هلْ يملكُ ثعبانٌ غيرَ السّمّ؟ هيهات أن تُطربَ المواويلُ تمساحا، والماءُ نداءٌ يذبحُهُ الجوعُ الأبديُّ ويختم تابوتَه البهتانْ. على رِسْلكِ يا خطواتْ فما لكِ إلا الأمامُ أو الأمامُ للوراءِ تتراجعُ أسلاكُه الشائكة لعلّهُ يزهرُ خاتمةً لفروسية الثعبانْ وفاتحةً لاخضلالِ عُشبةٍ آتيةٍ من بحر الظّلماتِ أو من عَرَقِ البيداءِ إلى غديرٍ هادئٍ يسرحُ في رمادٍ يرسُمُ تلويحةَ الزّمن الفتّانْ... منذا الذي لا ينبشُ الصّخرَ بحثاً عن حفنةٍ من الحقيقة على ضوء شموع هيباثيا؟ لكن، منْ يتذكرُ اسماً واحداً من أسماء كتيبةٍ من الرهبانِ كفروا بالنّاسوتِ وهاجروا في سرّهمْ إلى تخوم الظلموت؟ جميعاً نردّدُ الأغاني الغَجريّةَ حينما يترنّمُ لوركا بغوايتِهِ، لكنْ من منّا يعرفُ الجزمةَ التي سحقتْ فراسةَ الفراشاتِ في غرناطة؟ والآن، وقد اختارتْ نرفانا المهديِّ مداراتِ الأبديّةْ، أيُّ قبرٍ يتّسعُ لمجرّاتِهِ مثلما يتّسعُ للحثالة المستنقعُ؟ وها هي الشّمْسُ كلّما فتحَتْ نوافذَها وحدّقتْ في وجهها المنكسِرِ على مرآة بحيرةٍ مقرورةٍ تشرَبُ قهوتَها، يعترفُ زيتونُها وأرْزُها وتينُها بأنّه غنّى لها ذاتَ دمٍ أغنيةً رقيقةً كغمزاتِ القمرِ، فتنحني للمطلقِ السّابحِ في أفلاكِهِ القِممُ تهديهِ كلّ مغربٍ ريحانةً صغيرة... لكن، هل يتذكّرُ لقلاقٌ في تمارةَ رائحةَ الآسيدْ؟ أو تتذكّرُ ببغاءُ في مقهى مرتابٍ في الحيّ اللاتينيّ أنيابَ نعشٍ مفتوحٍ لفقس النواحْ: تقاريرَ المخبرينَ عن تواطؤ الضّياء والظّلالِ على الإخلالِ بالحياء العامّ، رطوبةَ السّراديبِ المقفرةِ الكسيرة عقاربُها تتنابزُ في نظّاراتِ المافيا السّوداء... من يتذكّرُ هستيريا الجلاد ترعدُ وتزبدُ خلف الشموع حين انثلمتْ مديتُهُ الفضّيّةُ على جناح القبّرة تنطّ جذلى بانبعاثِ وردةٍ تهشّمتْ في المقبرة؟ بل من يتذكّرُ حتى إشفاقاً كيف انتثرتْ كأوراق الخريفِ في الرّصيفِ المخيفِ أفراخُه الضّالةُ بين الخمّ والشتاتِ وانكسرتْ على نياشينَ بحجمِ قنابلهِ المسيلةِ للدّموع صهلتُهُ الحقيرة؟ إفرانمكناس، مارس 2011 مقطع من نص طويل بنفس العنوان