بعبارة «في أمان الله» التي كان يختتم بها برنامجه السياسي «حوار مفتوح» على قناة «الجزيرة» ودّع الزميل غسان بن جدو مكتب «الجزيرة» في بيروت، بعد استكمال الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاستقالة، التي تقدّم بها مؤخراً الى إدارة القناة ولم يكن الوداع سهلاً بل مؤثراً مع الزملاء لم يخل من الدموع ومن باقات الورد والدعاء بالتوفيق. وقد حمل بن جدو حقيبته السوداء التي اختزنت أياماً بيضاء قضاها في رحاب القناة القطرية، رغم مشقة المهنة، ومرارة الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ سنوات. غادر بن جدو المكتب وابتسامته ترافقه، وبدا أنه لم يغادر القناة فحسب، بل غادر المهنة حالياً الى مجال استثماري بعيداً عن الإعلام، إذ أعلن أنه سيتوجه الى افتتاح سلسلة من المقاهي في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله والتي وصفها «بضاحية العز والصمود والشرف». وقال «لا أستثمر أي قرش الا في الضاحية الجنوبية. سأبدأ مشروعي من هناك، وربما امتدّ خارجها. فأنا رب عائلة. أحتاج لأن أؤمن لقمة عيش لأولادي بشكل منظم وثابت». واللافت أن غسان بن جدو لم يسافر الى الدوحة لمناقشة موضوع استقالته مع ادارة القناة القطرية بل حضر وفد من الدوحة الى بيروت بعدما تبيّن أن قرار الاستقالة نهائي فتمّ قبولها باحترام، واتفق الجانبان على إنهاء العلاقة المهنية التي دامت لسنوات، في إطار اللياقة والتقدير المتبادل، كما اتفقا على إنهاء الترتيبات القانونية والمالية والإدارية. وتعاهد بن جدو مع الادارة على حفظ اسرار المهنة والقناة، وقال «لن أغادر الجزيرة إلا كما دخلت اليها في كنف الاحترام، ولا أرى نفسي في أي وسيلة اعلامية في المدى المنظور». غير أن بن جدو لم يقفل الباب امام عودته الى مهنة المتاعب في وقت لاحق، وهو كشف عن تلقّيه بعد استقالته أكثر من عرض من قبل وسائل إعلام عربية وأجنبية ولكنها لم تكن محددة وتفصيلية›. وحول الكلام المتداول حول إمكانية استلامه منصباً رسمياً في تونس، يأسف بن جدو لمثل هذا الطرح ‹غير الصحيح بتاتاً›، ويقول «ليس في نيتي الآن على الإطلاق تولي أي موقع سياسي رسمي في تونس. هناك انتخابات المجلس الوطني التأسيسي قريباً، وهي مهمة جداً بالنسبة الينا، لأن المجلس المنتخب سيوكل اليه وضع نظام سياسي جديد لتونس ما بعد الثورة.. أنا معني بها كصاحب رأي وخيار سياسي، وسأشارك فيها كمنتخب وناشط، وليس كمرشح». ورداً على سؤال حول موقفه من الأحداث في سورية يعلق بقوله: «أنا مع حق الشعب السوري في التظاهر، ولكنني أيضاً مع الموقف القومي لسورية. فاستهداف سورية يعني استهدافاً للمقاومة. وأتمنى أن تهدأ الأمور، وتطبق الإصلاحات ويبدأ حوار داخلي جدي، بما يعود خيراً على الشعب والمعارضة والسلطة معاً». وكان بن جدو بدأ العمل في قناة ‹الجزيرة› في الاول من نيسان (ابريل) عام 1998، وتولى تغطية أخطر المراحل التي مرّ بها الشعبان الفلسطيني واللبناني، اثناء توالي الحروب الإسرائيلية على غزة وغيرها من المدن الفلسطينية، و›عدوان تموز› على لبنان. وقدّم بن جدو استقالته احتجاجاً على طريقة تغطية ‹الجزيرة› الاحداث في سورية وما اعتبره إنهاء الجزيرة ‹حلماً كاملاً من المهنية والموضوعية، بعدما خرجت عن كونها وسيلة إعلام، وتحوّلت إلى غرفة عمليات للتحريض والتعبئة›. من ناحية اخرى نفى الزميل فيصل القاسم مقدم برنامج «الاتجاه المعاكس» الشهير في قناة ‹الجزيرة› انباء جرى نشرها على بعض المواقع الاليكترونية في سورية تفيد بتقديمه استقالته من القناة. واكد الدكتور القاسم في اتصال مع «القدس العربي» انه باق في الجزيرة وانه سيستأنف تقديم برنامجه مجدداً في الاسابيع المقبلة، والمح الى تعرضه لضغوط ومغريات كثيرة لتقديم استقالته، ولكنه لم يحدد مصدر هذه الضغوط، ولا طبيعة العروض المغرية التي تلقاها.