقات من أجل تنمية مستدامة بالمغرب ودعم اندماج المواطنين المغاربة بدول الاستقبال. كما يجب التنويه بكون هذه الشبكات تعمل بتعاون وتنسيق حثيثين مع المؤسسات الخاصة ببلدان الاستقبال المشاركة في برامج دعم التنمية. إن سعينا إلى جذب كافة القوى الوطنية لتحقيق التنمية بالمغرب، بما في ذلك الكفاءات المغربية بالخارج، لا يتوجب فهمه فقط على أنه وسيلة لدحض هجرة الأدمغة نحو بلدان الاستقبال أو لاستنزاف كفاءات المغاربة المقيمين بها. بل إنها قبل كل شيء وسيلة لتمتين الشراكة بين المغرب وتلك البلدان مرورا عبر مغاربة العالم كجسر للتواصل و كتراث مشترك. ماهي الطرق والمقاربات التي أتت بها الكفاءات المغربية بالخارج؟ وكيف تنظم هذه الشبكات نفسها بدول الاستقبال وبالمغرب؟ إلى جانب توسيع وتكثيف التعاون بين المغرب ودول الاستقبال، قامت هذه الشبكات بإنشاء إطار تشاوري بهدف بلورة وتفعيل استراتيجيات محددة. ومن هذا المنظور، تعمل هذه الشبكات على تقسيم أنشطتها ضمن مجموعات عمل تعنى كل منها بموضوع محوري كالطاقات المتجددة، البيئة، الطب، البحث والتعليم العالي، وكذلك ميادين الشباب والجوانب الاجتماعية والثقافية المتعلقة بهم. ومنذ إنشائها، قامت هذه الشبكات بعدة أنشطة سواء بالمغرب أو بدول الاستقبال. منذ إحداثها، قامت هذه الشبكات بعدة أنشطة بالمغرب، وقد تجسد هذا التعاون بالفعل عبر تنظيم حلقات تدريبية، منتديات، حصص تكوينية، عروض أو زيارات للتبادل الثقافي أو منح وسائل العمل في ميادين التعليم، الصحة والتكنولوجيات الحديثة... أما بدول الاستقبال، فتعمل هذه الشبكات على تقديم الاستشارة والتوجيه لفائدة المهاجرين المغاربة بعين المكان، سواء في المجال الاجتماعي أو القانوني أو الاقتصادي، كما تشرف على عمليات الدعم المدرسي للتلاميذ بوضعية صعبة وتسهر على تنظيم أنشطة ثقافية لفائدة الشباب. علاوة على الشبكات الجغرافية المذكورة، يتم حاليا خلق شبكات موضوعاتية، والمتعلقة بشبكة الأطباء، المهندسين، المحامين، الخبراء بالتنمية المستدامة، الصحفيين والمنتخبين من أصل مغربي إلى غير ذلك. وقد تم تأسيس هذه الشبكات بمبادرات من المهنيين المغاربة المقيمين بالخارج والمتخصصين بالميادين المعنية، بغية تحقيق ثلاثة أهداف تتجلى في تقديم خدماتهم لفائدة المواطنين المغاربة المقيمين معهم بنفس بلد الاستقبال، تبادل المعلومات والتجارب ما بين المهنيين بمختلف بلدان الاستقبال وإقامة شراكات مع نظرائهم بالمغرب في ميادين البحث، التدريب، المساعدة التقنية وتقديم الخبرة. علاوة على ذلك، يشارك أعضاء هذه الشبكات (الجغرافية والموضوعاتية) باستمرار في التظاهرات المنظمة بالمغرب. وفي هذا الإطار، تمت دعوة ما يقارب 60 من الكفاءات المغربية أتت من 10 دول استقبال من إفريقيا من أوربا وأمريكا للمشاركة في النقاش حول ميثاق البيئة في مارس 2010. كما تمت استضافة 500 شاب وشابة من 60 بلدا للمشاركة في ملتقى "شباب مغاربة العالم" بإفران خلال شهر يوليوز 2010، بمناقشة مواضيع هامة كالمقاولة والإبداع والمشاركة السياسية. وقد تميز هذا اللقاء بإنشاء مجموعات للنقاش أمام المشاركين لمواصلة التشاور وفتح المجال أمامهم للتعارف وتبادل الخبرات في ما بينهم. من أجل رصد وتقييم هذه الأنشطة، عملتم على خلق فضاء إلكتروني خاص للتنسيق والتعريف بالأنشطة التي تضطلع بها هذه الشبكات، ماذا هي انتظاراتكم في ما يخص هذا الموقع؟ بالفعل، فبالموازاة مع تنفيذ هذه المقاربة التعبوية، نعمل حاليا على التقويم الشامل للبوابة الالكترونية (FINCOME) (المنتدى العالمي للكفاءات المغربية في الخارج). وعند اكتمال تجديد هذا الموقع في نهاية شتنبر 2011، ستتوفر مجموعة من الشبكات الفاعلة على آلية مشتركة خاصة ستمكنها من الولوج إلى بنك للمعلومات متعلق بخطط التنمية القطاعية بالمغرب، فرص العمل، الإجراءات والمبادرات المرتبطة بفرص الاستثمار، وكذا برنامج تعبئة الكفاءات الذي أحدثته الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج بشراكة مع مختلف الفاعلين الوطنيين وبلدان الاستقبال وشبكات الكفاءات. كما سيمكن هذا الموقع أيضا من تيسير الولوج إلى الدليل التطبيقي والدليل الموضوعاتي والجغرافي الذي بلورته الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج بمعية شركائها. بعد أول اجتماع لها في مونتريال العام الماضي، اجتمعت الكفاءات المغربية الكندية يومي 23 و 24 ماي في الرباط. ما هو إذن جدول الأعمال؟ في نونبر 2010، في مونتريال، شهدنا انطلاقة ورش التعاون المشترك بين الوزارة وسفارة المغرب في أوتاوا و شبكة الكفاءات المغربية في كندا، حيث اجتمع حوالي 200 مشارك و مشاركة أتوا من هذا البلد وينتمون إلى مختلف القطاعات المهنية. وقد كان من أولويات جدول الأعمال تعارف هذه الكفاءات في ما بينها، إضافة إلى إدراج مساهمتهم في أوراش التنمية في المغرب. كما مكن هذا اللقاء من بحث فرص الاستثمار والتعاون التي يتيحها المغرب في مختلف القطاعات ، خصوصا في مجال الصناعة والمقاولات، الفلاحة والزراعة الغذائية، التعليم العالي والبحث العلمي وكذا البيئة والتنمية المستدامة. وفي ختام هذا اللقاء ضربنا موعدا بالرباط لتقديم مشاريع جاهزة لترجمتها على أرض الواقع، وذلك في أقرب الآجال. وقد تم تخصيص هذا الملتقى لتقديم خمسين مشروعا، مقدما من لدن مغاربة مقيمين بكندا، هذه المشاريع في مجملها مدعمة من طرف مؤسسات عمومية وخاصة كندية. كما سيقوم الجانب المغربي، الممثل بشكل كبير من قبل القطاعات الحكومية والسلطات المحلية ووكالات التنمية والمؤسسات العامة، والمعاهد والأبناك والجمعيات المهنية وغيرهم من المتدخلين، بالانضمام إلى هذه الشراكة ونأمل أن يكون ذلك مثمرا. ما هي الاستعدادات الكبرى التي بدأتها وزارتكم ونحن على أبواب الفترة الصيفية التي تعرف تدفقا كبيرا للمهاجرين المغاربة؟ دعني أبدأ أولا بالمحور التربوي والثقافي والذي يتعلق بمسألة الهوية المغربية في أبعادها اللغوية والدينية والثقافية لدى مغاربة العالم، بما في ذلك الجيل الجديد. ويتعلق الأمر بشكل أساسي في إنشاء المراكز الثقافية في الخارج ، وذلك في كل من بروكسيل وأمستردام وبرشلونة، ومونت لا جولي، وتونس، ومونتريال. هذه المشاريع هي في مراحل متقدمة من التنفيذ وسوف تعقبها مشاريع أخرى. كما أود أن أذكر أيضا تنظيم الجامعات الصيفية لفائدة شباب مغاربة العالم كل صيف، وكذا تنظيم رحلات إلى المغرب ومقامات ثقافية لفائدة الشباب المغاربة المقيمين بالخارج و زملائهم من البلدان المضيفة، بالإضافة إلى تطوير شراكات على المستوى الثقافي مع البلديات والمجالس الإقليمية لبلدان الإقامة وغيرها من الأنشطة ذات الطابع الثقافي. من الناحية الاجتماعية، تم إقرار تخفيض في الرسوم المخصصة لتعشير السيارات الخاصة بالمهاجرين المتقاعدين. وقد استفاد من هذه العملية لحد اليوم ما يقارب 35000 مهاجر متقاعد. كما اتخذنا قرارا بتحمل تكلفة نقل جثامين الموتى المغاربة المعوزين إلى أرض الوطن، وعملنا على توفير الدعم لفائدة عائلات المهاجرين في بعض بلدان المغرب العربي و إفريقيا، وتوفير 1000 منحة سنوية لفائدة الطلبة المغاربة في وضعية مادية حرجة، إلى غير ذلك من البرامج. وفي ذات السياق، وجب أن نذكر بآلية المساعدة الاجتماعية التي قمنا بإنشائها هذا الصيف على مستوى التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية للمملكة ببعض الدول العربية و الإفريقية. كما لن أنسى التنويه بالجهد الاستثنائي الذي قدمته الدولة المغربية لإعادة الآلاف من المغاربة المقيمين في البلدان المتضررة جراء صراعات داخلية أو كوارث طبيعية ممن عبروا عن رغبتهم في العودة إلى المغرب. ولضمان تطبيق أفضل لبرامجنا في المجال الاجتماعي، وبدعم من شركائنا الفاعلين ، وضعنا برنامجا لتعزيز القدرات البشرية والمالية لفائدة جمعيات مغاربة العالم، وذلك لتمكينهم من دعم الفئات الضعيفة بشكل أكثر فاعلية، لا سيما النساء والقاصرين غير المرافقين، بالإضافة إلى مواكبة عمليات الدعم الرمزية لفائدة السجناء المغاربة بالخارج في المناسبات الدينية كعملية الإفطار في شهر رمضان الكريم. ماذا عن الجانب القانوني؟ على المستوى القانوني، لقد أحدثنا بمقر الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج خلية يقظة قانونية، تم تعزيزها بقاضيين متواجدين بمقر الوزارة، وتقوم هذه الخلية بالاستماع إلى مشاكل مواطنينا المقيمين بالخارج وتوجيههم والعمل على التدخل لحل بعض المشاكل العالقة. كما سهرنا الصيف الماضي على إنشاء شبكة المحامين المغاربة المتخصصين في قضايا الهجرة. ويكمن الدور الهام لهذه الشبكة في تطبيق الآلية الرامية إلى تعميم المساعدة القانونية والقضائية لفائدة أفراد الجالية المتضررين من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وقد تم الشروع في العمل بهذه الآلية شهر شتنبر الماضي عبر إبرام اتفاقيات سنوية مع مكاتب المحامين المؤهلين لتوجيه مغاربة العالم وتقديم الاستشارات القانونية لفائدتهم. وفي نفس السياق، قمنا بوضع نظام وبنيات خاصة لمعالجة الشكايات والتظلمات الموضوعة من قبل المغاربة المقيمين بالخارج، كما وقعنا اتفاقية مع مؤسسة ديوان المظالم (سابقا) لتتبع هذه الملفات. وقمنا بإنشاء، بعدة مدن مغربية، دور المغاربة المقيمين بالخارج لاستقبالهم وتوجيههم والمعالجة المحلية لمشاكلهم وكذا للتقرب من عائلاتهم، وتجدر الإشارة إلى أن دار المغاربة المقيمين بالخارج قد فتحت أبوابها بكل من بني ملال والناضور والدور المتبقية هي قيد الإنشاء. . وكلما سنحت الفرصة لذلك، نعمل على تحيين الاتفاقيات التي أبرمها المغرب مع دول الاستقبال، وذلك للحفاظ على حقوق مواطنينا أينما وجدوا.