?يقسم اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى ثلاث فئات هي: أ اللاجئون الفلسطينيون المسجلون: عددهم 425,640 شخصا وفق احصائية الأونروا الصادرة في 31/12/2009. وهذه المجموعة من اللاجئين مسجلة لدى الاونروا والسلطات اللبنانية، وتستفيد من خدمات الأونروا. ب اللاجئون الفلسطينيون غير المسجلين (non- registered) NR: لا يوجد في الوقت الحاضر رقم متفق عليه عالميا لعدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يفتقدون لاعتراف الأونروا، ولكن الاحصاءات التي تم جمعها من قبل المجلس الدانمركي للاجئينDanish Refugee Council (DRC) في تقريره الذي نشره في سنة 2005 اشار الى ان عددهم كان آنذاك 35,000. ولم يجر أي احصاء رسمي لهم بعد سنة 2005. ولا يشتمل تفويض الأونروا هؤلاء اللاجئين لانه يحتمل أنهم: - تركوا فلسطين بعد سنة 1948. - او تركوا فلسطين ولجؤوا الى مناطق خارج نطاق عمليات الأونروا. - او تركوا فلسطين في سنة 1948 لكنهم لم يكونوا في عوز وحاجة. وبالتالي فهم لا يتمتعون بخدمات الأونروا بشكل اساسي، لكن بدأت الأونروا بتقديم بعض الخدمات لغير المسجلين، كما انهم باتوا يحملون أوراقاً ثبوتية من السلطات اللبنانية، وجواز سفر يجدد كل سنة. ج اللاجئون الفاقدون للأوراق الثبوتية: ويبلغ عددهم ثلاثة آلاف شخص بحسب دراسة أجراها المجلس الدانمركي للاجئين في 2005، وهم ليسوا مسجلين لدى أي وكالة في لبنان او مؤسسة دولية، وليسوا حائزين على أي مستندات صالحة تعرّف عن وجودهم القانوني، وبالتالي فإنهم لا يستفيدون من مساعدة الأونروا، وهم يعانون من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، بسبب انعدام وجود أي مورد رزق ثابت، لعدم تمكنهم من العمل. والجدير بالذكر بأنه لا وجود لمعلومات احصائية للاجئين في لبنان مستندة الى مسوحات ديموغرافية شاملة، ولكن هناك معطيات جزئية وتقديرات عامة متباينة، وذلك نتيجة الافتقار الى احصاء حديث للمقيمين في لبنان من لبنانيين وغير لبنانيين، وبسبب الاختلاط السكاني الكبير بين الفلسطينيين واللبنانيين، وحصول عدد من الفلسطينيين على الجنسية اللبنانية قدرته الأونروا سنة 1987 ب30 ألف شخص. ويشكل مجموع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لسنة 2009 ما نسبته 8,9% من مجموع اللاجئين المسجلين في الأونروا في مناطق عمل الأونروا الخمس، منهم 53,2% أي 226,533 لاجئا يعيشون داخل المخيمات، وذلك بحسب الأرقام المنشورة لدى الأونروا في نيسان 2010. من جهة اخرى فإنه لا توجد معطيات احصائية كاملة بشأن الهجرة الكبيرة التي عرفها اللاجئون إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان في السنة 1982، وإثر وقوع مجازر صبرا وشاتيلا في ايلول من السنة نفسها، بالاضافة الى ما حدث من هجرات إثر حرب المخيمات في الفترة 19851987، بحيث تحولت الرغبة الفردية بالمغادرة الى غربة جماعية. وهناك من يرى ان الوجود الفلسطيني في لبنان يشكل تهديداً للتوازن الطائفي الحساس بين المسيحيين والمسلمين، فقد عكست تصريحات الحكومات اللبنانية المتفاوتة إشكالية تعداد اللاجئين الفلسطينيين بصورة دقيقة، نظراً للمشاكل الداخلية المرتبطة اصلا بالتعداد السكاني اللبناني، وما تثيره قضية الفلسطينيين في لبنان من حساسيات سياسية، الأمر الذي كان له اثره على وضعهم في لبنان. وقد لجأت أطراف لبنانية رسمية الى الزيادة في تقدير اعداد اللاجئين الفلسطينيين من اجل دعم موقفها المتمثل بعدم قدرة لبنان على استيعابهم، في حين ترغب ?إسرائيل? بالتخفيض من اعدادهم بهدف تهميش قضيتهم. حقوق اللاجئين في القانون والمواثيق الدولية إذا كانت مشكلة اللاجئين حول العالم قديمة، فإن العمل الدولي لصالح اللاجئين لم يبدأ إلا مع نهاية الحرب العالمية الأولى. ومع تطور طبيعة اللجوء عبر السنوات، تطور تعامل المجتمعات مع اللجوء الى قاعدة سلوكية حيث اكسبه القانون الدولي العام في القرن العشرين الصفة القانونية، ورتب عليه آثار، وفرض على اعضاء الأسرة الدولية التقيد بعدة واجبات تجاه اللاجئين. إلا ان هذا النظام تحول لاحقا من نظام مفتوح الى نظام قانوني مغلق، يستثني معه معظم لاجئي العالم، ولا سيما المنحدرين من العالم الثالث. وعلى هذا الصعيد كان تبني بروتوكول 1967، الذي أزال التحديدين الجغرافي والزمني عن معاهدة 1951، والتي تعد أول اتفاقية دولية تعنى بحل مشكلة اللاجئين. وعرّف معهد القانون الدولي العام سنة 1950 اللجوء بأنه الحماية التي تمنحها احدى الدول على أراضيها، او في أي مكان آخر خاضع لسلطتها لأحد الافراد طالب هذه الحماية. وبالمقابل، حافظ الاعلان العالمي لحقوق الإنسان على سلطة الدولة بمنح اللجوء وعلى حقها في مراقبة دخول الأشخاص الى اقليمها، وبالتالي في رفض او قبول طالبي اللجوء نظراً لما تتمتع به من سيادة في هذا المجال. ارتأى المجتمع الدولي، ولا سيما الدول العربية، استثناء اللاجئين الفلسطينيين من اتفاقية 1951، ومن نطاق عمل مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، في خطوة أرادت فيها الأسرة الدولية منح رعاية خاصة للاجئين الفلسطينيين، خوفاً من تهميش قضيتهم والتأثير سلبا على حقهم بالعودة الى ديارهم، وبهدف تحرير الدول المضيفة لهم من المسؤولية المباشرة تجاههم، ذلك ان الأممالمتحدة مسؤولة مباشرة عن حدوث أزمتهم نتيجة لقرار التقسيم، الذي سبق ان صدر عن الجمعية العامة سنة 1947، وعلى الرغم من هذا الاستثناء فإن معظم الدول العربية لم تنضم الى اتفاقية 1951. ويذكر ان معاهدة 1951 تضمنت بندا ينص على ما يلي: ?إذا ما توقفت لأي سبب مثل هذه الحماية او المساعدة ودون ان يكون وضع هؤلاء الاشخاص قد سوّي نهائيا وفقا لقرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالموضوع فإنهم يستفيدون حتما من أحكام هذه الاتفاقية. وفي هذا المجال، اكدت المحكمة الفيدرالية الادارية الألمانية في قرارها المؤرخ في 4/6/1991 انه اذا توقفت الأونروا لسبب من الاسباب عن تقديم الحماية او المساعدة للاجئين الفلسطينيين فإن هؤلاء يعتبرون مشمولين حكما بإطار اتفاقية 1951. وكان المجلس الأوروبي قد ميّز بين اللاجئ الفلسطيني غير القادر على العودة الى احدى المناطق الواقعة ضمن نطاق عمل الأونروا، وبين اللاجئ الفلسطيني الذي يخرج بإرادته من احدى الدول المشمولة بصلاحيات الأونروا، حيث يقتضي اخضاع الاول بصورة آلية الى معاهدة 1951، وعدم اخضاع الثاني للمعاهدة المذكورة، إلا اذا توفرت فيه الشروط الموضوعية والذاتية لتعريف اللاجئ بموجب هذه المعاهدة. والى جانب الحماية التي تقدمها الأونروا للاجئ الفلسطيني، فإنه يستمد هذه الحماية أيضا من مصادر اخرى كالقانون الدولي الإنساني، ومعاهدة جنيف الرابعة، التي وقعت عليها ?إسرائيل? ولكنها رفضت تنفيذها، حيث تنص احدى موادها على انه ?يحظر النقل الجبري الجماعي او الفردي للاشخاص المحميين، او نفيهم من الأراضي المحتلة الى أراضي دولة الاحتلال، او الى أراضي أي دولة اخرى، محتلة او غير محتلة، أياً كانت دواعيه?. حق العودة: إن معاهدة 1951 لم تتطرق الى حق العودة إلا بالمعنى السلبي، من خلال حظر طرد اللاجئ، لكن القواعد الدولية التي ترعى اللجوء غالبا ما توفر ثلاثة حلول لقضايا اللاجئين: العودة، اعادة التوطين في بلد ثالث، والدمج في بلد اللجوء، إلا ان الممارسات الدولية قد شجعت في كثير من الأحيان على الدمج واعادة التوطين. فخضوع اللاجئ لمعاهدة 1951، او شموله بصلاحية مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، يشجع على تجنيس هذا اللاجئ او دمجه في دول اللجوء على الرغم من قيام المفوضية المذكورة منذ تأسيسها، وبالتعاون مع الحكومات المعنية، بإعادة كثير من اللاجئين الى أوطانهم. كان المجلس الأوروبي قد ميّز بين اللاجئ الفلسطيني غير القادر على العودة الى احدى المناطق الواقعة ضمن نطاق عمل الأونروا، وبين اللاجئ الفلسطيني الذي يخرج بإرادته من احدى الدول المشمولة بصلاحيات الأونروا وينص الاعلان العالمي لحقوق وواجبات الإنسان وواجباته في مادته الثالثة عشرة على ان ?لكل شخص الحق في حرية الحركة والعيش داخل حدود أية دولة? و»لكل شخص الحق في العودة الى بلده?، كما تأكد هذا الحق في المادة 12 للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأكد اعلان القاهرة حول حماية اللاجئين والنازحين الذي أقر في سنة 1992 على حق الأفراد بالمغادرة والعودة الى الوطن، كما اكد في المادة 9 منه على حق الفلسطينيين بالعودة الى فلسطين. ويذكر ان فقدان الفرد لجنسيته سواء بالأمر الواقع او بصورة قانونية لا يعني فقدان حقه بالعودة، وهذا ما اكده القانون الدولي للجوء، حيث دعت اللجنة التنفيذية المنبثقة عن مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين الحكومات الى تأمين مستندات السفر الضرورية للاجئين العائدين، وفي حال فقدان اللاجئ لجنسيته، العمل على اعادتها له بما يتوافق مع القوانين المحلية باعتبار ان العائد لم يفقد روابطه مع بلده الأصلي، بل يصار من خلال عودته الى تنظيم علاقته السابقة مع دولة الأصل. وتعد الفقرة 11 من القرار 194 الذي أقر في كانون الأول 1948، أكثر النصوص مباشرة في القانون الدولي فيما يتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، إذ تنص على »وجوب السماح للفلسطينيين الراغبين في العودة الى منازلهم والعيش بسلام مع جيرانهم بالعودة في أقرب وقت عملي يسمح بذلك...«. واكتسب هذا القرار قوة الإجماع الدولي الذي حظي به من الدول كافة، بما فيها الولاياتالمتحدة الأميركية، إلا أن »إسرائيل« تعترض شرعية هذا القرار لأن قبولها بهذا الحق، يعني تحملها مسؤولية وجود اللاجئين الفلسطينيين، في حين أنها تدعي بأن الدول العربية مسؤولة عن وجود مشكلة اللاجئين، لأنها طلبت من الفلسطينيين إخلاء فلسطين لتحريرها من الصهاينة. وإذا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طرحت في عدة قرارات صادرة عنها، ومنها القرار رقم 513 في 26/1/1952. خيار إعادة التوطين كبديل عملي عن تطبيق حق العودة، فإنها قد اشترطت عدم المساس بالخيار المعطى للاجئين بالعودة الى ديارهم كما هو وارد في القرار رقم 194. وفي 22/11/1974 صدر القرار 3236 الذي يعدّ من أهم قرارات الأممالمتحدة فيما يخص حق العودة، حيث أكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى حقهم بالعودة الى ديارهم، وأملاكهم التي اقتلعوا منها. ويتميز القرار رقم 3236 عن القرار 194 بأنه وصف حق عودة الفلسطينيين بأنه حق غير قابل للتصرف، أي أنه غير قابل للتنازل او وضع حد له. ومع أن القرارات التي تصدرها الجمعية العامة تتخذ، في معظمها طابع التوصية التي لا تتمتع في حد ذاتها بقوة ملزمة، إلا أن هذه التوصية تكتسب صفة الإلزام إذا توافرت فيها ثلاثة شروط: »الحصول على نسبة كبيرة من الأصوات، تكرار تأكيد مضمونها في قرارات لاحقة، وتمثيلها لإرادة مختلف المجموعات الدولية الفاعلة«، أو إذا صدرت »بموافقة الغالبية العظمى من أعضاء الأممالمتحدة، ولا سيما منهم الدول المخاطبة أساساً في التوصية«، او »عندما تكون هذه التوصية كاشفة عن قاعدة قانونية ترتب التزاماً دولياً وأمراً في مواجهة الجماعة الدولية قاطبة«. يذكر أن »إسرائيل« كانت قد التزمت بإعادة اللاجئين الى ديارهم بموجب قرار التقسيم رقم 181 الذي كفل حق السكان بمغادرة ديارهم والعودة إليها متى شاؤوا. حق التعويض: إن القرار 194 لم يقتصر على التأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنما تضمن أيضاً التأكيد على حق التعويض للذين يقررون عدم العودة، حيث ورد »وجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة عن كل فقدان او مصاب بضرر يصيب الممتلكات ويتعين بمقتضى مبادئ القانون الدولي على الحكومات والسلطات المسؤولة التعويض عنه«، وهو ما يعرف بالمسؤولية الدولية. كما ورد في إعلان لاهاي رقم 4 لسنة 1907 وفي الجزء الأول من مسودة القرار الذي تبنته لجنة القانون الدولي المتعلق بمسؤوليات الدول ما مفاده أن »أي خطأ دولي ترتكبته دولة ما يوجب عليها المسؤولية الدولية«. وتضمن إعلان حول تعويض اللاجئين الناجم عن المؤتمر 65 الذي انعقد في القاهرة سنة 1992، مجموعة من المبادئ الرامية الى تسهيل هذا الأمر على الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم في وطنهم وغير القادرين على العودة. تقرير المصير: إن ميثاق الأممالمتحدة يشير صراحة الى مبدأ حق تقرير المصير كمقصد من مقاصد الأممالمتحدة مباشرة بعد حفظ السلم والأمن الدوليين، حيث تنص الفقرة 2 من المادة الأولى من الميثاق على: »إنماء العلاقات الودية بين الأممالمتحدة على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها (حق) تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام«. وكذلك أكد القرار رقم 2625 الذي صدر في 24/10/1970 على حق تقرير المصير حيث نص على أنه »وبحكم مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب، المكرس في ميثاق الأممالمتحدة، فإن لجميع الشعوب الحق في أن تقرر بحرية، ودون أي تدخل خارجي، مركزها السياسي وأن تسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى كل الدول واجب احترام هذا الحق وفقاً لأحكام الميثاق«. ويعد قرار التقسيم رقم 181 أول تحديد قانوني او اعتراف مباشر من قبل الأممالمتحدة بالحق الوطني الفلسطيني بتقرير مصيرهم. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعادت وأكدت على مبدأ تقرير المصير في البند الخامس من القرار رقم 2649 الصادر في 30/11/1970 حيث ينص على »أن الأسرة الدولية تعبّر عن قلقها من استمرار الاحتلال الأجنبي وحرمان الشعوب من حق تقرير مصيرها، ولا سيما شعبي فلسطين وجنوب إفريقيا«. ولم تكتف الأممالمتحدة بالاعتراف القانوني للشعب الفلسطيني إنما كرست هذا الأمر من خلال اختيار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وبذلك تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قامت بخطوات مهمة من أجل تكريس الاعتراف العالمي بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا سيما حق تقرير المصير، وربطت بين هذا الحق وحق العودة، حيث أكدت أكثر من مرة على أن احترام وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف هي مسألة أساسية من أجل تحقيق سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط، وان تمتّع اللاجئين العرب والفلسطينيين بحقهم في العودة الى ديارهم وأملاكهم أمر ضروري ليستطيع الشعب الفلسطيني ممارسة حقه في تقرير المصير. * أنظر: مركز الزيتونة، »إشكالية إعطاء اللاجئىن الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية«، بيروت:2011